في أجواء مختلفة تماماً عن تشييع الجنرال الإيراني قاسم سليماني قبل عام تقريباً، شيّع الإيرانيون في مدينتي قم ومشهد، أمس، العالم النووي العسكري الإيراني، محسن فخري زاده، الذي اغتيل الجمعة الماضي بعملية أمنية معقدة اتهمت طهران إسرائيل بالوقوف وراءها بالتنسيق مع الولايات المتحدة، على أن تجرى مراسم الدفن اليوم في طهران.لكن السؤال المزدوج الذي يشغل بال المراقبين هو كيف سترد إيران على الصفعة الأمنية التي تلقتها؟ وما التداعيات المتوقعة لهذه التطورات على السياسة التي سيتبعها الرئيس الأميركي المنتخب مع طهران؟
وفي مؤشر إلى طبيعة الرد الإيراني، قال كمال خرازي كبير مستشاري المرشد الأعلى علي خامنئي، أمس، إن طهران سترد رداً «محسوباً وحاسماً»، في وقت اقترحت صحيفة «كيهان» المتشددة أن يشمل انتقام إيران قصف مدينة حيفا الساحلية شمال إسرائيل وإسقاط أكبر عدد من المدنيين.في المقابل، رأى محللون أن اغتيال زاده، رئيس مركز الأبحاث والتكنولوجيا والابتكار لدى وزارة الدفاع الإيرانية، قد يزيد احتمالية توصل طهران إلى اتفاق مع الإدارة الأميركية الجديدة.وقال مدير «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات» مارك دوبويتز: «لا يزال هناك نحو شهرين قبل تولي جو بايدن السلطة»، مما يعني أن لدى «الولايات المتحدة وإسرائيل الكثير من الوقت لإلحاق أضرار شديدة بالنظام في إيران وتوفير أوراق ضغط لإدارة بايدن».
أما صحيفة «واشنطن بوست»، فقد لفتت في مقال إلى أن جولة سابقة من عمليات قتل العلماء النوويين الإيرانيين جرت بين عامي 2010 و2012 ساعدت في جعل الحل الدبلوماسي أكثر احتمالاً، وأنتجت اختراقاً دبلوماسياً لإدارة باراك أوباما عام 2015 تمثل في الاتفاق النووي.وكما كان متوقعاً، وفي رد فعل أولي بدأت طهران تظهر تشدداً نووياً، فقد عقد مجلس الشورى (البرلمان) أمس جلسة مغلقة حضرها وزير الاستخبارات محمود علوي لبحث «التحقيق في الاغتيال». وأقر النواب مشروع قانون من 9 بنود يفرض على الحكومة التحرر من قيود الاتفاق النووي رداً على الاغتيال.إلى ذلك، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية عن مسؤول في جهاز الاستخبارات الإسرائيلية، قوله بشأن اغتيال فخري زاده: «على العالم أن يشكرنا»، في حين انضم وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسيعيدي إلى قطر وتركيا في تعزية طهران وإدانة العملية.ورغم أن الجيش الإسرائيلي لم يعلن إجراءات تأهب جديدة بعد الهجوم الذي وقع الجمعة، فإنه كان بالأساس في حالة استنفار على الحدود الشمالية بعد أسبوع طويل من عمليات القصف في سورية. ومساء أمس الأول، ظهرت جاهزية الجيش الإسرائيلي على أعلى مستوى بعد أن حاول سودانيان التسلل عبر الحدود اللبنانية.وزار رئيس الأركان الإسرائيلي، أمس، الحدود الشمالية مع سورية، وقال إن بلاده ستواصل «استعمال القوة لمنع التموضع الإيراني في سورية»، مؤكداً استعداد الجيش لصد أي هجوم.