الله يسامحه لم يتعلم منا
لم يستلهم الرئيس المنتخب بايدن فكر مجموعة الثمانين الكويتية، مثلاً، في اختياره الفريق الصحي الذي سيواجه به أخطر أزمة صحية تمرّ بها بلاده، مَن شاهد العرض التلفزيوني لخلفيات ذلك الفريق سيعرف الفرق بيننا وبينهم، بين دول التحالف العشائري القبلي المتخلفة، رغم ثرائها، والدول المتقدمة، ولو كانت تحمل تاريخاً استعمارياً إمبريالياً، وسيعلم الفرق بين الدولة الأمة، والدول التي وجدت على مصادفة الثروات الطبيعية المؤقتة.وزير الصحة القادم عندهم من أصول مكسيكية متواضعة، تحدث بكل فخر عن عائلته ومعاناتها حتى ارتقى ابنهم لما وصل إليه اليوم، منصب "الجراح العام" كان من نصيب طبيب من أصول هندية سبق له العمل في منصبه، وأيضاً تم اختيار أستاذة طب من جامعة هارفارد، وهي إفريقية أميركية، وأسهبت بالكلام عن أن أكثر ضحايا الوباء هم من السود و"اللاتينو"، بسبب أوضاعهم الاجتماعية المتدنية، وكان منصب المنسق العام للفريق لمواجهة الوباء من نصيب إداري عمل مديراً في "فيسبوك".
لم يكن اختيارهم من وعاء "هذا ولدنا"، أو حسب الهوية العائلية أو العشائرية والمجموعات السياسية المتنافرة التي تعمل من أجل جماعتها وربعها فقط، ولم يكن اختيارهم وفق مقاييس الترضيات السياسية على حساب الكفاءات العلمية والإدارية. معيار الكفاءة والقدرة على التضحية والعطاء كان ميزان الاختيار، بهذا النهج وصلوا إلى القمة، وبنهجنا "المحاسيبي – الترضوي" الفاسد انحدرنا للحضيض... بنهج العقل والاتزان والجدارة هم يتقدمون، بينما حالنا هو "شوفة عينكم".يا ترى كيف سيتم اختيار الوزراء القادمين هنا في أصعب وقت مالي تمرّ به الدولة؟! هل ستكون هناك حكومة مصالحة وعفو وإنقاذ وطني من أهم أولوياتها الوضع الاقتصادي الخطير؟ أم ستكون كالعادة حكومة "اللي بالجدر يطلعه الملاس"؟! المصيبة في هذا "الملاس" هي أنه بيد ثابتة لا تتغير ولا تتبدل، والوعاء الكويتي نعرفه منذ زمن قديم، هو ليس وعاء صهر melting pot أميركي، هو "جدر مخفس" أكل الدهر عليه وشرب.