تتوالى فعاليات معرض الكويت الافتراضي للكتاب في دورته الـ 45، حيث أقيمت المحاضرة الثانية بعنوان "الثقافة الرقمية والمعلوماتية... آليات الوصول ومراحل التأهيل"، قدَّمتها نائبة رئيس مجلس الإدارة الرئيسة التنفيذية للتقدم العلمي للنشر والتوزيع، إحدى المراكز التابعة لمؤسسة الكويت للتقدم العلمي، د. ليلى الموسوي.

في البداية، قالت د. الموسوي: "الحديث في هذه الأيام لا يمكن أن يبدأ إلا بجائحة كورونا، أو ينتهي بها، ورغم المآسي والعواقب السلبية، هناك جوانب إيجابية، أهمها تسريع تطبيق تقنيات القرن الـ 21، التي لم يكن من المتوقع أن تنتشر قبل عشر سنوات مقبلة، هذه التقنيات وليدة الثورة الصناعية الرابعة التي وصلت إليها البشرية بعد قرون من النمو والتطور والتحولات العميقة".

Ad

وأشارت إلى أن هذه التغييرات فتحت الأبواب إلى كثير من الاكتشافات والاختراعات الكبيرة الأخرى، ومن أبرز معالمها ظهور محرك الاحتراق الداخلي، الذي أحدث ثورة في صناعة النقل، كالسيارات والطائرات وغيرها، وحلول البترول كمصدر أساسي للطاقة محل أنواعها الأخرى، وإنتاج السلع الاستهلاكية بكميات كبيرة، ونشوء ما يُعرف بالمجتمع الاستهلاكي، أي الثورة الصناعة الثانية.

الثورة الصناعية الثالثة

وتطرَّقت د. الموسوي إلى الثورة الصناعية الثالثة، التي "عاش الكثير منا إرهاصاتها، وهي التي أحدثتها الرقمنة والمعالجات الدقيقة، والإنترنت، وبرمجة الآلات، والشبكات في النصف الثاني من القرن العشرين، ومن أهم مميزاتها ظهور الكمبيوتر، الذي أحدث ثورة في تخزين المعلومات ومعالجتها، وبرمجة الآلة ورقمنتها".

وأضافت: "كما أحدث انتشار شبكة الإنترنت في كل أنحاء العالم ثورة في عالم الاتصالات، وأدى التطور في خوادم الكمبيوتر وقدراتها المتنامية باستمرار على تخزين المعلومات ومعالجتها إلى صعود المنصات الرقمية العملاقة، مثل: فيسبوك، وتويتر، وغوغل، وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي، التي أثرت في العلاقات الاجتماعية التقليدية".

وتابعت: "من هنا انطلقت الثورة الصناعية الرابعة، خصوصا من شبكة الإنترنت، وطاقة المعالجة الهائلة، والقدرة على تخزين المعلومات والإمكانات غير المحدودة للوصول إلى المعرفة، فهذه الإنجازات تفتح الأبواب أمام إمكانات لا محدودة من التكنولوجيا الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، وإنترنت الأشياء، والمركبات ذاتية القيادية، والطباعة ثلاثية الأبعاد، وتكنولوجيا النانو، والتكنولوجيا الحيوية وغيرها".

الأجهزة الذكية

وطرحت د. الموسوي سؤالا عن كيفية الوصول إلى الثورة الرابعة واستخدامها، لتجيب: "بسهولة عن طريق الأجهزة الذكية، خصوصا الهواتف الذكية".

وأكدت أن "المجتمع الكويتي منفتح على استخدام التكنولوجيا، والوفرة المالية تجعلها في متناول الجميع تقريبا، لكن للأسف، الكثير منا يتخذ موقفا عدائيا مع العلم الذي أنتج هذه التكنولوجيا، فهذا الهاتف الذكي ما كان يتحقق لولا إنجازات عديدة في العلوم البحتة الحائزة جوائز نوبل في الفيزياء".

ولفتت إلى أن الهاتف الذكي يحتوي على مئات الملايين من "الترانزستورات"، وهي أجهزة متطورة وفق نظريات معطيات الكم، وحصل كل من والتر براتين، وجون باردين، وويليام شكولي على جوائز نوبل في الفيزياء على تطوير هذه الترانزستورات.

من ناحية أخرى، قالت د. الموسوي: "رغم تفاؤل المجتمع بالتكنولوجيا، لكنه غير ملتفت إلى تغيرات الثقافة العميقة التي تفرضتها الرقمنة، والثورة الصناعية الرابعة، فلا ينبغي للمجتمع أن يُفاجأ من أن الطرق التقليدية للعمل لا تتوافق مع الطرق الجديدة، خصوصا مع إدراكه قدرتها على تسهيل حياتنا".

استراتيجية شاملة

وتابعت د. الموسوي: "نحن كمجتمع لم نتخذ بعد الخطوات اللازمة للاستعداد لهذا التحول الكبير، ومثل أي تحول كبير يتطلب التحول الرقمي غرس ثقافة تدعم التغيير، فمثلما يمنحنا فرصا أكبر سيطرح أمامنا تحديات صعبة. هناك حلول شاملة كبرى تتطلب استراتيجية شاملة للمجتمع ككل، ومنهجية واضحة وجهدا منضبطا، وهذا يتطلب جهدا ووقتا".

وشدد على أن الأكثر إلحاحا، هو توعية الشباب بقضايا خصوصية البيانات، وكيفية المحافظة على خصوصيتهم على وسائل التواصل، يليها تقديم المشورة المهنية لأطفال اليوم وشبابه، فالسنوات العشر المقبلة ستشهد تحولا في سوق العمل، وستظهر وظائف لم نسمع بها من قبل، لكن ما نعرفه بالتأكيد، أنها وظائف تقوم على العلوم والمعلوماتية، لذا من المهم التفكير بعمق في كسر الأنماط التقليدية عند توجيه الأبناء فيما يخص التخصصات الدراسية، واختيارات المهن، فالكثير من الوظائف التقليدية ستندثر سريعا، وحتى الحكومات لن توظف موظفين أميين رقميا.V