د. حبيب غلوم : مهرجانات السينما الإماراتية أُلغيت بسبب سوء التخطيط والتبذير
«لن تقوم للمسرح قائمة إن لم يكن ضمن أجندة الدولة السنوية»
«الجريدة» هاتفت الفنان غلوم، للحديث عن أحدث مشاريعه، إضافة إلى حال المسرح راهناً، وفيما يلي التفاصيل:
• ما نشاطك الفني وأحدث أعمالك في ظل أجواء «كورونا»؟
- كنت قد اتفقت مع الفنانة حياة الفهد على المشاركة في مسلسل «عرش الطاووس»، لكن العمل تأجل تصويره، بسبب صعوبة السفر والتنقل من مكان لآخر ضمن هذه الأجواء، كما أن فريق العمل اتفق على تصوير تفاصيل العمل في أذربيجان، كما أشارك في عمل درامي آخر من إخراج أحمد المقلة.وبالنسبة للمسرح، لديَّ أكثر من مشروع، لكن الجائحة أثرت علينا بشكل كبير، وقريبا سنعلن هذه المشاريع، وتوليت أخيرا رئاسة تحكيم مهرجان الشارقة المسرحي للجامعات على مستوى الوطن العربي.
• فكرت في الاستقرار بالكويت، لازدهار الفن فيها، هل مازلت تفكر، أم تراجعت عن الفكرة؟
- قضية انتقالي إلى الكويت أمنية كانت ولا تزال موجودة، وخاصة بعدما طلبت إحالتي للتقاعد بعد 32 عاما من العمل في وزارة الثقافة بالإمارات، لكي أتفرغ للإنتاج والعمل الفني. وحقيقة كان هناك تراجع للإنتاج الدرامي في الإمارات، وتحدثت في ذلك، وانتبه المسؤولون، ونشطت حركة الإنتاج الدرامي نسبيا، وتم تقديم مجموعة أعمال، فقدمت مسلسل «الشهد المُر»، ونال استحسان الجمهور.• هل هذا يعني أنك ترى أن مستوى الفن متراجع في الإمارات، أم في الخليج بشكل عام؟
- مستوى الفن متراجع عربيا، باستثناء مصر، وهذا واقع لا مهرب منه. هناك نقلة فنية في مصر، بسبب الزخم الشبابي المتدفق، والتفوق واضح في الدراما المصرية كل عام.• ما أحلامك بالنسبة للمسرح؟
- المسرح تخصصي. أنا الوحيد في الإمارات الحاصل على الدكتوراه في المسرح كدراسات عليا، ونحاول تقديم الأفضل، ونشجع الشباب على العمل في مجال المسرح، وخاصة أن في الإمارات من يرعى المسرح، وهو الشيخ د. سلطان القاسمي، حاكم الشارقة، فهو الداعم الأول للمسرح، ونحاول أن نكون عند حُسن ظنه، وندعم المسرح بإدخال دماء جديدة، لكي يستمر العطاء.• عشت مع المسرح الكويتي وتابعته، كيف تقيمه، وكيف تصف معاناة المسرحيين في الكويت والخليج عموما؟
- أنا كنت في المسرح بالكويت أثناء دراستي في الفترة من 1983 إلى 1987، وكان المسرح في أوج عطائه، ثم حصلت انتكاسة، وهذا واقع، فوسائل التواصل والتكنولوجيا أخذت الكثير من جمهور المسرح، ومعاناة المسرحيين تتمثل في الدعم الحكومي المهم، سواء في الكويت أو الإمارات، أو أي مكان نحاول نحن كفنانين أن ندعم المسرح بوجودنا، بحيث لا يأخذنا التلفزيون أو السينما، لأن الدعم المادي وحده غير كافٍ، لأنه من الممكن أن يأتي مَن هم ليسوا أهلاً للمسرح، ويقتحموه ويبددوا الميزانية والدعم في أشياء لا طائل منها، ولا تخدم الحركة المسرحية، وهذا هو حال كل المسارح بالوطن العربي. نتمنى أن تكون هناك حركة تصحيحية للمسرح، وأن يكون هناك دعم من الحكومات الخليجية، فلن تقوم قائمة للمسرح طالما أن الحكومات العربية لا تضعه والثقافة ضمن أجندتها السنوية، وتعيِّن أناسا أصحاب ثقة وتخصص في المجال المسرحي للنهوض به.• حصلت على الدكتوراه في الأدب المسرحي والماجستير في الإخراج، هل الفنان لا ينجح ويتميز إلا بالدراسة؟ أم أن الموهبة قد تفوق الكثير من الدارسين؟
- الموهبة هي الأساس، والدراسة والثقافة مكملتان وموهبتان للفنان لكي يقف على أرض صلبة، والدارسون في الإمارات قلة، لا يتعدون أصابع اليدين، لكن المواهب كثيرة، وقد تتفوق حتى على الدارسين.• شهدت الإمارات انتعاشة سينمائية من خلال المهرجانات، لكن سرعان ما ذهب هذا البريق، هل هو سوء تخطيط أم قلة الدعم؟
- بالفعل السينما تراجعت، ومهرجاناتنا أُلغيت دون الرجوع لأحد. مهرجان دبي السينمائي أو الخليج السينمائي أو أبوظبي أو أفلام من الإمارات هذه أربعة مهرجانات ذهبت إلى زوايا النسيان، ولم يبقَ لنا سوى مهرجان سينما الطفل في الشارقة، بسبب دعم حاكمها الشيخ سلطان القاسمي.• وما الأسباب من وجهة نظرك؟
- سوء التخطيط، والتبذير بشكل مبالغ فيه، والتداخل في الاختصاصات، ووجود أكثر من قيادة، ولم تعمل هذه المهرجانات على فكرة الاستثمار. كان هناك إنفاق كبير جدا دون وجود عوائد، ما دفع المسؤولين في النهاية إلى إيقافها كلها.• أسست مسرح رأس الخيمة، وكنت الأمين العام لجمعية المسرحيين، ألا ترى أن دورهما لم يعد ملموسا بشكل واضح؟
- أنا من المؤسسين لمسرح رأس الخيمة، وقبلي أناس أسسوا بشكل صحيح، ثم جئنا بمنهجية كبيرة، وأسسنا مرحلة متقدمة في الإمارات، وأنا كنت ومازلت الأمين العام لجمعية المسرحيين لأكثر من 14 سنة، ونحاول تقديم المسرح المتميز، لكن تراجع المسرح بالأساس يؤثر سلبا علينا، فنحن كجمعية لا نستطيع أن ننفرد أو نقدم شيئا خياليا، فهناك تقصير من وزارة الثقافة تجاه المسرح والمسرحيين، وهذه كلها أسباب تؤدي إلى عرقلة أدائنا في المسرح.• الحركة المسرحية في الإمارات متعثرة، والشارقة تنقذ ماء الوجه، أين المسرح في باقي الإمارات؟
- الشارقة تمثل نسبة بسيطة. أما باقي أرض الإمارات، فهي خاوية من الثقافة والفنون، ونسأل الجهات المعنية: لماذا الثقافة والفنون غائبة عن مجمل إمارات الدولة عدا الشارقة؟• الأعمال الدرامية في الإمارات قليلة، مقارنة بالإمكانات الظاهرة، لماذا؟
- هذا الكلام صحيح. كان هناك إنتاج في تلفزيون الشارقة ودبي اختفى تدريجيا، لكن نعزو السبب دائما إلى عدم توافر الموازنات، وتبقى شركة أبوظبي للإعلام هي التي تدعم المنتجين الإماراتيين.• كثير من الفنانين يشكون عدم الوفاء في الوسط الفني، هل عدم الوفاء أصبح ظاهرة؟
- عدم الوفاء يأتي من عدم اهتمام المؤسسات. لا يوجد تشريع ملزم لها بدعم الفن، هكذا أعتقد، لأنه لو كان موجودا لما كان هذا حالنا، إضافة إلى عدم إيمان هذه المؤسسات بدور الثقافة والفن، كما أن المسؤولين لا يؤمنون بدور المثقف والفنان الإماراتي، وأتمنى أكون مخطئا.• رسالة توجهها لفناني الكويت، ماذا تقول فيها؟
- أقول لهم يعطيكم العافية، على كل ما قدمتموه، وأتمنى من الجميع أن يضع هذا الإرث الثقافي لدولنا نصب عينيه، وأن نحافظ على هويتنا، ونقدم الأشياء التي ترتقي بالذائقة الفنية بمنظور مختلف وتقنية عالية، ونقدم الأفضل للمستقبل، فيجب على الأقل أن نرتقي بأنفسنا، وعلى الفنان أن يفكر في الوطن، وأن يبتعد عن المصلحة الشخصية، سواء كان إماراتيا أو كويتيا، أو أي فنان عربي.يجب أن نضع إرثنا الثقافي نصب أعيننا ونحافظ على هويتنا ونقدم أعمالاً ترتقي بالذائقة الفنية