ذكر وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة أن العلاقات بين المغرب وإسرائيل كانت "طبيعية أصلاً" قبل اتفاق التطبيع، الذي أعلنه الخميس الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بينما وصف وزير الاستخبارات الإسرائيلي إيلي كوهين التطبيع مع ​المغرب​ بأنه "إنجاز غير مسبوق".

وأوضح بوريطة، في مقابلة مع صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية نشرت أمس، "من وجهة نظرنا، نحن لا نتحدث عن تطبيع، لأن العلاقات كانت أصلا طبيعية، نحن نتحدث عن استئناف للعلاقات بين البلدين كما كانت سابقا، لأن العلاقة كانت قائمة دائما. لم تتوقف أبدا".

Ad

وشدد على أن "العلاقات بين إسرائيل والمغرب مميزة، ولا يمكن مقارنتها بالعلاقة التي تجمع إسرائيل بأي بلد عربي آخر"، مبينا أن "للمغرب تاريخا مهما مع الطائفة اليهودية، تاريخا خاصا في العالم العربي، ففي إسرائيل هناك 700 ألف مهاجر من المغرب لا يزالون يحتفظون بعلاقات خاصة معه، وفي العام الماضي فقط وصل إلى هنا 70 ألف إسرائيلي".

ولفت إلى أنه "مثلما قال الملك، في البيان الخاص الذي أصدره، فإن الاتفاق هو خطوة مهمة في خطٍّ واحدٍ مع أهداف المغرب. المغرب لديه تاريخ مهم مع المجتمع ​اليهود​ي، وهو تاريخ فريد في ​العالم العربي​. الملك يقف على رأس الدين في المغرب، وكذلك الملوك السابقون، الذين احترموا اليهود وحافظوا عليهم".

وأعلن الرئيس الأميركي، المنتهية ولايته، دونالد ترامب، الخميس، اعتراف بلاده بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، المستعمرة الإسبانية السابقة المتنازع عليها، وعن اتفاق تطبيع للعلاقات بين المغرب وإسرائيل، رحب به أيضا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

ومساء أمس الأول، اعتمدت الولايات المتحدة "خريطة رسمية جديدة" للمغرب، تضم الصحراء الغربية، التي تتنازع على سيادتها منذ عقود الرباط وانفصاليو جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر. والمغرب الذي أقام علاقات رسمية مع إسرائيل أواخر التسعينيات بعد اتفاق أوسلو بين الفلسطينيين والإسرائيليين، هو رابع بلد عربي هذا العام يعلن اتفاقا لتطبيع العلاقات مع إسرائيل بعد الإمارات والبحرين والسودان.

في المقابل، أعلن وزير الاستخبارات الإسرائيلي إيلي كوهين أن "تطبيع العلاقات مع ​المغرب​ إنجاز غير مسبوق"، متوقعا "توقيع المزيد من ​الدول العربية​ والإسلامية اتفاق سلام مع بلاده، في القريب العاجل".

وأفاد كوهين بأنه "اذا فاز مرشح موال للغرب في الانتخابات الرئاسية بالنيجر فستزيد فرص توقيع اتفاق سلام وتطبيع مع إسرائيل"، مشيرا إلى "احتمال توقيع اتفاق سلام مع ​إندونيسيا​، أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان".

وزعم تقرير بثته هيئة البث الإسرائيلي (مكان)، الممولة من الحكومة، أمس، أن اتصالات جارية بشأن التطبيع مع 10 دول إسلامية أخرى، ونقلت هيئة البث عن مسؤول رفيع أن إسرائيل تجري اتصالات مع باكستان وإندونيسيا والنيجر ومالي وجيبوتي وموريتانيا وجزر القمر وبروناي وبنغلادش والمالديف.

حتى قبل إعلان تطبيع علاقاته مع إسرائيل، أطلق المغرب إصلاحا وصفه البعض بأنه "تسونامي"، يتمثل في إدراج تاريخ الجالية اليهودية وثقافتها قريبا في المناهج الدراسية في البلاد، حيث يشكل الإسلام دين الدولة.

وتفيد وزارة التربية المغربية أن أولى الحصص الدراسية ستعطى اعتباراً من الفصل الدراسي المقبل في السنة الأخيرة من المرحلة الابتدائية، حيث يبلغ عمر التلاميذ نحو 11 عاما.

وقال الأمين العام للجالية اليهودية في المغرب في الدار البيضاء، إن إدراج ذلك "هو الأول في العالم العربي. هو بمنزلة تسونامي".

ويظهر "الرافد اليهودي" للثقافة المغربية في فني العمارة والطبخ والموسيقى، وبات موجودا في المناهج الجديدة للتربية المدنية في المرحلة الابتدائية ضمن فصل مكرس للسلطان سيد محمد بن عبدالله الملقب محمد الثالث (القرن الثامن عشر).

واختار هذا السلطان العلوي مرفأ الصويرة وقلعتها التي بناها مستعمرون برتغاليون لتأسيس المدينة، التي شكلت مركزا دبلوماسيا وتجاريا أصبح بدفع منه المدينة الوحيدة في العالم الإسلامي التي تضم أغلبية يهودية مع وجود 37 كنيسا فيها.

واليهود متواجدون في المغرب منذ العصور القديمة وعددهم في هذا البلد هو الأكبر بين دول شمال إفريقيا. وقد زاد على مر القرون لاسيما مع وصول يهود طردهم الملوك الكاثوليك في إسبانيا اعتبارا من 1492.

وبلغ عدد أفراد هذه الجالية نحو 250 ألفا نهاية أربعينيات القرن الماضي، وشكلوا حينئذ 10 في المئة من إجمالي السكان. وغادر الكثير من اليهود المغرب بعد قيام دولة إسرائيل في عام 1948، ليتراجع عددهم إلى 3 آلاف.