تتسع رقعة الفقر في لبنان ربطا بتداعيات إجراءات المصرف المركزي، ولاسيما على مستوى رفع الدعم، مما قد يجعل كل السلع الأساسية التي يحتاج إليها اللبنانيون خاضعة لتقلبات السوق السوداء، الذي يتحكم بقيمة العملة، بعد أن تجاوز سعر صرف الدولار 8 آلاف ليرة. وتتجه الأنظار يوم غد إلى اجتماع الوزراء الأربعة المعنيين بالدعم (صناعة واقتصاد وطاقة وزراعة)، بالإضافة إلى نائبة رئيس الحكومة المستقيلة زينة عكر، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لتقديم اقتراحاتهم بهذا الشأن، بعد قرار مجلس النواب النأي بنفسه عن هذه المسألة وقذفها إلى الملعب الحكومي. ومع وصول ايداعات "المركزي" إلى مستوى الاحتياطي الإلزامي، أي ودائع المصارف الإلزامية لديه، وبالتالي أموال المودعين، أصبح تأمين الدولارات لشراء السلع والبضائع والخدمات مهمة شبه مستحيلة مع تأكيد سلامة، الأسبوع الماضي، أن "الدعم يمكن أن يستمر شهرين آخرين فقط"، داعيا الدولة إلى "وضع خطة". ونفذ عدد من المحتجين، أمس، اعتصاماً في ساحة رياض الصلح قبالة السراي الحكومي، للتنديد بخطوة رفع الدعم عن المواد والسلع الاساسية، في وقت أشارت تقارير إلى نية الحكومة رفع الدعم عن الطحين والفيول، مما قد يؤدى إلى انقطاع الخدمات الأساسية في لبنان وأبرزها الكهرباء وخدمة الإنترنت.
وأتى كلام وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، بعد انعقاد المؤتمر الثاني لدعم الشعب اللبناني الأسبوع الماضي، كمؤشر لما يمكن أن يصل إليه الوضع الاجتماعي والاقتصادي في لبنان، إذ حث "المغتربين اللبنانيين على الاستمرار في دعم اقربائهم واحبائهم في لبنان".
لا «منقوشة» بعد اليوم
وأكّد نقيب المطاحن والأفران علي إبراهيم، أمس، أنّ "المطاحن لم تسلّم الأفران الطحين غير المدعوم، لأنّها عزمت على بيعه بالدولار"، موضحاً أنّ "الطحين غير المدعوم يدخل في إنتاج الكعك والمناقيش وخبز الهمبرغر وغيره، وستصبح هذه المنتوجات جميعها بالدولار، ولن يستطيع الفقير شراء المنقوشة".انتعاش الملف الحكومي
في موازاة ذلك، يفترض أن يشهد الملف الحكومي، الذي دخل في غيبوبة تامة منذ أسابيع، بعض الانتعاش خلال الساعات المقبلة، بعد زيارة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى القصر الجمهوري، أمس، عقب قطيعة تخطت العشرين يوما مع رئيس الجمهورية ميشال عون. وكشفت مصادر سياسية متابعة، أمس، انه "تم البحث في مسودة حكومية من 18 وزيرا حملها معه الحريري، من المرجّح ان يؤسس لمرحلة تفاوض جديدة بين الفريقين"، لافتة إلى أن "المباحثات لن تكون سهلة، بل اشبه بعملية شد حبال بين الطرفين". وقالت المصادر إن "جولة الكباش الجديدة يريد من خلالها اللاعبون كلّهم القول للمجتمع الدولي، وفرنسا خصوصا، عشية زيارة رئيسها ايمانويل ماكرون بيروت خلال اسبوعين، إنهم يعملون فعلا للتشكيل وللتوصل الى حلول وسط حكوميا، وذلك بعد ان باتت التنبيهات من الاسوأ اقتصاديا وماليا، تسقط من كل حدب وصوب خارجي، في حين تحضر الازمة اللبنانية على كل طاولة تضم قادة دوليين في الخارج وآخرها لقاء الرئيس الفرنسي برئيس الجمهورية المصرية عبدالفتاح السيسي أمس". وقال ماكرون إن "لبنان يعاني عدم تنفيذ المسار السياسي المطلوب"، مشيراً إلى أن "الشعب اللبناني لا يجب أن يبقى رهينة بيد الطبقة السياسية". من جهته، أكد السيسي أنه "لا يمكن أن نتخلى أبدا عن أشقائنا في لبنان"، داعيا إلى "تشكيل حكومة لبنانية في أسرع وقت ممكن للخروج من الأزمة". ووجه الرئيس المصري نداء الى "القوى السياسية اللبنانية بإعطاء فرصة لحكومة تحل مشاكل لبنان".عودة شبح الاغتيالات
في سياق منفصل، خيم شبح الاغتيالات من جديد على الساحة السياسية اللبنانية، فبعد كلام المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم والمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، الأسبوع الماضي، خلال جلسة مجلس الدفاع الأعلى، عن عودة الاغتيالات، كشف إبراهيم، أمس، في كلامه الذي نقلته وسائل الإعلام، أن "ما يجري في الجامعات والتحريض الطائفي وتأثيره على الأمن لا سيما منه ما حصل أخيراً في الجامعة اليسوعية من اشتباكات بين طلاب يؤيدون حزب الله وآخرين معارضين خلّفت جرحى، كذلك عودة الاغتيالات والتصفيات الشخصية داخل المخيمات والانقسامات لا تنذر بالخير أبداً بالنسبة للوضع الأمني في البلاد"، لافتاً إلى ورود معلومات عن عمليات اغتيال محتملة". وأكد ابراهيم أنه "من الضروري في هذه المرحلة التنبّه إلى الأمن حالياً"، كاشفاً أنه أورد "المعطيات الواردة إلى المعنيين بالتهديد، الذين اتخذوا بدورهم الإجراءات اللازمة".