انتهت انتخابات الفصل التشريعي السادس عشر تاركة خلفها العديد من المتغيرات في الممارسة الانتخابية، لتعكس بذلك الجو العام المعارض لأداء المجلس السابق رقابياً وشعبياً، إذ تجاوزت نسبة التغيير النيابي 60%، في ظاهرة نادرة الحدوث على المستوى البرلماني الكويتي.رسالة الناخب في الانتخابات الأخيرة كسرت بقوة قواعد نظام الصوت الواحد الانتخابي، فالأقليات وجدت نفسها أمام ترتيب القبائل الكبيرة لتخسر العديد من مقاعدها، في المقابل نظمت القبائل الكبيرة تشاورياتها - تحت نظر وعلم الحكومة - ولم تصمد جميعها أمام رغبة الناخب القبلي في الخروج من عباءة الفرعيات، لا سيما المرأة التي قلبت الموازين في مشاركتها المكثفة بالدائرتين الخامسة والرابعة، وهو ما غير موازين القوى وتركيبة المجلس الذي انتهى إلى أغلبية قبلية، 6 نواب منهم ذوو توجهات إسلامية، وكان نصيب قبيلة العوازم منها 7 مقاعد، وحصلت على مثلها قبيلة المطران.
الحركة الدستورية الإسلامية حافظت على مقاعدها الثلاثة وخسرت المقرب منها عبدالله فهاد، في حين كانت خسارة محمد هايف ود. عادل الدمخي ونايف المرداس ثقيلة على التيار السلفي الذي خسر ثلاثة مقاعد شكلت له كتلة مؤثرة في المجلس السابق.الكتلة الشيعية حافظت على مقاعدها الستة ولكن تغيرت انتماءاتها، فالتحالف الإسلامي الوطني خسر مقعده الثاني في الدائرة الثالثة بخروج د. خليل أبل، كما خسر تجمع العدالة والمساواة كرسيه الكلاسيكي في الدائرة الأولى بخروج صالح عاشور، واللافت حصول الكتلة على مقعدين في الدائرة الثانية.من جانب آخر، فإن تفعيل الأدوات الدستورية في المجلس السابق، وعلى رأسها الاستجوابات، لم يجذب كثيراً الناخب الكويتي الذي رأى في معظمها محاسبة غير جادة ومبنية في أساسها على مصلحة خاصة، لذا جاءت النتائج مخيبة لآمال العديد من النواب ممن قدموا استجوابات لم تحقق غاية الشارع في الرقابة الحقيقية.
ولم تقف رقابة الناخب الكويتي على النواب السابقين فيما يتعلق بتفعيلهم للأدوات الدستورية، بل امتدت إلى المواقف السياسية بصورة لافتة، فرغبة المواطن بمواقف أكثر حدة ببعض الأحداث والمواقف انتهت إلى التخلي عن بعض النواب والبحث عن بدائل جديدة يؤمل بها التمسك بخطها السياسي.العبر التي خلفتها نتائج الانتخابات في كل الأحوال، يجب أن توضع أمام مرأى النواب الجدد الذين حالفهم الحظ لأول مرة، والسابقين الذين نجحوا بشق الأنفس، فالمسألة ليست فقط مزاجاً متغيراً للناخب الكويتي، بل قدرته على إحداث تغيير متى شعر بخطورة مستقبله السياسي في ظل سلطة تشريعية بعيدة عن واقعه ومتطلباته، وسلطة تنفيذية لا تمارس أدوارها بجدية.