رحيل نبيل فاروق بعد 19 عاماً من نبوءة «كورونا»
ودع قُراءه قبل مشاهدة روايته الأشهر «رجل المستحيل» على الشاشة الفضية
وسط حالة من الحزن العميق، شُيعت أمس جنازة الأديب المصري د. نبيل فاروق، من مسجد طلعت مصطفى بمدينة الرحاب (شرقي القاهرة)، بعدما وافته المنية أمس الأول، عن عُمر ناهز 64 عاماً، إثر إصابته بأزمة قلبية مفاجئة أودت بحياة مبدع سلسلة «رجل المستحيل» الشهيرة التي تابعها ملايين القراء في العالم العربي عبر سنوات طوال، واستطاع أن يترك بصمة فريدة في عالم أدب الجاسوسية والخيال العلمي والقصص البوليسية.
الرجل الذي أسعد أجيالاً عدة بمؤلفاته التي طغت عليها روح المغامرة، أبكى عشاق أدبه، بعد أن غادرهم فجأة. ورغم أنه ترك نهاية شخصية عمله الأدبي الأبرز "رجل المستحيل" مفتوحة، كي لا يقع في خطأ مؤلف "شارلوك هولمز"، فقد كتب القدر كلمة النهاية لحياته، فرحل في هدوء، منتزعاً معه دموع الملايين من قرائه.
السلاسل الأدبية
على مدار سنوات، ارتبطت أجيال عربية متلاحقة بالعَالم الساحر الذي صنعه الكاتب الراحل نبيل فاروق، عبر مجموعة من السلاسل الأدبية، التي أصدرها تباعاً في شكل كتب للجيب، فجاء رحيله أخيراً صادماً لمن تربوا على قصصه الشائقة، وشخصياتها العالقة في الوجدان، وأبرزها "رجل المستحيل" (أدهم صبري).وتنبأ فاروق بـ"فيروس كورونا"، حين أصدر كتابه "بصمة الموت" عام 2001، الذي تحدث فيه عن فيروس فتاك ينتقل عن طريق التلامس، ويهدد مستقبل العالم، وأطلق عليه اسم "هشيم"، حيث كان ينتقل سريعاً بين البشر كالنار في الهشيم.
التنبؤ العلمي
ومع تفشي "كورونا" أوائل العام الحالي، عاد القراء إلى تلك القصة، لمراجعة ما كتبه فاروق قبل 19 عاماً، وحين سُئل عن ذلك قال حينها إن "التوقع يقوم على التنبؤ العلمي المبني على الحقائق والدراسات، وهذا ما جعلني أتوقع أن أحد الفيروسات يمكن أن يشكِّل كارثة عالمية"!المؤسسات الثقافية
ومع رحيله المفاجئ، لم يكن غريباً أن تنعاه كل المؤسسات الثقافية والأدبية في مصر، حيث قالت وزيرة الثقافة إيناس عبدالدايم، في بيان رسمي، إن "الراحل يمثل علامة بارزة في الكتابة الروائية البوليسية التي تربت عليها أجيال من أبناء مصر، والتي أسهمت في تشكيل وعيهم وفكرهم".كما نعته الهيئة المصرية العامة للكتاب، حيث أعرب رئيسها هيثم الحاج علي، عن حزنه لوفاة فاروق، مشيراً إلى أنه "يمثل علامة بارزة في كتابة الروايات البوليسية التي تزخر بها المكتبة المصرية"، وأضاف: "أسهم نبيل فاروق في خلق جيل شاب يميل للقراءة". فيما أكد رئيس اتحاد الناشرين المصريين، سعيد عبده، أن "أعمال نبيل فاروق ومؤلفاته البوليسية ستظل شاهدة على هذا المبدع المتميز، وتراثاً تتوارثه الأجيال، وتظل شاهدة على إبداعه الفني".تأبين الراحل
وقررت مدينة طنطا (شمالي القاهرة)، مسقط رأس نبيل فاروق، تكريم اسمه، حيث أعلن رئيس نادي أدب قصر ثقافة طنطا، الشاعر مصطفى منصور، أن "النادي سينظم حفل تأبين للأديب الراحل يليق بتاريخه ومشواره الأدبي والروائي". وأضاف في تصريحات له، أن "الكاتب الروائي نبيل فاروق، يُعد أشهر روائي عربي في أدب الجاسوسية والخيال العلمي، وظاهرة أدبية لن تتكرر"، مؤكداً أن "العالم العربي فقد موهبة أدبية وروائية كبيرة".عمل درامي
ورحل الكاتب المرموق قبل أن يشاهد روايته الأشهر "رجل المستحيل"، تتحول إلى عمل درامي يُعرض على الشاشة الفضية، حيث أعلن في وقت سابق أنه باع حقوق ملكية السلسلة للمنتج والمؤلف هاني أسامة، لتحويلها إلى مسلسل قريباً جداً، وأن الكاتب أحمد مراد حوَّل الرواية إلى سيناريو لعمل درامي سيخرجه مروان حامد، لكن تم تأجيل العمل، ومن المفترض أن تعود تحضيرات المسلسل، واختيار أبطال لتلك الرواية البارزة خلال الفترة المقبلة.الأديب الراحل في سطور
وُلد نبيل فاروق رمضان بيومي في 9 فبراير عام 1956 بمدينة طنطا المصرية، حيث نشأ في عائلة متوسطة الحال. وبدأ اهتمامه بالقراءة منذ طفولته، حيث كان يقرأ كثيراً، وكان والده يشجعه على ذلك. وكانت أولى محاولاته مع الكتابة في المرحلة الإعدادية، وانضم إلى جماعة الصحافة والتصوير والتمثيل المسرحي في المدرسة الثانوية. وحصل على جائزة من قصر ثقافة طنطا عن قصة "النبوءة" عام 1979، والتي أصبحت لاحقاً القصة الأولى في سلسلة "كوكتيل 2000".وبعد حصوله على شهادة الثانوية العامة التحق بكلية الطب في طنطا، وتخرج فيها بدرجة بكالوريوس في الطب والجراحة عام 1980. وفي 2 مارس 1982، انتقل إلى محافظة قنا (بصعيد مصر) في دورة تدريبية لمدة شهرين، وبعد نجاحه في الامتحان الإداري انتقل ليبدأ عمله كطبيب في بلدة أبودياب. وبعد نجاح سلسلتي "رجل المستحيل" و"ملف المستقبل"، اعتزل مهنة الطب وتفرغ للكتابة، وانتقل للعيش في القاهرة أواخر عام 1990.واشتهر الأديب الراحل بالأدب البوليسي والخيال العلمي، وصدرت له مجموعة كبيرة من القصص عن المؤسسة العربية الحديثة، وقدَّم عدة سلاسل قصصية، أشهرها: "ملف المستقبل"، و"رجل المستحيل"، و"كوكتيل 2000"، ولاقت جميعها نجاحاً كبيراً في العالم العربي، وخاصة عند الشباب والمراهقين.
●القاهرة - أحمد الجمَّال
علامة بارزة في الكتابة البوليسية وأعماله ساهمت بتشكيل الوعي وزيرة الثقافة
أسهم في خلق جيل شاب يميل للقراءة هيثم الحاج علي
تأبين في مسقط رأسه بمدينة طنطا يليق بتاريخه ومشواره الأدبي
أسهم في خلق جيل شاب يميل للقراءة هيثم الحاج علي
تأبين في مسقط رأسه بمدينة طنطا يليق بتاريخه ومشواره الأدبي