الانتخابات والقادم من الاستحقاقات
انتهت الانتخابات الثامنة عشرة بنتائج مختلطة، دلت على حالة الإحباط من الأداء السياسي للمجلس والحكومة، كان المؤشر واضحاً في غياب نواب بارزين ومؤثرين لمجلس 2016، في حين دخل الحلبة الانتخابية مرشحون جدد من حيث الموقع التصويتي، كما جاءت نتائج الانتخابات الفرعية متباينة بشكل ملحوظ، وكانت النقطة السلبية الغياب الكامل للمرأة، على الرغم من مشاركتها الفاعلة.هناك تشابه بدرجة ما بين كرة القدم والانتخابات، فهي ليست خطة تنمية لا تعرف كيف تسير، ومتى تنتهي، وكم من الأموال تستنزف، فللانتخابات موعد معلوم بداية ومنتهى، ويبقى على الباحثين دراسة نتائجها وتحليلها واستخلاص دروسها، ولكنها حدث ما إن ينتهي حتى يصبح تاريخاً وغباراً تذروه الرياح.إلا أن ما هو أهم من الانتخابات هو استحقاقاتها وما يأتي بعدها.
بالنسبة لانتخابات الكويت فإن الاستحقاق الأول هو تشكيل الحكومة، وهي عملية مضغوطة دستورياً، حيث يتطلب من رئيس الوزراء المكلف أن يشكل حكومته خلال أسبوعين، وهي مدة قصيرة نسبياً. وهنا ننصح بأن يتم الخروج عن المألوف في التشكيل الوزاري، حيث يتوسع في توزير عدد أكبر من نواب المجلس، وهي تجربة توقفت منذ مجلس 1996 ، وكذلك التوسع في توزير المرأة أكثر مما هو معتاد، ومحاولة لتعويض الغياب الكامل للمرأة بين النواب. ومع أن المرأة كسرت حاجز فوزها في 2009 بسرعة منذ حصولها على حقوقها السياسية سنة 2005 ، ومع أنني لا أحبذ نظام الحصص، إلا أنه صار مفيداً إعادة التفكير بنظام الحصص. على مستوى الإصلاح العام، وحيث إن الحكومة قد أعلنت نيتها تقديم مشروع بإنشاء اللجنة المستقلة للانتخابات، وهي خطوة مستحقة، وفي الاتجاه الصحيح، إلا أنه بات ضرورياً مراجعة النواقص وأوجه القصور في مشروع القانون، والتي ذكرناها في مقال سابق.المعركة القادمة بعد أن انتهت معركة الانتخابات، هي معركة استعادة الثقة، والتي لم تعد موجودة لا في البرلمان ولا في الحكومة. ومع أن استعادتها ليست بالسهلة، ولكنها ليست بالمستحيلة، فالملفات كثيرة، وأهمها تحسين أداء البرلمان للخروج من مأزق الفساد التشريعي المتكرر، والذي هو أكثر أنواع الفساد شيوعاً. ينبغي على الحكومة أن تغير من نهجها لتتعامل مع المجلس والدستور بشكل أكثر احتراماً ورصانة واحترافية، وعدم الاستمرار في لعبة القط والفار، التي لا تفيد بل تضر.أما بالنسبة للنواب وعلى تباينهم، فلا يمكن أن تتم خطوات إصلاحية بدون توافق على الحدود الدنيا، كمكافحة الفساد مثلاً، والتعليم، والاقتصاد المتراجع. ويتطلب ذلك الأمر تكتلاً نيابياً واعياً للمخاطر التي تعاني منها البلاد وسط حالة إقليمية ومحلية مضطربة. سيكون العمل الفردي معول هدم وتدمير من الداخل.بلا رؤية مستقبلية مشتركة، لن يكون مجلسنا إلا مضيعة لوقت الناس وإطالة في أمد التراجع.