أميركا تستعد لحملة تطعيم... ولقاحات تواجه انتكاسة

• الولايات المتحدة والمكسيك ترخصان لـ «فايزر» وكيبيك تبدأ استخدامه اليوم
• الصين تعزل مدينة

نشر في 13-12-2020
آخر تحديث 13-12-2020 | 00:04
أصدرت إدارة الغذاء والدواء الأميركية أول إذن طوارئ لاستخدام اللقاح المضاد لفيروس "كورونا"، الذي تنتجه شركتا "فايزر" الأميركية و"بيونتيك" الألمانية، والذي بدأ استخدامه بالفعل في بريطانيا، ما يسمح بتوزيعه في الولايات المتحدة. وفي وقت تبدأ مقاطعة كيبيك الكندية اليوم عملية التلقيح باستخدام "فايزرـــ بيونتيك"، وافقت المكسيك بدورها على تسويق اللقاح نفسه، بينما مُنيت مختبرات "سانوفي" الفرنسية و"غلاكسو سميث كلاين" البريطانية بنكسة، مع إعلان أن لقاحهما لن يكون جاهزاً قبل نهاية 2021.
أصبحت الولايات المتحدة سادس دولة تعطي موافقتها على استخدام اللقاح الذي تصنّعه شركة "فايزر ـــ بيونتيك" الأميركية- الألمانية لمكافحة وباء "كورونا"، ممهدة الطريق أمام بدء حملة تلقيح واسعة النطاق في كل أنحاء البلاد، فيما وعد الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب بأن أول جرعة ستكون خلال "أقل من 24 ساعة".

وبضغط من ترامب لتسريع منح التصريح الطارئ، أعلنت إدارة الغذاء والدواء الأميركية FDA أنها أعطت موافقتها على استخدام اللقاح.

وبذلك باتت أميركا، التي سجّلت وفاة أكثر من 3300 شخص خلال 24 ساعة، الدولة السادسة، بعد بريطانيا، وكندا، والبحرين، والسعودية، والمكسيك التي تعطي موافقتها على "فايزر".

ورحّب ترامب، أمس الأول، بهذا النبأ على "تويتر"، قائلاً: "اليوم حققت بلادنا معجزة طبية. بدأنا بالفعل إرسال اللقاح إلى كل الولايات"، مشيرا إلى أن "أولى عمليات التلقيح ستتم في أقل من 24 ساعة".

وأوضح أن "الحكّام يُقرّرون أين يجب أن تذهب اللقاحات في ولاياتهم ومَن سيتلقّاها أولاً". وتابع: "نريد أن يكون مواطنونا الأكبر سناً ومقدّمو الرعاية والإسعافات الأولية أوّل مَن يتلقّاها".

ووفقاً لشبكة CNBC الإخبارية الأميركية، فإن إدارة ترامب تخطط لتوزيع 2.9 مليون جرعة من اللقاح في غضون 24 ساعة، تليها 2.9 مليون جرعة اضافية بعد 21 يوما للمرضى للحصول على الجرعة الثانية.

إلى ذلك، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست"، أمس الأول، أن رئيس موظفي البيت الأبيض مارك ميدوز، أمَرَ مفوّض إدارة FDA ستيفن هان، بإجازة اللقاح في اليوم نفسه، أي الجمعة، أو أن يُقدّم استقالته.

إلا أن هان ردّ في بيان "إن هذا تفسير غير صحيح للمكالمة الهاتفية مع رئيس موظفي البيت الأبيض". وأوضح أن "ترخيص الإدارة للاستخدام الطارئ للقاح يعد علامة بارزة في مكافحة هذا الوباء المدمر، الذي اثر على العديد من العائلات في الولايات المتحدة وحول العالم".

وأكد أن "هذا الإجراء يتبع عملية مراجعة مفتوحة وشفافة تضمنت مداخلات من خبراء مستقلين في العلوم والصحة العامة، وتقييما شاملا من قبل العلماء المهنيين بالوكالة، للتأكد من أن هذا اللقاح يلبي المعايير العلمية الصارمة لإدارة الغذاء والدواء للسلامة والفعالية وجودة التصنيع المطلوبة لدعم إذن الاستخدام في حالات الطوارئ".

100 مليون جرعة

في غضون ذلك، اشترت الولايات المتحدة من جانب آخر، 100 مليون جرعة إضافية من لقاح آخر هو، لقاح "موديرنا الأميركية للأدوية، وبذلك ضاعفت عدد الجرعات المطلوبة مسبقا من شركة التكنولوجيا الحيوية الأميركية هذه.

وقبل الولايات المتحدة، وافقت هيئة الرقابة الصحية المكسيكية "كوفيبريس" على تسويق "فايزر"، على أن تبدأ حملة التلقيح في نهاية ديسمبر مع الدفعة الأولى من 250 ألف جرعة، التي ستكفي 125 ألف شخص مع جرعتين، حسب ما قال نائب وزير الصحة هوغو لوبيز غاتيل، في مؤتمر صحافي، أمس الأول.

كيبيك

كما أعلنت السلطات الكندية أن مقاطعة كيبيك ستشرع، بداية من اليوم، في عمليات التطعيم، لتكون أول مقاطعات البلاد استفادة من إعطاء وزارة الصحة الفدرالية الضوء الأخضر لاستخدام لقاح "فايزرـــ بيونتيك".

وذكر رئيس وزراء كيبيك فرنسوا ليغو، أمس الأول، "إننا نرى النور في نهاية النفق"، مؤكّداً أن التطعيم سيبدأ في المقاطعة اليوم.

في المقابل، يشكل علماء بريطانيون وروس فريقاً لتجربة تركيبة من لقاحي "أكسفورد ـــ أسترازينيكا" البريطاني و"سبوتنيك في" الروسي، لمعرفة إذا كان بالإمكان تحسين مستوى الحماية ضد مرض "كورونا".

وقد يؤدي المزج بين اللقاحين إلى استجابة مناعية أفضل عند الناس.

وستشمل التجارب، التي تجرى في روسيا، أشخاصا فوق سن الثامنة عشرة، رغم أنه ليس من الواضح عدد المشاركين في تلك التجارب.

ونشرت "جامعة أكسفورد" أخيرا نتائج تظهر أن لقاحها آمن وفعال في التجارب التي أجريت على البشر.

ولايزال الباحثون يعملون على جمع البيانات المتعلقة بفعالية اللقاح مع الفئات العمرية الأكبر سنا، في حين ينتظرون الحصول على الإذن باستخدامه من الوكالة التنظيمية للأدوية ومنتجات الرعاية الصحية، وهي الجهة المنظمة في بريطانيا.

وقالت "أسترازينيكا" إنها تفحص تركيبات للقاحات مختلفة مضادة للفيروسات الغدية، للتوصل إلى ما إذا كان مزجهم سيؤدي لاستجابة مناعية أفضل، ومن ثم الحصول على قدر أكبر من الحماية.

نكسات

على صعيد متّصل، مُنيت مختبرات "سانوفي" الفرنسية، و"غلاكسو سميث كلاين" GSK البريطانية بنكسة، مع اعلانها أن لقاحهما لن يكون جاهزا قبل نهاية 2021، بعدما جاءت نتائج التجارب السريرية الأولى أدنى من التطلعات.

وأعلنت الشركتان، في بيان، أن تنفيذ البرنامج "يتأخر من أجل تحسين الاستجابة المناعية لدى المسنين".

وهما تتوقعان الآن توفير لقاح في الربع الأخير من العام المقبل، بينما كانتا تسعيان بالأساس إلى تقديم طلب ترخيص في النصف الأول من 2021.

وقال الناطق باسم الحكومة الفرنسية، غابريال أتال: "هذا لا يعيد النظر في استراتيجية بلادنا على صعيد اللقاح التي تستند إلى تعدد اللقاحات"، مضيفا أن هذه المرحلة "تظهر أن هذا المختبر يتوخّى الدقة العلمية التامة".

وأظهرت النتائج المرحلية لأولى التجارب، التي بدأت في سبتمبر، استجابة أدنى من التطلعات، إذ كانت الاستجابة المناعية ضمن فئة 18 و49 عاما من العمر "مماثلة لاستجابة المرضى الذين تعافوا من إصابة بكورونا"، غير أنها كانت "غير كافية" لدى البالغين الأكبر سنا.

من جهتها، أوقفت البيرو موقتا، أمس، كإجراء احترازي، التجارب السريرية للقاح طوره المختبر الصيني "سينوفارم" بعد اكتشاف مشكلات عصبية لدى أحد المتطوعين.

وكان مقررا أن تنتهي التجارب الأسبوع الماضي، بعد إجراء الاختبار على نحو 12 ألف شخص. وفي حال كانت النتائج التي لن تعرف قبل منتصف عام 2021، إيجابية، فستشتري حكومة البيرو نحو 20 مليون جرعة لتلقيح ثلثي سكانها.

في غضون ذلك، فرضت الصين إغلاقا في مدينة دونغنينغ بشمال البلاد، وأطلقت حملة فحوصات واسعة النطاق في مدينة سويفينهي، وهما قريبتان من الحدود الروسية بعد رصد إصابة في كل من هاتين المدينتين.

ففي دونغنينغ، أصيب رجل في الأربعين من العمر يعمل في الميناء بينما في سويفينهي أصيب عامل في التاسعة والثلاثين من العمر في منطقة تجارية للاستيراد والتصدير.

وتعزو الصين بانتظام حالات الإصابة الجديدة في الآونة الأخيرة الى الواردات.

وأعلنت سلطات دونغينيغ أنها وضعت المدينة في "وضع يشبه زمن الحرب"، حيث تم وقف كل وسائل النقل، وبات يتعين على كل شخص يرغب في مغادرة المدينة تقديم فحص يعود الى الساعات الـ24 الماضية، ويثبت انه لا يحمل الفيروس.

وفي سويفينهي التي لم تقرر فرض اغلاق، أطلقت حملة فحوصات واسعة النطاق تستكمل في غضون 3 أيام.

الآثار الجانبية تثير اهتمام العلماء ومخاوف العامة

وصلت اللقاحات الأولى ضد "كوفيد 19" ومعها مخاوف لدى الناس العاديين بشأن آثارها الضارة المحتملة. ونُشرت البيانات التفصيلية لاثنين من أكثر اللقاحات تقدما الأسبوع الماضي، وهما يعتبران آمنين.

فمن ناحية، نُشرت بيانات التجارب على لقاح "فايزر/ بايونتيك" الذي حصل على ترخيص في العديد من البلدان، في مجلة "نيو إنغلند جورنال أوف مديسين" الطبية بعد أن كشفت عنها وكالة الأدوية الأميركية FDA.

وأظهرت التجربة السريرية التي شملت نحو 40 ألف متطوع أن هذا اللقاح يسبب آثاراً جانبية "كلاسيكية"، غالبًا ما تكون مؤلمة ولكنها لا تطرح مخاطر على المرضى.

ونُشرت بيانات اللقاح الذي تطوره شركة "أسترازينيكا" مع "جامعة أكسفورد" البريطانية في مجلة "ذا لانسيت" الطبية المرموقة. وبينت النتائج أن هذا اللقاح "آمن"، إثر تجربة سريرية شملت 23 ألف متطوع.

وفي فرنسا، أثيرت ضجة بعد تصريحات أدلى بها اختصاصي الأمراض المعدية البروفيسور إريك كوم الذي أكد أنه متردد في تلقي لقاح "فايزرـــ بايونتيك" لا سيما وأنه لم ير أبداً تكراراً للآثار الجانبية على هذا النحو "المرتفع جدًا".

لكن تصريحاته استقبلها العديد من العلماء الآخرين بفتور. واعترضت عالمة الفيروسات وأخصائية التطعيم ماري بول كيني خلال جلسة استماع برلمانية على القول بتفضيل لقاح على آخر وشبهت ذلك بأن يقول أحدهم إنه "يفضل آيس كريم الشوكولاتة بدلاً من آيس كريم الفراولة".

وفي حالة لقاح "فايزرـــ بايونتيك" و"أسترازينيكا ـــ أكسفورد"، ما زالت الآثار الجانبية نادرة في هذه المرحلة، إذ عانى مريض واحد فقط أخذ لقاح "أسترازينيكا ـــ أكسفورد" من "آثار جانبية خطيرة ذات صلة بالحقنة"، وفقًا للبيانات المنشورة في "ذا لانسيت". إذ أصيب بالتهاب النخاع المستعرض (وهو مرض عصبي نادر) الذي أدى إلى وقف التجربة مؤقتاً في أوائل سبتمبر.

ورصدت حالتان أخريان من الأعراض الجانبية الخطيرة، دون أن تعزيا إلى اللقاح.

في حالة لقاح فايزرـــ بايونتيك، كان التأثير الجانبي الوحيد الذي يحتمل أن يكون مقلقًا هو حدوث 4 حالات من شلل الوجه النصفي، وهو غالبًا شلل موقت.

أخيرًا، كانت هناك 8 حالات من التهاب الزائدة الدودية لدى من أخذوا لقاحاً مقابل 4 حالات لدى مجموعة الدواء الوهمي التي حُقنت بمنتج محايد من أجل التمكن من إجراء مقارنة. لكن إدارة الغذاء والدواء الأميركية تعتقد أنها مجرد مصادفة إحصائية، ولا علاقة لها باللقاح.

وكما هي الحال مع أي دواء، لا يمكن استبعاد فرضية الآثار الجانبية الخطيرة لهذه اللقاحات. لكن في الطب، يتم تقييم المادة من خلال النظر إلى التوازن بين فوائدها ومخاطرها.

وفي اليوم التالي لبدء حملة التطعيم بلقاح "فايزر/ بايونتيك" في المملكة المتحدة الثلاثاء، أعلنت السلطات البريطانية أن شخصين استجابا للقاح بشكل سيئ. إذ أصيب كلاهما بحساسية مفرطة لدرجة جعلتهما بحاجة إلى الأدرينالين.

وقد أدى ذلك إلى توصية السلطات الصحية بعدم إعطاء هذا اللقاح للأشخاص الذين عانوا في الماضي من "رد فعل تحسسي كبير تجاه لقاحات أو أدوية أو أطعمة (مثل صدمة الحساسية) أو أولئك الذين تم نصحهم بحمل حاقن أدرينالين".

ولكن البروفيسور ستيفن إيفانز، أستاذ علم الوبائيات الدوائية في مدرسة لندن للصحة والطب الاستوائي، قال: "هذا لا يعني أن عامة الناس يجب أن يقلقوا بشأن تلقي هذا اللقاح".

علاوة على ذلك، فإن المسؤولين عن التجربة السريرية التي أدت إلى الترخيص الممنوح لتحالف "فايزرـــ بايونتيك" في العديد من البلدان توقعوا مثل هذه المخاطر: فقد استبعدوا المتطوعين الذين لديهم تاريخ من الحساسية الشديدة للقاحات بشكل عام أو لأحد مكونات اللقاح.

ولكن يبدو أن هذا لا يثير القلق بشأن الملايين من الأشخاص الذين يعانون من الحساسية تجاه البَيض أو الفول السوداني على سبيل المثال.

أميركا تشتري 100 مليون جرعة من «موديرنا» ووفاة 3300 في يوم
back to top