رفعت جهات إنفاذ القانون الأميركية المختصة بمكافحة الاحتكار على المستوى الفدرالي والولايات دعوى قضائية ضد "فيسبوك"، على أساس أن عملاق وسائل التواصل الاجتماعي أساء استخدام موقعه المهيمن وسعياً منها لتصفية استحواذه على تطبيقات الرسائل واتساب وإنستغرام.

ورمت دعاوى منفصلة رفعتها لجنة التجارة الفدرالية وتحالف مسؤولي الدولة إلى تصفية استثمارات إنستغرام وواتساب، وهما جزء من "عائلة" تطبيقات "فيسبوك".

Ad

وقال مدير مكتب المنافسة في لجنة التجارة الفدرالية إيان كونر، إنّ "تصرفات فيسبوك لترسيخ احتكارها والحفاظ عليه تحرم المستهلكين من منافع المنافسة".

وتابع كونر أنّ "هدفنا القضاء على سلوك فيسبوك المانع للمنافسة واستعادة المنافسة حتى يزدهر الابتكار والمنافسة الحرة".

وتم رفع دعوى قضائية منفصلة من قبل جهات إنفاذ مكافحة الاحتكار من 48 ولاية ومنطقة أميركية.

وقالت المدعية العامة لولاية نيويورك ليتيسيا جيمس التي تقود التحالف: "منذ ما يقرب من عقد من الزمان استخدمت فيسبوك هيمنتها وقوتها الاحتكارية لسحق المنافسين الأصغر والقضاء على المنافسة. ... وكل ذلك على حساب المستخدمين العاديين".

وتزعم الدعاوى أن فيسبوك سعت إلى القضاء على المنافسة من خلال الحصول على تطبيقات الرسائل إنستغرام في 2012 وواتساب في 2014.

ينذر هذا الإجراء بمعركة قضائية شرسة تسعى إلى إجبار فيسبوك على سحب التطبيقات التي أصبحت عنصراً مهماً بشكل متزايد في نموذج أعمال الشركة العملاقة ومقرها كاليفورنيا وتم دمجها في تقنيتها.

وأكّدت فيسبوك أنّها ستدافع "بقوة" عن أفعالها ونفت إساءة استغلال موقعها.

وقالت المستشارة العامة لفيسبوك جينيفر نيوستيد، في بيان، "قوانين مكافحة الاحتكار موجودة لحماية المستهلكين وتعزيز الابتكار وليس لمعاقبة الشركات الناجحة".

وأضافت نيوستيد، أنّ "إنستغرام وواتساب أصبحتا منتجين رائعين على ما هما عليه اليوم لأن فيسبوك استثمرت مليارات الدولارات وسنوات من الابتكار والخبرة لتطوير ميزات جديدة وتجارب أفضل للملايين الذين يستمتعون بهذه المنتجات".

وأوضحت أن هذه الصفقات تمت الموافقة عليها منذ سنوات من لجنة التجارة الفدرالية، وقالت إن الدعاوى تعني أن "الحكومة تريد الآن إلغاء الأمر وإرسال تحذير مخيف للأعمال التجارية الأميركية بعدم وجود بيع نهائي على الإطلاق".

وأفاد بعض المحللين بأن قضايا مكافحة الاحتكار ستواجه صعوبة في إثبات أن "فيسبوك" أضرت بالمستهلكين لأن خدماتها مجانية إلى حد كبير.

وقالت جيسيكا ميلوغين، من مركز الأبحاث التابع لمعهد المشاريع التنافسية، إن "المسرح السياسي يرتدي زي قانون مكافحة الاحتكار"، مشيرة إلى أن "مليار مستهلك في جميع أنحاء العالم استفادوا من شراء فيسبوك لإنستغرام وواتساب".

وقال كريستوفر سايغر، أستاذ القانون في جامعة كليفلاند ستيت، إن القضية قد تكون لها ميزة لأن فيسبوك "كانت بلا خجل متسلطة مفترسة وإقصائية في كل قطاع دخلته".

لكنه أشار أيضاً إلى أن "قانون مكافحة الاحتكار الأميركي يصعب تطبيقه الآن في جميع الحالات لا سيما في مثل هذه الحالات التي لا تنطوي على مؤامرة بين المنافسين بل تنطوي فقط على سلوك أحادي لشركة كبيرة واحدة".

من المحتمل ألا تتوقف القضية على حصة فيسبوك من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي فقط، بل على الكم الهائل من البيانات التي تجمعها من حوالي ثلاثة مليارات مستخدم حول العالم بما في ذلك ملياران على واتساب ومليار على إنستغرام.

قالت تيفاني لي أستاذة القانون بجامعة بوسطن التي تدرس هذا القطاع إنه في حين أن فيسبوك تنافس على جذب انتباه مستخدمي الإنترنت لكنها تتمتع بميزة كبيرة بسبب وصولها إلى البيانات.

وأضافت "إحدى الشركات التي تمتلك ملكية حصرية لكميات هائلة من بيانات المستخدم مع عدم وجود إمكانية للتشغيل البيني أو الوصول إلى المنافسين يمكن أن تكون مناهضة للمنافسة".

وأعلنت لجنة التجارة الفدرالية في وقت سابق من هذا العام أنها ستراجع عمليات الاستحواذ التي قامت بها خمس شركات كبيرة للتكنولوجيا على مدار العقد الماضي، ما يفتح الباب أمام موجة من التحقيقات المحتملة لمكافحة الاحتكار.

وقالت وكالة حماية المستهلك إنها ستراجع الصفقات التي أبرمتها أمازون وآبل وفيسبوك ومايكروسوفت وشركة الفابيت، الشركة الأم لغوغل، منذ عام 2010 وسط تزايد الشكاوى بشأن منصات التكنولوجيا التي هيمنت على القطاعات الاقتصادية الرئيسية.

بدورها، رفعت وزارة العدل الأميركية التي تشارك في إنفاذ قوانين مكافحة الاحتكار مع لجنة التجارة الفيدرالية، دعوى قضائية ضد شركة الفابيت، متهمة الشركة العملاقة بالحفاظ على "احتكار غير قانوني" في البحث والإعلان عبر الإنترنت وفتح الباب أمام تفكك محتمل.

وانضمت إحدى عشرة ولاية أميركية إلى هذه القضية.