الحياة البرزخية لإفرازات الانتخابات الفرعية
انتهت التكهنات وانجلى الغمام الانتخابي، وظهرت النتائج النهائية لانتخابات مجلس الأمة 2020 في الكويت، فألف مبارك للفائزين و"هارد لك" لمن لم يحالفهم الحظ، ولست هنا في صدد تقييم مخرجات الانتخابات هذه، وإعطاء رأيي في وعود البعض وتطلعاتي كمواطن كويتي للمجلس القادم، ولا توزيع صكوك الوطنية والغفران السياسي على من يمثل الأمة اليوم، لكني أعلم أن هذه الانتخابات كغيرها منذ ثلاثة عقود من الزمن وأكثر، تشوبها شائبة لا يمكن لي أو لغيري أن يتغاضى عنها البتة. لا ليست الشائبة الوحيدة ولكنها واضحة للعيان من خلال عدد من المصادر الصحافية والإخبارية، ألا وهي وصول البعض من خلال الانتخابات الفرعية أو كما يحلو للبعض تسميتها "التشاورية".الانتخابات الفرعية مجرمة بنص المادة 45 من قانون الانتخاب، وإن كان هناك من يدعو إلى تعديل القصور الوارد في القانون للحد من التشاوريات والمعمول بها كتصفية بين المتسابقين لا أكثر (وهذه حقيقة لا تنكر) فالواقع يفرض شيئاً مغايراً بالمرة، سمها يا عزيزي القارئ ما شئت، ففي النهاية هي فرعية وتأتي على شكل انتخابات حتى إن خلت من صناديق وأوراق و"صبه، حقنه، هو لبن". ولعل صياغة القانون الأصلي بهذه الصورة كان المقصود منه ترك فسحة للأحزاب السياسية من بعد تأطيرها وتقنينها في الكويت، أن تختار ممثلين عنها في المعارك الانتخابية، وهذا بعيدٌ كل البعد عن الانتخابات الفرعية والتشاوريات التي تكون ذات طابع فئوي أحادي يستخلص إفرازات من شريحة واحدة أو فئة واحدة من المجتمع الكويتي، فالأحزاب ينتمي إليها الأشخاص والعاملون على سياساتها والمؤمنون بمبادئها، وهم من كل أطياف المجتمع وليسوا من فئة واحدة أو عائلة أو قبيلة أو طائفة.
فلهذا، وبرأيي الشخصي، فإن تعديل قانون الانتخاب يجب أن يصاحبه قوانين لإشهار الأحزاب السياسية في الكويت ليكون العمل السياسي الديمقراطي، لا البرلماني فحسب، متكاملاً إلى حد كبير ومتماشياً مع الواقع الذي نعيشه، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف للنائب الذي أتى من خلال الفرعيات أن يقارع ويصارع الحكومة داخل قبة عبدالله السالم، وهو يعلم أنها قد أدارت له الخد الأيسر بعد أن أبصرت بعينها اليمنى كيفية وصوله إلى البرلمان والكرسي الأخضر اللماع؟! فهو منذ بداية مشواره يطرح نفسه كمشروع نائب للخدمات لا أكثر، وبعلم الناخبون الذين أوصلوه، وإلا كيف له أن يغطي طلبات ناخبيه في ديوانه العامر ليلا نهارا؟ للعلم، لا أقصد نائباً بحد ذاته وباسمه في مجلسنا هذا، لكن كلامي يخص كل نواب الخدمات وحياتهم البرلمانية البرزخية ما بين واقع الصراع النيابي الحكومي وإرضاء ناخبيهم وتطلعاتهم التي ينغبي لهم أن يحظوا بها دون تكبد عناء الذهاب لديوان فلان أو علان، أما بالنسبة إلى هذا المجلس فيبدو لي أن سيناريو "الحل" قريب إذا طالت ألسن البعض وتعالت أصوات البعض الآخر. على الهامش: مؤتمر الإنجاز الحكومي الأخير لم يبين لنا كم مواطناً حصل على أرض أو وحدة سكنية في آخر سنتين من مجمل الطلبات المتراكمة منذ سنين، أو إذا ما تم الانتهاء من مشكلة الإسكان برمتها، وأصبح الشعب كله ينتظر استلام مفتاح بيت العمر!!