أكد خبراء نفطيون أن دخول القطاع النفطي في شراكات عالمية سيعود على القطاع بفرص عمل كبيرة، فضلا عن الارتقاء بتطوير الخبرات المحلية.

ولفت الخبراء الى ضرورة دعم الاقتصاد المحلي من خلال تشجيع قيام الصناعات التحويلية المعتمدة على النفط، لأن تلك الصناعات تعظّم إيرادات الدولة وتحميها من أن تكون عرضة لتقلبات أسعار النفط.

Ad

وأشاروا في تحقيق لـ «الجريدة» الى أن إنشاء المصافي يعد إحدى الآليات المهمة لتعزيز القيمة المضافة للنفط من خلال تحويله الى منتجات بترولية متنوعة تتماشى مع تطور أنماط الطلب في العالم.

وذكر الخبراء أن توسع البلاد في إنتاج الغاز الطبيعي أصبح امراً حتمياً، خاصةً ان هناك استراتيجيات تتبناها حاليا مختلف الشركات النفطية في غالبية دول العالم لإنتاج الغاز، لكونه مصدر طاقة صديقاً للبيئة. وأضافوا أن عمر النفط والحقول النفطية يعتمد في الأساس على كمية المخزون وحجم الإنتاج، لافتين الى أنه كلما زاد الطلب وانفتحت الدول على الصناعات المعتمدة على النفط، زاد الانتاج، مما يدلل على أن عمر النفط يرتبط ارتباطاً وثيقاً بحجم الاستهلاك العالمي.

وذكروا أن انخفاض الطلب على الخام خلال العام الحالي وأواخر العام الماضي جاء نتيجة تراجع وضعف الاقتصاد العالمي بسبب انتشار جائحة كورونا، التي تسببت في توقّف جميع الأنشطة الاقتصادية المعتمدة على النفط، وفيما يلي التفاصيل:

بداية، قال الخبير النفطي محمد الشطي إن الاستفادة المثلي من النفط وتحويله الى منتجات ذات قيمة عالية يعزز من الطلب على النفط الى عقود مقبلة، ومن أهم الأمور التي تصب في تعزيز الطلب على النفط هو التوسع في الصناعات التحويلية وقطاع البتروكيماويات، وهو مجال واسع جدا، ويضمن قيمة عالية وثباتا ونماء في الإيرادات النفطية، ويقلل أيضا من تعرّض النفط لتقلبات الأسعار بشكل عام.

وأضاف: يوجد مجال كبير للدخول في شراكات مع الشركات الأجنبية ذات الخبرات العريقة في هذا المجال لتأسيس شركات والدخول في استثمارات، سواء داخل الكويت أو خارجها، وتضمن فرص عمل كبيرة وفرصا للارتقاء وتطوير الخبرات المحلية.

محتوى كبريتي

وأشار الى أن مشروع الوقود البيئي يهدف الى إنتاج الديزل وزيت الغاز بمحتوى كبريتي منخفض جدا، بشكل يجعل هذا المنتج صديقا للبيئة، ويتماشى مع الشروط البيئية وتطورات أنماط الطلب في الأسواق التقليدية والواعدة لمؤسسة البترول الكويتية ويعطيها المرونة الكافية للتوسع في الأسواق الحالية، ويكسبها أسواقا جديدة، وهو ما يضمن أيضا إيرادات ثابتة للدولة، وبالتالي يعزز من الطلب على النفط.

وذكر الشطي أن الصناعات التحويليّة يمكن تقسيمها إلى العديد من القطاعات التي يعمل كلّ منها في مجال معيّن، ومن الأمثلة على أهم أنواع الصناعات التحويليّة الصِّناعة الغذائيّة، وصناعة المنسوجات، والملابس، والورق، والخشب، والموادّ النفطيّة، والموادّ الكيميائيّة، والصِّناعة البلاستيكيّة، والمعدنيّة، وصناعة الإلكترونيّات، مثل أجهزة الحاسوب، والآلات، وصناعة الأجهزة الكهربائيّة

شركات أجنبية

ولفت الى ضرورة دعم الاقتصاد المحلي من خلال تشجيع قيام صناعات تحويلية لافتا الى أن وجود شركات أجنبية عملاقة يساهم في تعزيز الاستفادة المثلى من صناعة النفط والغاز، وهذا واضح وجليّ في عدد من البلدان المنتجة للنفط مثل السعودية، والإمارات، وقطر والعراق، وغيرها وهي في النهاية تحمي الإيرادات من أن تكون عرضة لتقلبات أسعار النفط.

وقال الشطي إن المصافي تعد إحدى الآليات والمجالات لتعزيز القيمة المضافة للنفط بتحويله الى منتجات بترولية متنوعة وذات قيمة عالية وصديقة للبيئة، وتتماشى مع تطور أنماط الطلب في العالم، وكذلك دمج التكرير مع البتروكيماويات، وهي في مجملها سبل لتعزيز الاستفادة المثلى من النفط، وأيضا سياسات واستراتيجيات متبعة في الشركات النفطية والدول المنتجة للنفط، وتقيّم كل انشطتها وعملياتها، وتتوسع في بعضها أو تقليص بعضها حسب الجدوى الاقتصادية.

وذكر أن التوسع في إنتاج الغاز الطبيعي هي استراتيجيات تتبناها مختلف الشركات النفطية ودول العالم، كونه صديقا للبيئة، وفي الكويت تم التركيز على الغاز في توليد الكهرباء.

عمر النفط

من جانبه، قال الخبير النفطي يوسف القبندي إن النفط كخام ومشتقات له استخدامات عدة، سواء كان وقودا للسيارات والقطارات ومحطات الكهرباء وغيرها من الوسائل المتعددة التي تعتمد على مصدر النفط كطاقة، وكذلك نستخدم مشتقات النفط كلقيم في الصناعات البتروكيماوية والتحويلية وكل الصناعات التي نعرفها حتى الأدوية.

وأضاف أن عمر النفط والحقول النفطية يعتمد على كمية المخزون وحجم الانتاج، لافتا الى أنه كلما زاد الطلب وانفتحت الدول على الصناعات المعتمدة على النفط زاد الانتاج وانخفضت المخزونات، وهذا يدلل على أن عمر النفط لا يرتبط بشيء سوى الحاجة الى الاستهلاك وكمية الإنتاج.

وأشار القبندي الى أن انخفاض الطلب خلال سنة 2019-2020 جاء نتيجة تراجع وضعف الاقتصاد العالمي في الفترة الأخيرة التي امتدت الى نحو عام بسبب انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد، وهو ما تسبب في توقف جميع الانشطة الاقتصادية المعتمدة على النفط، الأمر الذي أدى الى خفض الإنتاج النفطي من أجل وقف نزيف الأسعار، بسبب زيادة العرض والمخزونات الكبيرة.

الوقود البيئي

وقال إن مشروع الوقود البيئي الذي يقوم عليه القطاع النفطي في البلاد هو مشروع كبير وحيوي يهدف الى إنتاج وقود نظيف يتماشى مع متطلبات المنظمات العالمية المعنية بالمناخ، والتي وضعت شروطا صارمة لنوعية الوقود، ووضعت نسبا للكبريت في الوقود المستخدم، خاصة في السفن والبواخر والسيارات، مشيرا الى أن الكويت متمثلة في شركة البترول الوطنية ستنتج وقودا بيئيا نظيفا تستطيع به خوض المنافسة العالمية في مثل تلك النوعية من الوقود، وخاصة في منطقة أوروبا.

وذكر القبندي أن الصناعات البتروكيماوية المعتمدة على النفط تحتاج إلى بنية تحتية لإقامة قاعدة صناعية وأسواق كبيرة ومصافٍ كبيرة ومتنوعة، فضلا عن احتياجها الى رأسمال ضخم، إضافة الى خبرات كبيرة في المجال لا نمتلكها في الكويت، على غرار الشركات الكبرى في صناعة البتروكيماويات ومشتقاتها مثل سابك السعودية وداو اللتين تعدان من أكبر الشركات في الصناعات التحويلية.

واختتم القبندي قائلا إن انتاج الغاز الطبيعي والتوجه للاهتمام به أصبح مطلبا حيويا لكونه أصبح مصدرا مطلوبا على مستوى العالم، نظرا لانخفاض سعره والطلب المتزايد عليه لاستخدامه كمصدر نظيف في الصناعة والكهرباء.

صناعات بتروكيماوية

من ناحيته، قال الخبير النفطي خالد العجيل إن الاقتصاد المحلي يرتكز في الأساس على إنتاج وتصدير النفط كدخل وحيد لإيرادات الدولة.

ودعا العجيل الى ضرورة التوسع في الصناعات البتروكيماوية المعتمدة على المشتقات النفطية والغاز كلقيم، إلا أنه أردف قائلا إن تلك الصناعات البتروكيماوية تحتاج الى اللقيم الخاص بها، مبينا أن هذا اللقيم من الممكن الحصول عليه من المصافي من أجل التوسع في مثل هذا النوع من الصناعات المعتمدة على النفط، فضلا عن حاجة اللقيم الى الغاز غير المتوافر لدينا بكميات كبيرة نستطيع الاعتماد عليها في هذا الإطار.

وأضاف أننا بحاجة ماسة الى تنويع الاقتصاد من خلال تعدّد مجالات النشاط الاقتصادي في مجالات عدة.

وأشار الى أن العقول والأموال متوافرة في الكويت، ولا ينقصنا سوى اتخاذ القرار وتنفيذه.

تعظيم الإيرادات

ولفت العجيل الى أن التوسع في إنشاء المصافي على غرار مصفاة الزور التي سوف تكرر نحو 615 ألف برميل نفط يوميا قد يكون هو أحد السبل في تعظيم ايرادات الدولة، وكذلك تعظيم قيمة برميل النفط الخام، لأن تلك المصافي ستنتج مشتقات نفطية عديدة صديقة للبيئة بمواصفات عالمية نستطيع تصديرها الى الولايات المتحدة وأوروبا واليابان، مشيرا الى أن تشغيل مصفاة الزور سيقلل بطبيعة الحال من تصدير نفطنا الخام.

وذكر أن القطاع النفطي في الدولة يصب جل اهتمامه حاليا نحو المزيد من استكشاف الغاز، موضحا أن الغاز أصبح مهما بالنسبة للكويت، لاستخدامه لقيما في صناعة البتروكيماويات.

● أشرف عجمي