مرة أخرى في منتصف العقد الأول من القرن الحالي، عندما كان التمويل مزدهراً، وكانت مدينة لندن في ذروة قوتها، قال رئيس السمسرة وصاحب شركة ماركس آند سبنسر، مايكل سبنسر، مازحاً إنه يجب وضع تمثالين لسياسيين أميركيين، هما: بول ساربينز ومايكل أوكسلي، بالقرب من بورصة لندن.

وقد أدى تنظيم هؤلاء السياسيين الصارم في وول ستريت إلى ارتفاع شديد في تكلفة الإدراج العام بالولايات المتحدة، ما جعل العاصمة البريطانية، التي أصبحت بالفعل نقطة جذب للأموال العالمية وبوابة إلى منطقة اليورو الناشئة، وجهة بديلة مثالية للاكتتاب العام.

Ad

لكن الآن يمكن للمرء أن يتخيل المديرين التنفيذيين في باريس وفرانكفورت، وهم يفكرون في تماثيل مماثلة لأصحاب مشروع "البريكست"، الذين أدت مهمتهم إلى إخراج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي والسوق الموحدة، إلى تقويض تفوق لندن كمركز مالي عالمي.

ووفق وكالة بلومبيرغ، قال بنك جي بي مورغان، إن احتمال نقل حتى وظيفة مصرفية واحدة إلى باريس كان "لا شيء" إلى حد كبير في يونيو 2016. ويقدر المسؤولون الفرنسيون، أنه تم الإعلان منذ ذلك الحين عن 4000 وظيفة مرتبطة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

ورغم عدم وجود فائز أوروبي بمكانة لندن كمركز مالي عالمي، لكن الاتحاد الأوروبي لديه العديد من المحاور، لكن لا يوجد أي منها قادر تماما على تكرار المدينة، وليس من الصعب معرفة كيف أضرت الأحداث الأخيرة بمكانة المملكة المتحدة كمجموعة عالمية من رأس المال قادر على التغلب على الولايات المتحدة في لعبتها الخاصة.

البيانات تشير إلى أن لندن كوجهة جاذبة للشركات تراجعت بشدة، وهوت حصتها من 17 في المئة عام 2005 إلى نحو 3 في المئة فقط خلال العام الحالي، وهو ما يشير إلى صعوبة الأوضاع في لندن التي ظلت لفترة كبيرة من أكبر مراكز المال والثروات على مستوى العالم.

ومن الصعب فصل التأثير الدقيق لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عن عوامل أخرى، لكن أسباب تجاهل لندن غالبا ما تشمل تقلبات الجنيه الإسترليني، والأداء الضعيف للأسهم المدرجة بالمملكة المتحدة، وضعف أحجام التداول في سوق الأسهم البريطانية، وهو ما حفز إلى توقف الإدراجات والطروحات منذ التصويت على مغادرة الاتحاد الأوروبي.

وفيما انخفض مؤشر "فوتسي" بنسبة 7 في المئة خلال الفترة الماضية، فقد انخفض وزن مكونات المملكة المتحدة بمؤشر الشركات الكبرى. بينما يصر المنظمون في الاتحاد الأوروبي على التدفقات عبر الحدود بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ويفرضون قيودا جديدة على التجارة مع المدينة.

وأشار التقرير إلى أن جهود الحكومات البريطانية السابقة نجحت بالفعل في جذب واستقطاب استثمارات ضخمة إلى لندن التي كان ينظر إليها على أنها تمتلك اقتصاداً سليماً وقوياً ومصدراً للوظائف والاستثمار، لكن في الوقت الحالي تحول الوضع إلى عكس كل ذلك.