منذ عام ١٩٨١ والكويت تشهد تراجعاً مخيفاً في شتى مناحي الحياة العامة فيها، بدايته كانت تفرد السلطة بإدارة شؤون البلد بنمط مشيخي تنفيعي، لمدة جاوزت أربع سنوات منذ ١٩٧٦-١٩٨١، إثر حل من خارج رحم الدستور وتغييب لمجلس الأمة طوال تلك السنوات، وعلى الرغم من أن الكويت في بداية حل المجلس كانت متفوقة في شتى جوانب الدولة، لكن بسبب التفرد، شهدت أزمات واحدة تلو الأخرى حتى صار تراجعها مخيفاً.وقد بدأ العبث بنظامنا الانتخابي مع استئناف انتخابات مجلس الأمة في ١٩٨١، حيث فرضت السلطة نظام الانتخاب على أساس الـ٢٥ دائرة المشوِّه للممارسة الانتخابية والمدمِّر للحياة الديمقراطية والحياة العامة في الكويت، حيث ولدت في ظله وتزايدت ظواهر سلبية مؤذية للمجتمع، وهي شراء الأصوات، والتشرذم الفئوي (قبلي أو طائفي أو مناطقي أو عائلي)، والنقل المبرمج والمكثف للأصوات، وتبادل الأصوات، والانتخابات الفرعية، والنجاح بأصوات قليلة، وتكريس الفردية بالعمل البرلماني.
ومنذ ذلك الوقت، أي عام ١٩٨١، ومع تعاقب أنظمة انتخابية مشوهة تكرس كل العيوب السابقة وترعاها، سواء كان ذلك بنظام الدوائر الخمس بأربعة أصوات المعيب والمجتزئ للحقوق الانتخابية، أو الأسوأ إطلاقاً وهو الدوائر الخمس بصوت واحد، وهو الذي فتّت النسيج الاجتماعي وشرذم العمل السياسي بشكل أكبر. والكويت منذ ذلك الوقت تعيش حالة من الاضطراب والخلل في العمل البرلماني وطريقة تكوين المجلس، وتتزايد حالة الاضطراب والخلل أو تقل، حسب التوازنات التي تفرزها الانتخابات من جهة، وقوة مكونات الحكومة من جهة أخرى، لكنها لم تختفِ ولم تجعل التجربة البرلمانية مستقرة ولا ناضجة، ولم تحقق المرجو منها، ولم تتطور كما كان مأمولاً بعد خمسة عقود كاملة، بل كانت تتراجع يوماً تلو الآخر، وتلحق بها نكبات وإخفاقات، أوصلت الناس لحالة شاملة من الإحباط واليأس وفقد للأمل بالإصلاح، بل والكفر بمجلس الأمة والممارسة البرلمانية، وهو ما يُسعدُ أطرافاً معروفة تمكنت من مفاصل الدولة وأفسدت مؤسساتها فتراجعت دولة الدستور والمؤسسات.واليوم، ومع اكتمال الانتخابات البرلمانية ٢٠٢٠ ونتائجها، التي جاءت ببعض الشخصيات، التي يمكن التفاؤل بوجودها وبمساندة الغضب الشعبي العارم، نأمل أن يكون الإصلاح مبرمجاً وسريعاً، بحيث يتم خلال المئة يوم الأولى من عمر مجلس الأمة إنهاء أهم الملفات، وهي المصالحة الوطنية والعفو العام، وإقرار نظام انتخاب عادل ذي منطلقات وطنية بنظام متزن بالتمثيل والمشاركة، مترادفاً مع الهيئة الوطنية العليا للانتخابات، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات، وفتح تحقيق برلماني شامل وموسّع بكل ملفات الفساد، وحل قضايا المواطنين الملحة: الإسكان واحتكار الأراضي والتعليم والصحة والتوظيف بشكل سريع وعادل ودائم، وهناك حلول جاهزة وممكنة لو خلصت النوايا ووجدت الجدية والرغبة والتكاتف حتى لو رفضت الحكومة، فالأغلبية اليوم متوافرة ويجب استثمارها لمصلحة قضايا الوطن.
أخر كلام
إصلاح النظام الانتخابي... بداية الطريق
10-12-2020