طهران تصعِّد مع أوروبا بسبب زم وتهدِّئ مع إردوغان

النواب الإيرانيون يدينون قصيدة الرئيس التركي... وظريف وأوغلو يطويان الصفحة

نشر في 14-12-2020
آخر تحديث 14-12-2020 | 00:03
رئيس أركان الجيش الإيراني محمد باقري يسلم إلى زوجة العالم النووي محسن فخري زاده وساماً عسكرياً خلال زيارة قام بها لمنزل الأسرة في طهران أمس   (أ ف ب)
رئيس أركان الجيش الإيراني محمد باقري يسلم إلى زوجة العالم النووي محسن فخري زاده وساماً عسكرياً خلال زيارة قام بها لمنزل الأسرة في طهران أمس (أ ف ب)
رفضت إيران الانتقادات الأوروبية لإعدامها المعارض البارز الصحافي روح الله زم، واستدعت السفير الألماني، الذي تترأس بلاده الاتحاد الأوروبي، للاحتجاج، فيما توعد رئيس أركان الجيش محمد باقري إسرائيل وأميركا بـ«دفع ثمن» جريمة اغتيال العالم النووي محسن فخري زاده، بالتزامن مع اعتقال الأمن 20 مشتبها فيهم غرب البلاد.
في مواجهة عاصفة انتقادات غربية للخطوة، استدعت إيران هانس موتسل، سفير ألمانيا، التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، بسبب انتقاد الاتحاد إعدامها الصحافي المعارض البارز روح الله زم، الذي كان يحمل صفة لاجئ في فرنسا، قبل أن يستدرجه «الحرس الثوري» أخيرا ويعيده إلى طهران.

وأبلغ مساعد وزير الخارجية المدير العام لدائرة أوروبا في وزارة الخارجية الإيرانية موتسل احتجاج إيران الشديد على بيان الاتحاد، كما استدعت طهران رئيس البعثة الدبلوماسية الفرنسية إثر البيانات التي وصفتها بـ«التدخلية الصادرة عن الاتحاد الأوروبي وفرنسا»، بعد أن أيدت المحكمة العليا الإيرانية، الثلاثاء الماضي، حكم الإعدام الصادر بحق مؤسس موقع وقناة تلغرام «آمد نيوز» المناهض للجمهورية الإسلامية روح الله زم، الذي اعتقل عام 2019.

وأدين زم بالتحريض على العنف خلال احتجاجات مناوئة للحكومة عام 2017، وكان لمنصته «آمد نيوز» أكثر من مليون متابع.

وكانت باريس انتقدت بشدة تنفيذ حكم الإعدام أمس الأول في الصحافي المعارض، ووصفته بأنه «عمل همجي وغير مقبول». وقال الاتحاد الأوروبي، في بيان بعد الإعدام، «يدين الاتحاد هذا العمل بأشد العبارات، ويؤكد مرة أخرى معارضته الثابتة لاستخدام عقوبة الإعدام في ظل أي ظروف». وأدانت منظمة العفو الدولية ومنظمة «مراسلون بلا حدود» الإعدام.

وفي مؤشر على توسع المواجهة بين طهران والدول الغربية بشأن ملف حقوق الإنسان، أفادت مصادر بأن السلطات الإيرانية حكمت على ناشطتين في مجال حقوق المرأة، المحامية هدى عميد، وعالمة الاجتماع نجمة واحدي، بالسجن 15 عاماً، وحرمانهما من بعض الأنشطة الاجتماعية.

وكانت «المحكمة الثورية» في طهران، اتهمت الناشطتين بعد اعتقالهما في 2018، بـ «التعاون مع الحكومة الأميركية المعادية للنظام الإيراني في قضية المرأة والأسرة» بهدف اختراق المجتمع.

قصيدة إردوغان

إلى ذلك، تواصلت ردود الأفعال الإيرانية الغاضبة تجاه تصريحات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، التي أدلى بها الخميس الماضي خلال احتفال أقيم في أذربيجان، وتضمنت أبياتا شعرية رأت طهران أنها تحمل نزعة انفصالية تخاطب الأقلية الأذرية التي تسكن في محافظتها الشمالية.

وأصدر مجلس الشورى الإيراني بيانا استنكر فيه تصريحات إردوغان، التي «تمس وحدة أراضي الجمهورية الإسلامية»، وأعلن 214 نائبا احتجاجهم في البيان، وقالوا إن «أدبيات الرئيس التركي، الذي يتوقع حسن الجوار وبذل الجهود من أجل وحدة العالم الإسلامي وإحلال الاستقرار في المنطقة، مثيرة للانقسام وغير مقبولة ومستغربة».

وجاء في البيان أن «هذه الأدبيات التي تذكرنا بالألم الذي أصاب جسد أرض إيران العظيمة جراء الفصل القسري واللاإرادي لجزء مهم من الشعب الإيراني، هي قصيدة كتبها شاعر وقرأها إيرانيون أعزاء يحزنهم الفراق»، مؤكدا وحدة أراضي إيران وشعبها، استنادا إلى مبادئ الدستور وبحكم الآية الكريمة «إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون».

وفي أنقرة، قالت السفارة الإيرانية إن «سوء الفهم» بين طهران وأنقرة انتهى عقب اتصال هاتفي بين وزيري خارجية البلدين، وأضافت عبر «تويتر» أن الوزيرين محمد جواد ظريف ومولود جاويش أوغلو أكدا أهمية تعزيز وتوسيع العلاقات بين البلدين.

وبحث وزيرا خارجية البلدين، خلال مكالمة هاتفية، أمس الأول، الخلاف الدبلوماسي الذي برز بين دولتيهما، بعدما تلا إردوغان، خلال زيارته لباكو للاحتفال بالنصر على أرمينيا في معركة كاراباخ، أبيات شعر بقلم الشاعر الأذربيجاني بختيار وهاب زاده، تتحدث عن نهر آراس الحدودي، الأمر الذي أثار غضب المسؤولين الإيرانيين، ورأى الكثير منهم في ذلك اعتداء على سيادة بلدهم.

وذكرت الخارجية الإيرانية، في بيان، أن جواد ظريف وجاويش أوغلو «أكدا على العلاقات الودية الوثيقة بين تركيا وإيران، وشددا على سياسة حسن الجوار الثابتة التي تنتهجها أنقرة».

وقدم أوغلو إلى ظريف تطمينات بشأن «احترام الرئيس التركي سيادة إيران الوطنية ووحدتها الترابية».

وأشار أوغلو، بحسب بيان الخارجية الإيرانية، إلى أن إردوغان «لم يعلم بالحساسية الناجمة عن الشعر الذي قرأه في مراسم باكو»، إذ كان يقصد من خلاله الإشارة إلى العلاقة بين مقاطعة لاتشين ومنطقة كاراباخ فقط.

لكنه أكد «عدم قبوله الإدلاء بتصريحات شديدة اللهجة لا أساس لها استهدفت إردوغان، بذريعة القصيدة، في وقت كان بإمكان طهران التواصل مع أنقرة عبر القنوات المفتوحة»، وأضاف أن تركيا «وقفت إلى جانب إيران في أيام الشدائد».

وعيد وملاحقة

على صعيد منفصل، توعد رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري بالثأر لدم العالم النووي البارز فخري زاده من الولايات المتحدة وإسرائيل، «وفق المنطق العملي لجبهة الثورة الإسلامية في الزمان والمكان المناسبين»، مشددا على أن واشنطن والكيان الصهيوني سيدفعان ثمن الجريمة.

جاء ذلك في تصريح أدلى به باقري خلال زيارة قام بها لأسرة زاده، وقدم خلالها وسام «نصر» من الدرجة الأولى ممنوحا من قبل المرشد الأعلى علي خامنئي للعالم الذي اغتيل قرب طهران نهاية نوفمبر الماضي، وتسلمت أرملته من باقري الوسام العسكري الرفيع.

واتهمت الجمهورية الإسلامية إسرائيل بأنها أمرت بتنفيذ الاعتداء، الذي ارتُكب بحسب طهران بواسطة رشاش تم التحكم فيه عبر الأقمار الاصطناعية والإنترنت، ولم يصدر عن الدولة العبرية أي رد فعل على الاتهامات.

في السياق، ذكرت منظمة هنغاو لحقوق الإنسان أن قوات الأمن الإيرانية فتشت خلال الأسبوع الماضي عددا من المنازل بمدينة بانه، في كردستان إيران، للبحث عن 5 أشخاص متورطين في مقتل زاده. وبحسب التقرير، فإن القوات الأمنية و«فريقا خاصا من القوات الأمنية من طهران، فتشوا منازل المواطنين، واعتقلوا ما لا يقل عن 20 شخصا في المدينة».

من جهة أخرى، كشفت قناة إيران الدولية عن استغلال «الحرس الثوري» ثغرة في النظام المصرفي الإيراني لإعادة تمويل نفسه، واستخدام الأموال لتمويل العمليات الخارجية التي يقوم بها «فيلق القدس».

وذكرت القناة الفارسية المستقلة، في تحقيق استقصائي حصري، نشرته «جيروزالوم بوست»، أن «الحرس الثوري يتلاعب بالبنك المركزي الإيراني، ويقوم بتمويل نفسه عبر شراء العملات الأجنبية بأسعار مخفضة»، للإفلات من العقوبات الأميركية التي اشتدت بعد انسحاب إدارة الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق النووي عام 2018.

وقال أحد كبار المسؤولين في النظام المصرفي الإيراني، دون ذكر اسمه، إن «الحرس» ينتحل صفة مقرضي الأموال لشراء «عشرات الملايين من الدولارات واليورو» من المصدرين بسعر السوق السوداء، عبر عملية تسمى «نعمة».

تمويل «الحرس الثوري» عبر «ثغرة» مصرفية و«نعمة» في السوق السوداء
back to top