مكاسب الصين من الحرب بين أرمينيا وأذربيجان

نشر في 07-12-2020
آخر تحديث 07-12-2020 | 00:00
 أوراسيا نت شمل اتفاق وقف إطلاق النار بين أرمينيا وأذربيجان بوساطة روسية في الشهر الماضي بنداً يسمح لأذربيجان باستعمال طريق يمرّ بالأراضي الأرمنية للوصول إلى إقليم نخجوان.

يتقاسم هذا الإقليم حدوداً مع تركيا، ويُفترض أن يعزز ذلك الطريق إذاً التجارة بين الشريكتَين المقرّبتَين تركيا وأذربيجان تزامناً مع تقليص دور إيران في شبكات النقل الإقليمية، لكن قد يتبين في النهاية أن المستفيدة الكبرى وغير المتوقعة من حرب الستة أسابيع في "ناغورنو كاراباخ" هي الصين و"مبادرة الحزام والطريق" الطموحة.

في معظم فترات العقد الماضي، عمدت بكين إلى بناء طرقات نقل تتجه نحو أوروبا لكن تتجنب المرور بروسيا، تمرّ واحدة من تلك الطرقات البرية عبر بحر قزوين من كازاخستان إلى أذربيجان وصولاً إلى جورجيا وتركيا وأخيراً أوروبا.

يؤمّن الممر بين نخجوان وأذربيجان طريقاً ثانياً في جنوب القوقاز تستطيع بكين استعماله للتوجه إلى أوروبا: يمرّ الطريق الأول بجورجيا والثاني عبر جنوب أرمينيا ونخجوان.

حققت موسكو إنجازاً مهماً طبعاً بفضل اتفاق وقف إطلاق النار، فكسبت بذلك الحق بنشر قوات عسكرية في جزء آخر من جنوب القوقاز، ويشارك ألفا عنصر تقريباً في قوات حفظ السلام في "ناغورنو كاراباخ": تعود هذه المنطقة بحكم القانون إلى أذربيجان لكن يسكنها الأرمن، كذلك، ستضمن القوات الروسية الحدودية سلامة عمليات العبور في أنحاء جنوب أرمينيا، فبرأي بكين، يسمح هذا الوضع بحماية شحناتها.

لم تعبّر الصين يوماً عن اهتمامها بمنافسة روسيا على دورها الأمني في دول الاتحاد السوفياتي السابقة، من وجهة نظر بكين، من الأفضل تجنّب التقاتل مع موسكو في الشؤون العسكرية والاستفادة من تحوّل جنوب القوقاز إلى مكان أكثر شَبَهاً بآسيا الوسطى: تحمل هذه المنطقة روابط تقليدية مع روسيا لكنها منفتحة جداً على التعامل مع الصين. تستفيد بكين بطريقة أخرى أيضاً في منطقة القوقاز المتقلبة، بما أن الصين تُركّز على التجارة والاستثمارات، لا أحد يتوقع من جيش التحرير الشعبي أن ينجرّ إلى الصراعات عند وقوع الاضطرابات.

حصل وقف إطلاق النار على حساب جزء من القوة الروسية "الناعمة"، فقد استاء الأذربيجانيون من انتشار قوات روسية على أراضيهم، لكن تملك بكين في المقابل هامشاً واسعاً للمناورة، وينطبق هذا الوضع تحديداً على أذربيجان التي ترغب في ترسيخ مكانتها كصلة وصل أساسية في مشروع "الحزام والطريق"، كذلك، تعتبر باكو نفسها معقلاً محورياً في ممر الاتصالات العابر لأوراسيا (يربط بين نقاط تبادل الإنترنت في فرانكفورت ومومباي) وجهة مُكَمِّلة لـ"مبادرة طريق الحرير الرقمية" الصينية، ولتحقيق هذه الغاية، وقّعت شركتا "أزير للاتصالات" و"تشاينا تلكوم" على مذكرة تعاون في عام 2019.

في المقابل، يبدو أن الدولة المجاورة جنوباً هي الخاسرة الكبرى من هذه التطورات، ويُعتبر ممر نخجوان المقترح خبراً سيئاً لإيران. حتى الآن، كانت الشحنات الآتية من باكو إلى الإقليم المعزول تضطر للمرور بشمال إيران، لكن ستخسر طهران رسوم الترانزيت بموجب الاتفاق الجديد.

هذا الوضع قد يجعل إيران أكثر توقاً إلى التوقيع على الاتفاق الاستراتيجي الذي تتفاوض عليه بهدوء مع الصين في آخر خمس سنوات، يقال إن مسودة الاتفاق تشمل تقديم 400 مليار دولار لقطاعات النقل والطاقة والاتصالات والأمن في إيران على مر 25 سنة، فبعد عقد جولة جديدة من النقاشات في بكين في بداية أكتوبر، كُلّف رئيس البرلمان الإيراني السابق علي لاريجاني المقرّب من المرشد الأعلى بإبرام الصفقة.

قد تصبح الصين إذاً من أبرز المستفيدين من وقف إطلاق النار، فتكسب طريقاً جديداً لمصلحة "مبادرة الحزام والطريق" وتفرض نفوذها على إيران خلال أي مفاوضات حاسمة.

* نيما خورامي

back to top