كشف مصدر رفيع المستوى في «فيلق القدس»، الذراع الخارجية لـ «الحرس الثوري» الإيراني، لـ«الجريدة»، أن طهران استطاعت، خلال الشهرين الماضيين، إرسال كميات كبيرة من مواد صناعة الصواريخ إلى سورية ولبنان، على الرغم من قيام الإسرائيليين والأميركيين باستهداف بعض قوافل الأسلحة الإيرانية.

وأوضح المصدر أن الكميات المرسلة تكفي لصناعة 200 ألف صاروخ قصير ومتوسط المدى من نوع أرض-أرض، وأرض-جو، وأرض-بحر، وتم توزيعها في معامل صناعة الأسلحة بشمال سورية ولبنان.

Ad

ولفت إلى تمكُّن الإيرانيين من إرسال محركات الصواريخ والوقود الخاص بها وأجهزة إلكترونية أيضاً، إضافة إلى أن فرقاً هندسية من «الحرس الثوري» بدأت العمل مع فرق هندسية من الجيش السوري و«حزب الله» اللبناني، لتركيب هذه الصواريخ التي ستكون جميعها من الصواريخ الدقيقة أو ذات التوجيه الإلكتروني.

وأضاف أن بعض هذه الصواريخ مجهز بتكنولوجيا إلكترونية جديدة، وتعمل على أساس مبدأ صواريخ كروز وهي مشابهة للطائرات من دون طيار، حيث يتم تزويد الصاروخ ببيانات الهدف وتضاريسه، ويستطيع إصابة أهدافه في شعاع لا يزيد على عشرة أمتار، ويطير على مستوى منخفض جداً لا يمكن للرادارات كشفه.

وقال المصدر إن سبب تجهيز القوات الموالية لإيران في سورية ولبنان بهذه الصواريخ هو نجاح بعض الفصائل الفلسطينية، التي استخدمتها، في اختراق منظومة الدرع الحديدية الإسرائيلية، وكذلك النجاح عند استهداف منشآت أرامكو بالسعودية في تجاوز الرادارات الأميركية.

وتأتي هذه التطورات في وقت لا يزال التوتر العسكري يحوم فوق المنطقة. ورغم استبعاد إمكانية ضربة أميركية لمنشآت إيران النووية، فلا تزال تقارير إسرائيلية، أحدها نشر في صحيفة «معاريف» أمس، تقول إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد يجد نفسه مضطراً إلى توجيه ضربة عسكرية لإيران، قبل مغادرة دونالد ترامب البيت الأبيض في 20 يناير، لثنيها عن تسريع وتيرة برنامجها النووي، بما في ذلك رفع نسبة التخصيب إلى 20%، حسب القرار الذي ألزم مجلس الشورى الإيراني (البرلمان) حكومة الرئيس حسن روحاني بتنفيذه.

ورغم أن المؤشرات الصادرة عن طهران، بعد اغتيال عالمها النووي العسكري البارز محسن فخري زاده، توحي بأنها لن ترد في وقت قريب، فإن الدوائر الأمنية في المنطقة لا تزال متأهبة، تحسباً لأن طهران قد تختار الذكرى السنوية الأولى لاغتيال جنرالها البارز قاسم سليماني في الأيام الأولى من يناير، كموعد لانتقام مزدوج لسليماني وفخري زاده.

ويأتي الكشف عن هذه «الدفعة» الإيرانية لمصانع السلاح في لبنان وسورية، بعد موقف بارز للرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، في مقابلة مع الكاتب الصحافي البارز توماس فريدمان، شدد فيه على أن الصواريخ الدقيقة، التي تثير هواجس إسرائيل وبعض دول الخليج من إيران، تأتي في المرتبة الثانية من الخطورة بعد البرنامج النووي، الذي تجب معالجته أولاً بالعودة إلى اتفاق 2015.

من ناحية أخرى، أبلغ المصدر «الجريدة»، أن المسؤولين الإيرانيين طرحوا بإلحاح على وزير الخارجية السورية فيصل مقداد، خلال زيارته إلى طهران، ضرورة إقناع الرئيس السوري بشار الأسد بالموافقة على فتح جبهة الجولان ضد إسرائيل، إذ إن بشار الأسد ما زال مصراً على أن الجيش السوري لا يتحمل فتح جبهتين داخلية وخارجية، في حين أن الإيرانيين يعلمون جيداً أنه يتعرض لضغوط روسية بهذا الشأن.

إلى ذلك، أكد مصدر في قيادة الأركان الإيرانية أن أوامر صدرت للجيش الإيراني أمس بالانضمام إلى "الحرس الثوري" في تغطية وحماية المنشآت النووية في نطنز وبوشهر، وبالفعل قام الجيش بنقل وتركيب صواريخ S300 الروسية في المنشأتين اللتين كان "الحرس" يؤمنهما بصواريخ باور 373.

وحسب المصدر، اتُّخذ هذا القرار بعد انكشاف مدى الاختراق الأمني الذي يواجهه "الحرس" والذي ظهر في اغتيال فخري زاده، وضرورة تنويع وزيادة الدفاعات في هذه المراكز.

طهران - فرزاد قاسمي