اختار الدكتور صلاح محمد الغزالي ضمن "سلسلة الحوكمة" كتابه هذا الذي يدور حول أسلوب إدارة السلطة، سواء التشريعية أو الحكومات. وباعتقاده ألا خصوصية اجتماعية لمنطقتنا الخليجية عن المشاركة في إدارة شؤونهم عندما يتحدثون عن الديمقراطية. الحرص على القول، إنه ليس هناك ربع أو نصف ديمقراطية، فإما أن نأخذها كاملة حتى نحقق أهدافها... أو نتنحى عنها جانباً... يأتي من تجربة خاضها الدكتور الغزالي طوال سنوات عمله في جمعية الشفافية الكويتية مؤسساً ورئيساً، إضافة إلى تخصصه ودراسته الأكاديمية، وهذا ما يظهر في مزج العنصرين في مهنة التدريس.

من وجهه نظره، التعميم بالديمقراطية لا يعني أنه لا توجد خصوصية لكل شعب ودولة، بل الأصل في الموضوع هو الاحتفاظ بجوهر الديمقراطية، والقائم على احترام حقوق الإنسان، ومشاركة الناس بأوسع قوة ممكنة، والتداول السلمي لسلطة الحكم.

Ad

ثقافة الديمقراطية

في الباب الأول من الكتاب الصادر حديثاً يستعرض "ثقافة الديمقراطية"، فهي على الرغم من انتشار مصطلحها نظرياً وتطبيقها إلى حد ما في العديد من الدول، فإنها في منطقتنا قد تكون شكلاً كذلك، حيث يوجد في بعضها انتخابات وبأشكال متعددة، كما توجد برلمانات لكن انتخاباتها ليس وفق "المعايير الدولية" فينتج عنها برلمانات تكون غالباً موالية للحكومة، إنها ديمقراطيات مشوهة ومنقوصة لا تعدو أن تكون ديكوراً جميلاً من الخارج، لكنها في حقيقتها لا تقوم بواجباتها كمثل للأمة.

هي ثقافة اجتماعية قبل أن تكون طريقة في تشكيل السلطة، بحيث تنعكس هذه الثقافة على السلطات السياسية الثلاث وتؤثر فيها، عدا عن أنها سلوك جماعي لحل الخلافات... ينبغي أن تتجذر في كل مجالات الحياة العامة فهماً وممارسة، كاحترام الراي الآخر، وقبول سيادة القانون، وتمكين الأغلبية من إبداء الرأي واحترام حقوق الأقليات.

تناول هذا الباب ثقافة الديمقراطية من خلال ثلاثة فصول، الأول التعرف على الديمقراطية، والثاني عن المعايير الدولية، والثالث حول الفعاليات والمنظمات العالمية.

عمل الباحث على استدراج القارئ في كل فصل من الفصول، بحيث راح يطرح الأسئلة، التي قد تتبادر إلى ذهن الشخص، فكأنه بذلك يحقق غايته التي يسعى إليها على غرار السؤال... لماذا أصلاً نحتاج إلى الديمقراطية كواقع عربي؟ وهل هي مفيدة للشعوب ولأصحاب السلطة؟

الأعمدة السبعة

في الباب الثاني من الكتاب، أفرد المساحة المطلوبة للحديث عن الأعمدة السبعة للانتخابات، وبما أنها أي الانتخابات "وسيلتنا الأساسية" لتحقيق الديمقراطية فلكي لا تنهار... هناك جملة ضوابط ومعايير غير مقبول التفريط بأي عمود منها دون بناء محكم ودقيق. وستبقى الانتخابات شكلية دونها... فما هي هذه الأعمدة السبعة؟ يتوسع هنا بالشرح قليلاً مع الاستعانة بجداول وإحصاءات ومراجع عربية ودولية لتوضيح مقاصده بالأعمدة السبعة والمترابطة بشكل لا ينفصل أحدهما عن الآخر، أي في دائرة واحدة كحبات العنقود، وهي على الشكل التالي: النظم الانتخابية، والدوائر، وسجل الناخبين، والتمويل الانتخابي، وإدارة الانتخابات، وعمليات الاقتراع، ومراقبتها.

استحضار تجربة الكويت

مع كل فصل، هناك استشهاد وعرض لحالة الكويت، حيث يبين فيها موقعها من الظاهرة العامة، وأين أخفقت وأين نجحت، وهذا ما حققه الدكتور الغزالي، وفيما يشبه تقديم عرض مرئي لطلبته في الجامعة، بعد أن يشرح النظرية ويلم بالموضوع ويغوص في عوالمه، يستحضر الكويت في كل حالة من حالات الديمقراطية.

الكتاب يشكل مرجعية ليس فقط للباحثين، بل للمهتمين بالشأن السياسي والوطني نظراً إلى ما يتضمنه من معلومات وحقائق ودروس يستفاد منها في الواقع العملي.

أما الباب الثالث والمعنون بـ "أدوات الديمقراطية" فقد تضمن أربعة اتجاهات ومداخل، الأول يتعلق بنشر ثقافة الديمقراطية والثاني يتصل بالمنظمات غير الحكومية والثالث له علاقة بجماعات الضغط والرابع بالأحزاب.

نزاهة البرلمانيين

جاء الباب الأخير تحت اسم "العمل البرلماني" مستعرضاً إياه في ظل نزاهة أعضائه وشفافيته، وفي صياغة هذا الباب تمت الاستفادة من (إعلان الشفافية البرلمانية) الذي حظي بدعم واسع من الدول الديمقراطية، كما تمت الاستفادة من التجربة التي مارسها مجلس العموم البريطاني لتعزيز شفافية البرلمان ونزاهته، من خلال تنظيم ورشة حوارية داخل مجلس الأمة الكويتي والاستعانة بلوائح مجلس العموم البريطاني. وتضمن الباب الرابع فصلين الأول عن "شفافية البرلمان" والثاني حول "نزاهة البرلمان".

● حمزة عليان