عرس أم معركة انتخابية ولم يبق إلا الاعتراف
![أ.د. غانم النجار](https://www.aljarida.com/uploads/authors/30_1682522974.jpg)
أما المعركة الانتخابية بذاتها فلا جديد فيها، ولا غائب عنها إلا الشاورما، كما أن المعركة الانتخابية ليست تاريخية، وليست مفصلية، مع تقديرنا لوجود مرشحات ومرشحين مؤهلين وذوي كفاءة أو من الشباب الواعد، إلا أن ما هو أهم من المعركة الانتخابية معركتان أكثر أهمية، الأولى معركة الإصلاح الجاد، الذي لن يتم إلا بتعاون السلطتين، وتعزيز الرقابة الشعبية، ولا يبدو أن ذلك سيتم دون إقرار حكومي بالخلل، وتعهد حقيقي بالالتزام بالدستور، فعبر 58 عاماً أثبتت الحكومة أنها غير معنية بالدستور ومبادئه، ولا بالحريات، ولا بمكافحة الفساد، ولا بالتنمية، ولا بالتعليم، ولا بالاقتصاد، وغير ذلك كثير. إن الإصلاح الحقيقي يتطلب الاعتراف بالخلل والخطأ، وعدم العودة إلى ذات الممارسات التي جففت الزرع والضرع.في صيف 1976، وفي ختام دور الانعقاد العادي لمجلس الأمة، وقف نائب رئيس الوزراء حينها الشيخ جابر العلي، رحمه الله، ليمتدح تعاون مجلس الأمة مع الحكومة، فما ان انفض الجمع، وذهب كل نائب إلى بيته، وقبل أن تغمض العيون، صدر أمر أميري بحل المجلس، مع اتهامه بالثبور وعظائم الأمور، فكان كلام الحكومة مرسلاً، أو على عواهنه. فلن يتم إصلاح إلا من خلال تعهد علني بعدم العودة إلى ذلك السلوك، الذي أحدث حالة عدم استقرار مزمنة.أما المعركة الثانية، وهي جزئياً نتيجة لسابقتها، فهي كيفية استعادة ثقة الناس في العملية السياسية برمتها، سواء في الحكومة أو المجلس. من الواضح أن ممارسات الحكومة والمجلس بدرجة أقل قد أسهمت في تراجع معدلات الثقة بالحكومة، لدرجة أنه لم يعد الحديث عن الإنجازات مقبولاً حتى لو كان حقيقياً، بل ما إن يحدث إنجاز إلا ترى الناس تشكك فيه، وتبحث عن مثالبه.المعركة القادمة إذاً ليست معركة الصناديق والاقتراع، فهي مسألة تقليدية، ولا جديد فيها، فالمعركتان الأساسيتان هما معركة الإصلاح الجاد، واستعادة الثقة، عدا ذلك فإننا سنظل نقرع الطبول، ونبقبق كالفقمات، ونشعل النيران، وندور حولها، تارة ذات اليمين، وتارة ذات اليسار.