وجهة نظر : الحاجة إلى لجنة نفطية!
في البداية نبارك لجميع أعضاء مجلس الأمة الموقر، الذين نالوا شرف تمثيل الأمة والثقة التي أولاهم إياها الشعب الكويتي في الانتخابات البرلمانية، وندعو الله أن يعين الجميع على تحمل هذه المسؤولية لخدمة الكويت. وننتهز فرصة انعقاد مجلس الأمة للدور العادي الأول من الفصل التشريعي السادس عشر غداً (الثلاثاء)، لتقديم مقترح للسادة أعضاء المجلس بتبني فكرة إنشاء لجنة برلمانية دائمة متخصصة بالشؤون النفطية والطاقة، استناداً إلى المادة 44 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، والتي أجازت "للمجلس أن يؤلف لجاناً أخرى دائمة أو مؤقتة حسب حاجة العمل، ويضع لكل لجنة ما قد يراه من أحكام خاصة في شأنها".إن أساس هذا المقترح يستند إلى الحقيقة بأن الإيرادات النفطية لميزانية الدولة تمثل ما يقارب 90 في المئة من مجمل الإيرادات العامة لميزانية الدولة، وفقاً للحساب الختامي للسنة المالية 2019/2020، الذي أصدرته وزارة المالية.
ولذلك فإن الكويت من منظور اقتصادي قائمة على الاقتصاد الريعي، وهو ذلك الاقتصاد الذي يعتمد في إدامة أنشطته على الإيرادات الناجمة عن عمليات بيع الثروة الريعية (النفطية)، فالثروة النفطية ثروة ناضبة موجودة بحكم الطبيعة تحت الأرض، ولا تحتاج إلى عمليات وأنشطة اقتصادية لصناعتها، بل تتطلب عمليات إنتاجية لاستخراجها، ومن ثم تكريرها وإعادة تصنيعها، من هنا يتبين لنا أهمية الثروة النفطية بالنسبة للاقتصاد والحالة المالية للدولة، فهي بكل وضوح عصب الحياة والاستدامة للاقتصاد الكويتي في الوقت الراهن.ولذلك فإن الحاجة هنا ملحة لإنشاء لجنة تعنى بالشؤون النفطية والمشاركة في رسم ومتابعة سياسات الدولة تجاه الثروة النفطية، وذلك للمحافظة عليها وحسن استغلالها، بهدف تحقيق أكبر عائد منها بما يكفل تنمية موارد الدولة وزيارة دخلها. خصوصا أن الاقتصاديات الريعية غالباً ما تتسم بتأثرها الشديد بالمتغيرات والتقلب الدائم لأدائها بين النمو والركود، الأمر الذي ينعكس على الاستقرار المالي والاقتصادي للدول التي تعتمد اعتماداً رئيساً على العوائد الريعية، وكذلك الحال في الدول المنتجة للنفط التي تعتمد بشدة على عائدات النفط، ونجحت في تحقيق طفرات نمو بفضل ارتفاع أسعاره، ثم وقعت في مأزق عند انخفاضها. كما يعزز الدعوة إلى إنشاء تلك اللجنة، الحاجة الماسة إلى التخصص والتركيز على الشؤون النفطية والطاقة، وذلك بسبب عدم تخصص لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس الأمة في هذا المجال، فلقد بينت المادة 43 من اللائحة الداخلية للمجلس اختصاصات هذه اللجنة، التي يدخل في اختصاصها الجانب المالي والاقتصادي من أعمال الوزارات والمؤسسات الحكومية العامة ذات الطابع المالي والاقتصادي، وشركات القطاع العام، وخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهو بحد ذاته حمل شاق وتحدٍّ كبير للسادة أعضاء اللجنة المالية والاقتصادية، بل ويتطلب جل جهدهم ووقتهم لمتابعة هذه الاختصاصات.وأخيراً، فإن القطاع النفطي الكويتي، لديه طموحات واسعة وكبيرة تتجسد بالتوجهات الاستراتيجية للقطاع من ضمن خطة التنمية المستدامة للدولة، والتي تتبلور حول الاستثمار في العنصر البشري الكويتي، واستخدام أحدث الإمكانيات التكنولوجية والعلمية في أنشطة القطاع النفطي الحالية والمستقبلية، مع الالتزام بمعايير الصحة والسلامة والبيئة، للوصول إلى أفضل المستويات العالمية بالأداء. فهذه الطموحات تواجه بطبيعتها عدداً من التحديات التي تحتاج إلى غطاء تشريعي مناسب يعالج أي قصور تشريعي، وفي نفس الوقت يوفر القوانين والتشريعات الضرورية لضمان ريادة القطاع النفطي الكويتي، وتكون هذه المتابعة البرلمانية المتخصصة قد ساهمت في التغلب على التحديات التي قد تعرقل تنفيذ التوجهات الاستراتيجية للقطاع.