بعد 4 أشهر على انفجار مرفأ بيروت الذي أسفر عن أضرار جسيمة وتدمير آلاف البيوت اللبنانية، نجحت "لوياك لبنان" في تحقيق رؤيتها عبر حملة "انهضي يا بيروت". فبتكلفة مئتي ألف دولار، أوفت "لوياك" بوعدها وأنجزت عملية إعادة تأهيل وتسليم 121 وحدة سكنية متضررة من الانفجار في عدد من المناطق.وقد نظمت الحملة تقييمات ميدانية على 5 مراحل، وشملت هذه التقييمات أكثر من 20 منطقة في أنحاء بيروت كافة، وعلى وجه الخصوص المناطق الأكثر تضرّرًا مثل الكرنتينا، ومار مخايل، والأشرفية، والجعيتاوي، وبرج حمود والجميزة. وقال جان صليبا، أحد أهالي منطقة الجعيتاوي: "شعرت براحة كبيرة بالتعاون مع لوياك، لا شيء أطلبه منهم إلا ويوافقون عليه".
شملت عمليات الإصلاح والترميم استبدال الزجاج المكسور، والسقوف، وإعادة بناء وطلاء الجدران المدمرة، وتحسين الوضع الداخلي للمنازل. كما نظمت "لوياك" زيارات تفقدية مع مهندسين مدنيين للتأكّد من سير العمل وتسليم البيوت لأصحابها. وتعاونت "لوياك" مع منظمة "حلم" غير الحكومية لإعادة تأهيل عدد من البيوت المدمرة.
إنجازات وأكثر
ولم يقتصر عمل حملة انهضي يا بيروت على ترميم البيوت فحسب، بل اهتمت أيضا بترميم المراكز الفنية وإعادة الفن والألوان إلى شوارع بيروت. فتحملّت مسؤولية ترميم مسرح في برج حمّود وتأهيله ليستضيف عروضًا مسرحية من جديد".وبالتوازي مع عمليات الترميم، واصلت "لوياك" تنظيم حملات التنظيف في بيروت، وتوزيع المساعدات على العائلات المتضررة من الانفجار، وذلك بالتعاون مع منظمات غير حكومية أخرى وبدعم بعض التبرعات مثل تبرعات الثياب من "العثمان". وقد فاقت نتائج حملة انهضي يا بيروت التوقعات، وأعلن القائمون عليها استمرار العمل بترميم عددٍ أكبر من البيوت المدمرّة، حيث أخذت على عاتقها إعادة تأهيل 29 وحدة سكنية إضافية، ليصل مجموع عدد البيوت المرممة إلى 150 وحدة سكنية.كما فتحت هذه الحملة أبوابًا جديدة لمؤسسة لوياك، لتكمل في المستقبل تطوير مشروع "هومز" الذي انطلق عام 2012، والذي يعنى بترميم منازل الأسر المتعففة في لبنان. علما بأن هذه الحملة هي أكثر من مجرّد ترميم البيوت، فهي رؤية إنسانية تهدف إلى تأهيل مجتمع، وخلق ظروف معيشية صحية وآمنة.وأشارت رئيسة المشروع ضحى فرج الى أن "حملة انهضي يا بيروت لن تتوقف عن مواصلة نشاطاتها حتى إعادة الألوان إلى شوارع بيروت والأمل إلى أهلها".واعتبرت أن حملة انهضي يا بيروت لم تكن لتحقق أهدافها اليوم من دون الدعم المتواصل التي تلقته من مختلف الشركاء والجهات اللبنانية والكويتية وأهمّها شركة "الغانم إنترناشيونال"، مجلس الأعمال اللبناني في الكويت، إضافة إلى "لابا" التي أطلقت المعرض الفني لدعم الحملة.وأعربت عن شكر "لوياك" لجميع الداعمين الذين حوّلوا هذه الرؤية إلى حقيقة، مضيفة أن "لوياك" تستكمل حملة جمع التبرعات عبر الحملة الدولية "غو-فند-مي" التي أطلقتها بالتعاون مع د. فيكي وعايدة باخوس.متطوعون
ولا يزال المتطوعون، بعد 4 أشهر من العمل الدؤوب، يخصصون وقتهم لهذه الحملة التي يعود نجاحها بشكل كبير إلى مثابرة المتطوعين واندفاعهم بعد زيادة عددهم إلى مئتين وخمسين متطوعًا ومتطوعة.تقول المتطوعة في غرفة العمليات للحملة فاطمة السبع: مقدار الثقة التي يضعها الناس فينا يملأ قلبي بالفرح. كل يوم نتلقى اتصالات ممن يطلبون المساعدة والدعم. كلمة لطيفة وابتسامة هي كل ما يحتاجون إليه ليؤمنوا بالحياة مرة أخرى. نستيقظ كل صباح، ونتأكد من إعطاء ذلك لهم. بعد الانفجار انكسر فينا كلنا شيء، لكن بعدما نزلنا وعملنا مع الناس شعرت أن ثمة شيئا عاد ليحيا فينا، وتمسكت أكثر بشعوري أنني لا أريد المغادرة وكل بيت شعر أنه مقهور من الداخل علينا أن نساعده.ومن فريق الخدمة التطوعية العامة قال موسى فرج: "أن أكون جزءاً من هذه الحملة هي واحدة من أعظم التجارب في حياتي، وذلك لأنني أشعر بأن لنا القدرة كشباب على إحداث تغيير وجعل حياتنا مكانًا أفضل". واستقبلت "لوياك" هذا الاندفاع من المتطوعين برحابة صدر، وحاولت دعمهم بمختلف الطرق. فضمن الدعم النفسي الاجتماعي لحملة انهضي يا بيروت، نظمت "لوياك" برنامج إدارة الصدمات الذي يشمل العلاج الدرامي، إضافة إلى جلسات العلاج الجماعي ورحلات ترفيهية للمتطوعين. ويهدف هذا البرنامج إلى توفير مساحة آمنة لمتطوعي "لوياك" وموظفيها للتعبير عن مشاعرهم ومشاركة قصصهم وبناء علاقات جماعية.توثيق التاريخ
المصور إيميلو منصف شارك في توثيق حملة "انهضي يا بيروت"، وقال عن هذه التجربة: أعتبر نفسي أنني ولدت كي أروي القصص بالكاميرا.. وشعرت أني تغيرت بعدما بدأت أصور على الأرض، فهناك مسؤولية كبيرة لأننا نوثق التاريخ، وهناك أيضًا مسؤولية أخلاقية يجب وضعها في الاعتبار، فبعض الناس لا يحبون أن يكونوا أمام الكاميرا، ولا أن تُجرح خصوصياتهم. عندما وقع الانفجار خسرنا جزءًا من أنفسنا وهذا أفقدنا التركيز. لقد حرصنا على أن نسمع قصصهم ونرويها وكنا معهم جسديًا وذهنيًا. ورأينا قوة العائلات التي لم يفككها الانفجار والأضرار، بل جعلها أقوى وتتطلع إلى المستقبل رغم الصعوبات. وأضاف، في أول مقابلة لي مع أحد المتضريين، لم أنس آخر جملتين قالهما لي: لكنني متأكد أنني لا أريد العيش هنا بعد الآن. لقد استسلمت. فهناك قلق ليس فقط من هول الكارثة، بل القلق من المستقبل. رغم ذلك شعرنا في "لوياك" بقوتنا وقدرتنا على التغيير. فالهدف الأساسي هو إظهار روح التطوع والتضامن. لذلك كان المتطوعون مرتاحين وسعداء بما يقدمونه وحرصت على توثيق هذه اللحظات التي تتضمن طاقة إيجابية ومعنى الصداقة. كذلك للتوثيق أهميته كي يعرف أصدقاء وشركاء "لوياك" ما يجري على أرض الواقع... وفي النهاية أنا ممتن لأنني جزء من هذه التجربة.