مع اقتراب تنصيب جو بايدن رئيساً جديداً للولايات المتحدة، بدأ حلفاء الأميركيين في شرق آسيا يحوّلون أنظارهم نحو العلاقات الثنائية بين اليابان وكوريا الجنوبية، فقد أعلنت الإدارة الجديدة نيّتها تقوية العلاقات مع الحلفاء، فلا أحد يعرف بعد مدى استعدادها لاستعمال مصطلح "الاستراتيجية الحرّة والمفتوحة بين المحيطَين الهندي والهادئ، لكن من المتوقع أن تُشدد على أهمية الأمن في هذه المنطقة تزامناً مع أخذ وضع الصين بالاعتبار، وفي ظل هذه الظروف، لا مفر من أن يتخذ موقف كوريا الجنوبية أهمية متزايدة، ولا تكتفي كوريا الجنوبية بإبعاد نفسها عن "الاستراتيجية الحرّة والمفتوحة بين المحيطين الهندي والهادئ"، بل إنها تُظهِر لا مبالاة نسبية تجاه أي رؤية مرتبطة بالأمن الإقليمي خارج شبه الجزيرة الكورية.عُقدت قمة عبر الهاتف بين اليابان وكوريا الجنوبية في شهر سبتمبر الماضي، فخلال الاتصال تكلم رئيس الوزراء الياباني الجديد يوشيهيدي سوغا عن أهمية العلاقة الثنائية وأشار إلى ضرورة اعتماد سياسة تعطي كوريا الجنوبية اهتماماً أكبر، لكن اكتفى سوغا منذ ذلك الحين بالكلام عن التعاون بين اليابان والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية للتعامل مع كوريا الشمالية، تزامناً مع التمسك بسياسات سلفه شينزو آبي في مسائل أخرى مثل نظام العمل الكوري في زمن الحرب.
تكلّم سوغا عن هذه المسألة وجوانب حساسة أخرى في علاقات اليابان وكوريا الجنوبية أمام وفد من المشرّعين الكوريين الجنوبيين الذين زاروا اليابان لحضور المنتدى الكوري الياباني في نوفمبر، فقال إنه يتطلع إلى تنفيذ خطوات ملموسة من الجانب الكوري الجنوبي لتحسين العلاقات الثنائية، ويشير هذا الموقف إلى مقاربة استباقية لتحسين العلاقات، لكنه قد يوحي في المقابل بأن سبب تدهور العلاقات يكمن في كوريا الجنوبية.من المستبعد أن تتقبل كوريا الجنوبية هذا الموقف بسهولة، لكن سيئول هي التي أخذت المبادرة لإجراء الاتصال في سبتمبر الماضي، مما يعني أن كوريا الجنوبية تبحث بدورها عن طرق فاعلة لتحسين العلاقات الثنائية، لكن لا أحد يعرف بعد إلى حد يمكن اعتبارها مندفعة لتحقيق هذا الهدف، لا سيما في علاقتها مع اليابان أو العلاقات الثلاثية التي تشمل الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية أيضاً.على صعيد آخر تشير المعطيات الراهنة إلى وجود توافق معيّن بين الصين وكوريا الشمالية، وتتابع الصين دعم اقتصاد كوريا الشمالية وقد قدّمت لها المساعدة أيضاً لمواجهة الكوارث الطبيعية وحالات النقص الغذائي غداة الأعاصير التي ضربت البلد في العام 2020، فقد تُستعمَل الذكرى السبعون للحرب الكورية لإثبات قوة العلاقات بين البلدين، وفي مطلق الأحوال، تملك الصين خط أنابيب باتجاه كوريا الشمالية تفوق قوته الخط الأميركي بأشواط، وبرأي إدارة مون جاي إن في كوريا الجنوبية، يعني هذا الوضع أن الصين "جديرة بالثقة" أكثر من الولايات المتحدة، ويعتبر مون مسألة توحيد كوريا والحوار مع كوريا الشمالية على رأس أولوياته.مع استمرار تفشي فيروس "كوفيد19" في أجزاء عدة من المنطقة، تعمد الصين إلى تكثيف نشاطاتها في المياه المجاورة والمناطق الحدودية تزامناً مع تشديد التدابير المفروضة على الدول المجاورة لها، حيث تواجه تلك الدول اليوم ضغوطاً كبرى من بكين وقد تضطر قريباً لإعادة النظر بعلاقاتها الإقليمية والنظام القائم في المنطقة عموماً.يُعتبر شمال شرق آسيا جزءاً أساسياً من "الاستراتيجية الحرّة والمفتوحة بين المحيطين الهندي والهادئ"، وكي تعطي هذه الاستراتيجية نتائج مثمرة، يجب أن تحقق اليابان وكوريا الجنوبية أهدافاً كبرى أبرزها إعادة بناء الثقة بين الطرفين، والتوصّل إلى موقف جامع حول وضع العالم، وتحديد الأهداف المشتركة مجدداً بعد تجاوز سوء التفاهم الذي يطغى على الأجواء راهناً.* شين كاواشيما *
مقالات
علاقة اليابان وكوريا الجنوبية تحت الاختبار
09-12-2020