يتميز الكويتيون بإطلاق الأسماء والألقاب على مناسباتهم ومرشحيهم وسياسييهم، فيطلقون مثلاً على الانتخابات البرلمانية "عرس ديمقراطي"، وهو مصطلح كويتي بحت لا تجد له مثيلاً في انتخابات مجلس العموم البريطاني أو الكونغرس الأميركي. لكنك بعد أن تكتشف أن العرس لدينا يتكون عادة من مرحلتين، الأولى استقبال للمهنئين لا يختلف فيها عن العزاء في مراسمه وتقاليده، والأخرى التي تعرفونها جميعكم، عندها ستعرف سبب تسمية الانتخابات بالعرس، وأي الطرفين أكثر شبهاً بحالة الناخب والنائب السياسية.المطالبة المتكررة بحسن الاختيار صارت مبتذلة ومملة، ولم تؤثر، لا على تغيير الأوضاع العامة ولا على ارتفاع معدلات نسب الطلاق من جهة أخرى، فكأن الناس تتعمّد العناد حين يتم التشكيك باختياراتهم، ويعتبرون دعوتهم لاختيار الأفضل نوعاً من الوصاية عليهم، فلأن الكل راض بعقله، فهو متيقن أنه قد أحسن الاختيار، وعدَّاه العيب، لأنه اختار نائبه وفق أفضل المعايير والاشتراطات التي يظنها في عقله السليم، والعيب فقط في اختيارات الآخرين، الذين لا يقدرون مصلحة الوطن كما يقدرها هو، لذلك بما أن سنوات طوالاً من حسن الاختيار أوصلتنا إلى ما نحن فيه الآن، فأقترح من باب التغيير، ولأن كل شيء ممكن في سنة ٢٠٢٠ المجيدة، أن تختاروا الأسوأ في هذه الانتخابات، لعل وعسى التغيير يأتي من حيث لا نحتسب.
لا تستسهلوا الأمر، فمعيار الأسوأ غزير، وعمقه يفوق ارتفاع سقف الأفضل بكثير، وتعداد مساوئ المرشحين لاختيار أسوأهم أصعب بكثير من ذكر محاسنهم لتختار أسوأهم أيضاً، فقائمة معايير المحاسن المحلية لاختيار المشرع القادم محدودة بالنهاية كما بالزواج تقريباً، وربما لذلك أُطلق عليه عرس ديمقراطي، فتبدأ بالرؤية، حيث يعجبك شكل المرشح وأسلوبه حين يُبرز لك أفضل ما يملك من مقومات لفظية وتصويرية، وتصل بعدها للخطوبة، حيث تتأكد أن المرشح "مصلي" و"مسمي"، ولا تنقصه رومانسية إلهاب الخيال بالوعود والأحلام، وصولاً إلى سرعة إنجازه معاملاتنا ونقل أبنائنا، ليستحق بالأخير صوتنا الغالي، ولتبدأ بعدها سنوات الندم الطويلة، وذلك بعكس المساوئ والعيوب التي لا يمكن حصرها وتخيلها، فهي متجددة كسمة عصرنا الحالي، وتتطلب عقلية إبداعية فذة فيمن يملكها، فتمثيل أدوار الشرف والأمانة أسهل بكثير من الشر والفساد، والأهم أن سوء التقدير باختيار الأسوأ سيكون، بلا شك، أرحم من الخطأ باختيار من نظنه الأفضل، فأن تختار من تظنه قبيضاً أو مجرماً سابقاً أو تاجر إقامات مثلاً، وتكتشف بعدها أنه مجرد مخلّص معاملات وعلاجات بالخارج، أو طامح بمزرعة بعيدة، خير لك ولنفسيتك من أن تنتخب البطل الصالح كثير الحديث عن دولة القانون ومحاربة الفساد، وسوء الإدارة، وصراعات الشيوخ، وتكتشف لاحقاً أنه قبيض منهم، ونصاب، ومزور، ومشتري أصوات، وبائع تصويتات، ومخلّص معاملات فاسدة لعلية الشركات، ويريد مزرعة أيضاً. من جانب آخر، فإن اختيار المرشح الأسوأ مريح نفسياً، وقد يشيع جواً من الاستقرار تحتاج إليه البلاد في المرحلة القادمة، وذلك بعكس اختيار الأفضل، فالمرشح السيئ لا ننتظر منه شيئاً، ولن نصاب معه بخيبة الأمل المؤدية للإحباط، وإن خيّب ظننا وأحسن بشيء فسنفرح للمفاجأة، أما المرشح الأفضل فغالباً ما سيصقعنا على صخرة الواقع الأليم، وسيجد لنفسه ألف تبرير وتخريجة لبياته البرلماني وانقلاباته السياسية والمبدئية، وسوء أدائه طوال سنوات كبيسة وبسيطة قضاها تحت قبة عبدالله السالم فوق كراسي العز، فاختاروا الأسوأ غداً لترتاح ضمائركم، وتهدأ أنفسكم، ولا أعتقد أنكم ستشعرون بالاختلاف والفارق عن اختياراتكم السابقة، بل لعل الخير يكمن في الشر، وتوقع الأسوأ هذه المرة يأتيكم بالأفضل.
أخر كلام
نقطة: باجر العرس...
04-12-2020