ما خطة كوريا الشمالية المقبلة بعد رحيل ترامب؟
تلتزم كوريا الشمالية الصمت على غير عادة بشأن نتيجة الانتخابات الأميركية الرئاسية، فلن يكون توسّع الارتباك في بيونغ يانغ مفاجئاً لأن الرئيس دونالد ترامب لم يتنازل عن منصبه بعد وسيشعر النظام هناك بخيبة أمل بعد هزيمته على الأرجح، وفي النهاية، تعتبر كوريا الشمالية الولايات المتحدة مرادفة لدونالد ترامب، فهو تعامل مع كيم جونغ أون كزعيم بلد عادي واجتمع معه ثلاث مرات: إنه إنجاز لم يحققه والد كيم ولا جدّه، ربما يتمنى كيم أن تكون مزاعم ترامب غير المثبتة حول تزوير الانتخابات صحيحة.بغض النظر عن الأسباب، قد تنتظر بيونغ يانغ بعض الوقت قبل إعلان نتيجة الانتخابات النهائية محلياً واتخاذ خطوتها المقبلة، لكن حين تصبح كوريا الشمالية مستعدة، ستحصل على خيارات عدة لتحديد طبيعة وتوقيت تحركها الاستفزازي المقبل؛ لذا يجب أن تستعد إدارة بايدن المرتقبة للتعامل مع تلك الاستفزازات وتُحدّد الطريقة المناسبة لمعالجة الشرخ القائم في التحالف الأميركي الكوري الجنوبي، إذ من المتوقع أن يستمر هذا الخلل بعد نهاية عهد ترامب ويؤثر في المشكلة النووية. قد تقرر بيونغ يانغ في المرحلة المقبلة أن تتابع اختبار الصواريخ القصيرة المدى، بما في ذلك الصواريخ البالستية التي تنطلق من الغواصات، أو تحاول إطلاق قمر اصطناعي في المدار المناسب، أو تستعرض غواصة مسلّحة بصاروخ بالستي ذي رؤوس نووية أو حتى غواصة عاملة بالطاقة النووية. تهدف هذه التحركات المحتملة إلى إثبات قدرة غواصات بيونغ يانغ على إطلاق الصواريخ نحو مسافات أبعد أو من مواقع بحرية متنوعة وغير مسبوقة واحتمال أن تقطع مسافات طويلة من دون رصدها، حتى أنها قد تقترب من الأراضي الأميركية، كذلك، قد يتوقف اختيار كوريا الشمالية للأسلحة على نظرتها إلى مواقف إدارة بايدن المرتقبة وسياسة التعامل معها، أو قد تُحدد الأضرار التي يتحمّلها النظام أو مستوى المسّ بكرامة كيم جونغ أون حجم الاستفزاز المقبل.
على الصين وروسيا وكوريا الجنوبية واليابان والاتحاد الأوروبي وأي شركاء آخرين أن يمنعوا بيونغ يانغ من اختبار الأسلحة ويراقبوا الوضع بحذر في حين يملأ بايدن المناصب الأساسية في إدارته ويوضح سياسته العامة. من الضروري أيضاً أن يعود الطرفان إلى طاولة المفاوضات من دون أي شروط مسبقة، ويجب أن يرسل كل بلد مبعوثين يتمتعون بالكفاءة اللازمة لخوض المفاوضات بالشكل المناسب. لكن قد يكون فيروس كورونا المستجد أول سبب وراء عدم اهتمام بيونغ يانغ بإقامة حوار مباشر، لا سيما وسط انتشار أنباء عن ارتفاع معدل الإصابات في الولايات المتحدة بدرجة تبدو مرعبة من منظور آسيا، إذ تتعامل كوريا الشمالية تحديداً بجدّية فائقة مع مسألة الفيروس نظراً إلى هشاشة نظام الرعاية الصحية فيها، إذ يمكن اعتبار فيروس كورونا إذاً أكبر تهديد على صمود البلد اليوم، مما يعني أن الجهود الدبلوماسية في الملف النووي قد تتأجل لسنة أخرى.فيما يخص المصاعب التي يواجهها التحالف بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، يجب أن تجري سيئول وواشنطن مشاورات صادقة منذ اليوم الأول للإدارة الجديدة لتجنب أي مفاجآت ومطبّات غير متوقعة، كذلك يُفترض أن ينسّق الطرفان سياساتهما عن قرب للتحفيز على نزع الأسلحة النووية ومنع كوريا الشمالية من تأجيج الخلافات بينهما وكبح تكتيكات الابتزاز التي تستعملها. إذا لم يحصل هذا النوع من التنسيق، فستبدأ أولى مراحل التحالف بين بايدن ورئيس كوريا الجنوبية مون جاي إن بطريقة شائبة تزامناً مع الكشف علناً عن الخلافات المرتبطة بتفاصيل المنهجيات المعتمدة والجداول الزمنية وخطوات نزع الأسلحة النووية وإرساء السلام. يجب أن يحاول الحلفاء والشركاء الإقليميون إيجاد حلول مبتكرة معاً، لكن من الضروري أيضاً أن يشاركوا في مفاوضات مبدئية ترتكز على صفقات متكافئة وخريطة طريق واضحة لنزع الأسلحة النووية وتحقيق السلام.