المايسترو جمال الخلب: أزمة «كورونا» خلّصت الأغنية من الشوائب العالقة بها
كشف لـ« الجريدة• » عن مشاركته في أغنية مهداة إلى أمير البلاد
وفي لقائه مع «الجريدة»، أكد أن أزمة كورونا كان لها دور مهم في تنقية الأغنية الخليجية من الشوائب العالقة بها منذ سنوات، وزيادة التوجه نحو الفن الأصيل، مضيفاً أنه يبحث عن فكرة فنية جديدة يعود من خلالها لتقديم البرامج الموسيقية التي كان لها دور مهم في التثقيف الموسيقي للجمهور من خلال شاشة تلفزيون الكويت، بعد النجاح الذي حققه من خلال برامجه «على الوتر»، و«عود وكمان»، و«النوتة»... وفيما يلي التفاصيل:
• بداية... لماذا توقف إنتاجك الموسيقي في ظل أزمة "كورونا"؟
- توقف الحفلات والفعاليات الفنية الموسيقية كان له دور كبير في توقّف إنتاجي الموسيقي، وبالرغم من أن بعض الفنانين تمسكوا بإطلاق أعمال في تلك الفترة، فإنها أعمال محدودة للغاية ولا تعكس النشاط الحقيقي للوسط الفني والموسيقي بالتحديد، لكنني في الفترة الأخيرة أعكف على الانتهاء من عمل غنائي موسيقي جديد بصوت أهم المطربين العراقيين، وهو عمل مهدى من دولة العراق وتجمّع فناني العراق لسمو الأمير الشيخ نواف الأحمد بمناسبة توليه الإمارة، ومن المقرر طرحها قريبا، وأعتبر الفنان الكويتي الوحيد المشارك بالعمل كموزع موسيقي ومنفذ، في حين يأتي بقية الفريق من كلمات وألحان وغناء وغيره من فنانين عراقيين، كما يتم تركيب الصوت بأحد الاستديوهات هناك، وسيكون العمل قويا ومفاجئا للجمهور.
• من وجهة نظرك... لماذا يلجأ الجمهور إلى الاستماع "لايف" لمقطوعات وألحان متوافرة بنسختها الأصلية، هل تقدم شيئا مغايرا في ألحان معروفة للجميع؟
- بالتأكيد، فلماذا يلجأ الجمهور لمتابعتي إذا كان الأمر لا يحمل مغامرة جديدة، فلقد اعتمدت في تقديم الألحان الشهيرة على عمل تغيرات غريبة وجديدة على أذن المستمع، فحولت إيقاعات الموسيقى المصرية لعمر خيرت ورأفت الهجان إلى إيقاعات كويتية، كما عزفت المقطوعة الإيطالية القومية الشهيرة "بيلا تشاو" بنفس الأسلوب، فأدخلت عليها الإيقاع الحدادي الكويتي، ثم إيقاع الصوت مع الكمان، وهو نوع غريب من الزج وغير معتاد، لكنه في النهاية شيء جديد ومختلف أبهر الجمهور ودفعني لعرض هذه المقاطع على "يويتوب" لتظل متاحة للجميع في أي وقت.• كأكاديمي تحلل الموضوعات بنظرة علمية، وفنان تلتصق بالجماهير وتتفاعل معهم، كيف ترى واقع الأغنية؟
- على مستوى الأغنية الكويتية بالتحديد، نحن نعاني منذ سنوات الوقوع في دائرة "اللغة البيضاء"، تلك التي ضاعت معها هوية الأغنية الكويتية لتمتزج بالأغنية الخليجية بشكل كبير، فلم يعد لدينا مفرداتنا الخاصة التي تعبّر عن هويتنا بين بلدان المنطقة، وفقدنا الصبغة المحلية على أعمالنا الغنائية والفنية بشكل عام، وفي مثال على ذلك أغنية "حالة حنان" التي تغنت بها القيثارة نوال من كلمات الشاعر القدير بدر بورسلي، حين قالت "متل النهر حبك سرى في يوفي"، وتعني "جوفي"، فأبدع بورسلي حين استغرق في المحلية ربما بحرف أو كلمة، ولكنها تعتبر فارقا يحدد ويميز الكويت عن غيرها من بلدان الخليج التي لا تستعمل تلك المفردة بهذا النطق، وأقصد من ذلك أننا نحتاج إلى أن نتمسك بهويتنا، وأن يكون للأغنية الكويتية طابعها الخاص في اللحن والكلمة والإيقاع والتوزيع.• وهل ترى تأثير أزمة كورونا على الأغنية الخليجية بشكل عام ضارا أم نافعا؟
- في نظري، أفادت الأزمة الأغنية الخليجية بشكل كبير، فتوقف الحفلات قلل الإقبال على سوق الأغنيات الخفيفة التي تصنع فرقعة أو "هوجة" وتعلي "تون" الحفلات، ثم تتلاشى كفقاعة الصابون، وفي المقابل أقبل الفنانون والجمهور معا على الحفلات الـ "لايف" عبر مواقع التواصل، وهو وسيلة للفنان القوي صاحب الصوت الجاد، حيث تبرز جودة الصوت بقوة، بعيدا عن صخب الحفلات والأعراس، ولا يستطيع الفنان الذي يعتمد على تعديلات الصوت بالتكنولوجيا الرقمية أن يواجه الجمهور في حفل لايف بدون مساعدة.• هل يعني ذلك أن عودة الحفلات في المرحلة الخامسة ستشهد انتكاسا وتفتح المجال لسوق الأغنية الخفيفة مجددا؟
- ربما، فمع عودة الناس بشغف للحفلات والأعراس، سيواكب ذلك ضخ مجموعة كبيرة من الأغنيات التي لا ترتقي إلى مستوى الجمهور المتذوق، وسيجد بعض الشباب حاجة لإطلاق أغنيات ضعيفة لسد الخانة والفراغ وركوب الموجة، ولذلك فأنا أرى أن المزيد من الضغط سيعقبه انفجار كبير، حيث يجب عودة الحفلات في القريب، وفي تلك الفترة بالتحديد التي التفت فيها الجمهور للأغنيات الراقية والقديمة والفنون الأصيلة، فيطلبونها في الـ "لايف" ويتوجهون للاستماع لها في أوقات المكوث الطويلة في المنزل.• ولكن الفنون القديمة والألحان الثقيلة لا تروق لكل المستمعين، فهل ترى أن الأغنية الشبابية في مجملها تسير بالاتجاه الخاطئ؟
- بالتأكيد لا، فهي مسألة أذواق في النهاية، والتطوير شيء ضروري وابتكار أساليب وأنماط جديدة شبابية هو نوع من ضخ الدماء في شريان الأغنية لاستمرارها ومواكبة التطور في الآلات والتكنولوجيا على مستوى العالم، ولكن ما أقف ضده هو الإسفاف والابتذال والضعف وإنتاج أعمال لا تليق بتراثنا العريق، ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي اكتشفت أن الشباب يقدرون الأعمال القوية، ويطلبون أن يستمعوا إلى الموسيقى التراثية كالبحري والحدادي والصوت، رغم أنهم لا يفهمومها ولكنهم يعجبون بها، وهو ما يبشر بجيل شبابي من الفنانين والجمهور الواعد.• أخيرا، أصبح الموزع الموسيقي أحد الأركان الأساسية للأغنية، وأصبح للمهنة نجومها بعد تجاهلهم لسنوات... فهل ترى أن الموزع الموسيقي مظلوم؟
- مع ارتفاع الثقافة الموسيقية لدى الجمهور بدأ يعرف أركان الأغنية ونجومها، وأصبح للموزع نصيب من تلك الشهرة، ففي السابق كان المطرب أو الملحن يتولى مهمة التوزيع وقيادة الفرقة الموسيقية، مثل عبدالحليم حافظ في أغلب حفلاته كان يقود الفرقة، لكن في السنوات الأخيرة ومع ظهور التكنولوجيا الرقمية التي أتقنها الموزع لم يعد من الممكن أن يظل خلف الستار طويلا، فبرز نجمه وأصبح هناك كبار الموزعين وأشهرهم، ومنهم أمير الموزعين أمير عبدالمجيد، فالملحن هو صاحب الفكرة اللحنية، والشاعر صاحب الفكرة النصية، والمطرب يغني والموزع هو من ينفذ الـ3 عناصر توظيفا سليما، فتخرج الأغنية بالمنتج النهائي، حتى أصبح الموزع في السنوات الأخيرة منتجا منفذا وصانعا للنجوم، وخاصة من خلال قدرته على التعامل مع التكنولوجيا الصوتية الرقمية، التي تغير في صوت المطرب وتضع بصمات لم تكن متوافرة قبل ظهورها.• في النهاية... كان لك تجربة رائدة في البرامج الموسيقية بتلفزيون الكويت، لكنها توقفت فجأة فما السبب؟
- سعدت جدا بتلك التجارب، فعلى مدى عدة سنوات قدمت برامج "على الوتر"، و"عود وكمان"، و"النوتة"، وقد لاقت جماهيرية كبيرة، وساعدت في زيادة الوعي الموسيقي لدى الجمهور، ولكن لم أجد فكرة جديدة أعود من خلالها، ومتى توافرت سأعود بالتأكيد، لكنني حاليا منشغل بتدريس آلة الكمان بالمعهد العالي للفنون الموسيقية، وفي يونيو المقبل سأناقش رسالة الدكتوراه حول الأغنية الشعبية الكويتية في المعهـد العـالى للموسيقــى (الكونسيرفاتــوار).