قالت مديرة معهد «حوكمة» الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لوري هايتيان، إن الاتفاق الذي توصلت إليه «أوبك+» هو تسوية أرضت جميع الأطراف، وسط تعالي الأصوات المعارضة لخفض الإنتاج أو تثيبته.

وأضافت هايتيان، في حديثها لـ«العربية»، أن العودة التدريجية لزيادة الإنتاج تساعد الجميع في السوق، لأن دخول مليوني برميل دفعة واحدة كان سيحدث أزمة كبيرة في السوق.

Ad

وأوضحت أن المفاوضات المقبلة ستعتمد نتائجها على حجم الطلب في السوق وعلى نتائج اللقاح، فالخوف مازال مسيطراً في السوق لأن الجميع يترقب كيف سيتم توزيع اللقاح، والفئات الأولى وكيف تؤثر تلك الفئات في الاقتصاد.

وقفزت أسعار النفط، الجمعة، إلى أعلى مستوى في 9 أشهر بعد موافقة «أوبك+» على رفع تدريجي للإنتاج لمواجهة الطلب المتضرر من جائحة فيروس كورونا، كما تتجه صوب تحقيق مكاسب للأسبوع الخامس.

واتفقت أوبك وروسيا، الخميس، على تخفيف تخفيضات كبيرة لإنتاج النفط اعتباراً من يناير بمقدار 500 ألف برميل يومياً. وقال غولدمان ساكس في تقرير بعد القرار: «أوبك+ تزيل عقبة الخروج من تخفيضاتها الحالية بطريقة منسقة، مما يعزز قناعتنا بارتفاع ثابت ومستدام لأسعار النفط خلال 2021».

وتعني الزيادة أن منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» وروسيا، المجموعة المعروفة باسم «أوبك+»، تتجه لخفض الإنتاج 7.2 ملايين برميل يومياً أو ما يعادل 7 في المئة من الطلب العالمي اعتباراً من يناير مقارنة مع التخفيضات الحالية البالغة 7.7 ملايين برميل يومياً.

ومن المتوقع أن تواصل «أوبك+» التخفيضات الحالية حتى مارس على الأقل، بعد أن تخلت عن خطط لزيادة الإنتاج مليوني برميل يومياً.

من جانبه، قال تقرير صادر عن «ساكسو بنك» إن النفط الخام وصل لأعلى مستوياته في تسعة شهور بعد أسبوع آخر من النقاشات اتفقت على إثره مجموعة الدول المنتجة في «أوبك+» على حلّ وسط سيشهد زيادة تدريجية في الإنتاج خلال الشهور المقبلة بداية من 500 ألف برميل يومياً في يناير.

ومع الانتعاش المتوقع للطلب العالمي على الوقود إثر التوصّل إلى لقاح، ستقطع هذه الصفقة شوطاً طويلاً لضمان الدعم المستمر لأسعار النفط حتى يتمكّن من الوقوف مجدداً على قدميه.

وبفضل مرونة الصفقة، انتعشت السوق بالرغم من تسعيرها لتأجيل زيادة الإنتاج المتفق عليها سابقاً، والتي تبلغ 1.9 مليون برميل يومياً. ويشير ذلك إلى إمكانية زيادة الإنتاج وتخفيضه في حال كان الانتعاش أبطأ من المتوقع.

وبحسب توقعات المحللين، فقد تم اختصار الطريق نحو توازن السوق، مما عزّز التكهنات بارتفاع أسعار النفط الخام والوقود حتى عام 2021.

وفضلاً عن هذه التطورات الداعمة، يرجّح أن تبدأ شركات نفط كبرى هذا العام بتخفيض نفقاتها الرأسمالية على المدى البعيد بأكثر من 80 مليار دولار، ما قد يعزز ارتفاع أسعار النفط في عام 2022 وما بعده.

وشهد العام الماضي تحوّلات كبيرة في أساليب السفر والعمل لدى المستهلكين حول العالم، والزمن وحده كفيل بإيضاح مدى عودة انتعاش معدلات استهلاك الوقود.

وفي ضوء قوة الطلب الآسيوي واتساع نطاقه بعد تراجع جائحة «كوفيد 19»، يرجّح أن تصل أسعار برميل خام برنت إلى 50 دولاراً للبرميل في وقت قريب.

وسيعتمد مدى هذا الارتفاع على المدى القصير على كيفية تعامل أوروبا، والولايات المتحدة على وجه الخصوص، مع الموجة الثانية الحالية من الجائحة، والتي لم تتم السيطرة عليها بعد.

وبعد 9 نوفمبر، وبسبب التفاؤل بشأن التوصل إلى لقاح، امتدّت زيادة الرغبة بالمخاطرة حتى ديسمبر، حيث تواصل أسواق الأسهم الارتفاع، وفي مقدمتها آسيا، بينما تراجع مؤشر بلومبرج للدولار، والذي يتتبّع أداء عشرة عملات عالمية رائدة مقابل الدولار الأميركي، نحو أدنى مستوياته في 32 شهراً.

وإضافة إلى المحفّزات الإضافية التي نوقشت في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا و«أوبك+» للتوصّل إلى حلّ وسط ومعقول بشأن زيادات الإنتاج بعد الجائحة، عزّزت هذه التطوّرات أسعار النفط الخام والمعادن الصناعية والثمينة على حد سواء.

ومع هذه التطورات، وبعد إصدار تقرير الوظائف الشهري في الولايات المتحدة، بقي مؤشر بلومبرغ للسلع دون تغيير يذكر خلال أسبوع، ما يشير عادة إلى بداية تباطؤ نشاط التداولات قبل فترة الأعياد ورأس السنة الجديدة.

وعلى الرغم من انخفاضه في السنة التي انطلق ربعها الأول بانهيار ناجم عن حالات الإغلاق الاحترازية، حقق المؤشر انتعاشاً قوياً منذ ذلك الحين.

وعزّز هذا التوجّه من التفاؤل بشأن التوصّل إلى لقاح الشهر الماضي، ويرجّح استمراره حتى عام 2021، على فرض أننا سنشهد انتعاشاً قوياً في النموّ بعد الجائحة، واحتمال تعرض الدولار لمزيد من الضعف، مع ارتفاع مخاوف التضخّم وتطورات الطقس.

ويمكن لهذه العوامل أن تدفع المؤشر نحو أفضل نتائج سنوية له منذ أكثر من عقد؛ وفي مثل هذا السيناريو، يتوقع أن تُظهر السلع الرئيسية – مثل النحاس والنفط الخام وفول الصويا والذهب – أداءً جيداً.

كما انتعش الذهب بقوّة بعد الخسارة التي تكبّدها في فترة عيد الشكر، والتي خفّضت الأسعار إلى مستويات الدعم الرئيسية دون أن تتجاوزها عند 1763 دولاراً للأونصة، بارتداد 50 في المئة عن الأسعار المرتفعة في الفترة بين شهري مارس وأغسطس. وفيما تابع إجمالي الحيازات في الصناديق المتداولة في البورصة، والمدعومة بالسبائك، تراجعه بنسبة 3.7 في المئة أو 411 ألف أونصة في أعقاب الإعلان عن التوصل للقاح في 9 نوفمبر، عاد للمعدن بريقه بفضل تجدد الدعم الناتج عن ضعف الدولار، وارتفاع معدلات التضخم، ومحادثات التحفيز في الولايات المتحدة الأميركية.

وقبل هذه التطورات، كان الذهب يتلقى بعض الدعم من ارتفاع أسعار الفضة المرتبط بالنحاس.

وسجّلت أسعار النحاس أعلى مستوياتها منذ أكثر من سبع سنوات، وسط مخاوف متزايدة من الصعوبة التي ستلاقيها شركات المناجم لمواكبة حجم الطلب من الاقتصادات المتعافية، فضلاً عن الزيادة الفعلية للطلب من الصين، يضاف إليه التحوّل نحو الطاقة الخضراء، مما يعني الزيادة المستمرّة في الطلب إلى أن تستجمع موجة التحوّل نحو الطاقة الكهربائية زخمها.

وتحت قيادة النحاس، شهدت أسعار الفضة والبلاتين ارتفاعاً كبيراً ما وفر الدعم للذهب قبل الاعتماد على خواصّه الذاتية. وقياساً بالذهب، شهدت الفضة انتعاشاً قوياً في أغسطس عندما عادت نسبة أسعار الذهب إلى الفضة نحو متوسطها على المدى الطويل عند حوالي 70 أونصة من الفضة مقابل أونصة واحدة من الذهب.

وفي هذا الوقت، كان تألّق البلاتين بحاجة لأخبار التوصل إلى لقاح، وانتعاش الطلب على السيارات.

ومع تحقق هذين الشرطين في مطلع نوفمبر، تفوّق البلاتين على الذهب بنسبة 20 في المئة، إذ انتقلت نسبة أسعار الذهب إلى البلاتين من 2.15 إلى 1.75 حالياً.

وبدراسة المصادر الأساسية للطلب على الذهب، قد يتعرض الطلب على الاستثمار لانتكاسة أخرى على المدى القريب. وبموازاة النشاط الاقتصادي والاجتماعي، يمكن أن نشهد انتعاشاً قوياً في الطلب على المجوهرات، من الصين والهند على أقل تقدير وهما أكبر الدول الاستهلاكية في العالم. وفي قطاع مثّل خلال السنوات الخمس الماضية 50 في المئة من إجمالي الطلب «المصدر: مجلس الذهب العالمي»، قد يكون الطلب المكبوت كامناً بعد الانخفاض بنسبة 40 في المئة على أساس سنوي في الفترة بين الربعين الأول والثالث من هذا العام.