"علينا أن نختار بين طريق مؤلم وطريق آخر أكثر إيلاماً"... هذه كانت عبارة علي سالم، وهو رجل أعمال كويتي، لجريدة الفايننشال تايمز، وهي جريدة بريطانية لها الكثير من المصداقية في القضايا الاقتصادية، ولا ترقّع ولا تجامل من أجل ملاكها أو مصالحهم. عنوان التحليل (نشر قبل يومين بالجريدة السابقة) مثير وفيه سخرية من واقعنا الاقتصادي، يقول "بلايين في البنوك ومع ذلك الكويت محشورة (مضغوطة) في السيولة".

لا يوجد جديد لا نعرفه في تحليل الفايننشال، ولكن الكثير من المواطنين (وليس عليهم لوم) نتصور أنهم سيرفضون نتائجه. يقول مثلاً إن نسبة العجز المالي وصلت لحوالي 40 في المئة من الناتج الإجمالي، ويضيف أن الكويت تراوح في مكانها، لعجز الحكومة عن إقرار تجديد قانون الدين العام، ومثلما يرفض البرلمان التجديد فهو لا يقبل المساس بالصناديق السيادية، وأن 80 في المئة من المواطنين يعملون في الحكومة برواتب تستغرق اثنين وخمسين في المئة من نفقات الدولة، بينما يستغرق الدعم 25 في المئة من النفقات، وأن السلطة لم تفكر يوماً في مستقبل الدولة لمرحلة ما بعد النفط.

Ad

الجريدة المذكورة لم تتعرض لهاوية الفساد المالي، وليس هذا شأنها، فهي تتحدث بلغة أرقام صعبة على السلطة وعلى جمهور "يا رب لا تغير علينا"، إلا أنها تكلمت عن مجلس نيابي جديد فيه معارضة قوية لنهج السلطة. هذه المعارضة نتصور أنه سيكون من الطبيعي أن تكون شعبية وشعبوية معاً، شعبية بمعنى أنها تمثل رغبات الناس، وشعبوية بمعنى أنها قد ترضي تطلعات واقع الحال، ولكن التخطيط للمستقبل وفكر التضحية من الكبير والصغير معاً قد يكون بعيداً عن المنال.

الدولة في حيص بيص، قبل كورونا وبعد أزمة كورونا، طريق مؤلم أمامنا لن نختلف على هذا، لكن يوجد حلول تتمثل في تعميق الوعي بحال الدولة، وتقريب وجهات النظر بين النخب والجمهور، وتطبيق حكم القانون، وإنهاء امتيازات القلة المستفيدة، وحل معضلة الوظيفة العامة، المهم أن تكون هناك نية وعزيمة مخلصة لقلب حال البلد، وهذا هو الأمل، غير هذا سنظل في حيص بيص وسنسقط بالهاوية قريباً جداً، والله يستر.

حسن العيسى