أصاب الاشتباكُ السياسي الذي اندلع على خلفية تطورات تفجير المرفأ «قضائيا»، والذي خلط أوراق التحالفات والاصطفافات، اتصالات التشكيل في المقتل.

ورغم زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بيروت في 21 الجاري، وتحذير وزير خارجيته جان ايف لودريان من غرق «التايتانيك» اللبناني قريبا، بدا أنه لا حراك على هذا الخط، وأن الاستحقاق أرجئ الى أجل غير مسمى، سيما مع اشتعال جبهة بعبدا - بيت الوسط، أمس، واحتدام التوتر بين التيارين الأزرق والبرتقالي، غداة اتخاذ المواجهة بينهما بعدا جديدا، حيث يعتبر «المستقبل» أن ثمة مساع لتعديل اتفاق الطائف وتغيير توازناته سيما لناحية دور رئيس الجمهورية في عملية التشكيل، في وقت اعترض رئيس الجمهورية ميشال عون، في بيان أمس، على «تفرّد الرئيس الحريري بتسمية الوزراء، وخصوصاً المسيحيين منهم من دون الاتفاق مع رئيس الجمهورية، علما بأن الدستور ينص على أن تشكيل الحكومة يكون بالاتفاق بين رئيسي الجمهورية والحكومة»، مشيراً إلى أنه «في كل مرة كان يزور فيها الرئيس المكلف قصر بعبدا، كان يأتي بطرح مختلف عن الزيارات السابقة، والصيغة التي قدّمها في آخر زيارة له كانت مختلفة عن الصيغ التي تشاور في شأنها مع رئيس الجمهورية».

Ad

دياب يرفض الاستجواب

واعتبر تحذير الوزير الفرنسي الثالث من نوعه في غضون شهور، إلا أنه يبدو أن التحذيرات الدولية في مكان، وما يسجله شريط الأحداث في الداخل في مكان آخر في ظل تأزم المشهد الداخلي بعد قرار المحقق العدلي القاضي فادي صوان الادعاء على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب فيما يتعلق بانفجار مرفأ بيروت.

وكشف مصدر رسمي لوكالة رويترز، أمس، أن «دياب رفض استجوابه من قبل القاضي صوان»، مشيراً إلى أن «المحقق العدلي اتصل بمكتب دياب الأسبوع الماضي ليطلب موعدا معه الاثنين، لكن تم إبلاغه برفض دياب الخضوع للاستجواب»، مما استدعى ردا أمس من صوان بتحديده جلسة يوم الجمعة المقبل للاستماع إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال.

وكان لافتا أمس إعلان النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات تنحيه عن متابعة النظر في ملف انفجار المرفأ بصفته مدعياً عدلياً في القضية لوجود صلة قرابة بينه وبين الوزير السابق النائب غازي زعيتر (متأهل من شقيقة عويدات) والذي ادعى عليه القاضي صوان. كما طلبت الأمانة العامة لمجلس النواب من القاضي صوان، عبر النيابة العامة التمييزية، المستندات للسير بالملف من خلال المجلس النيابي.

حملة على صوان

وفجّر ادعاء صوان على دياب ووزراء سابقين غلياناً تَشابكتْ فيه السياسة بالطائفية والدستور، إذ شنت بعض الأطراف السياسية حملة واسعة على صوان تحت ذريعة أن الاتهامات سياسية ومخالفة للدستور. والى جانب هذه الحملات، أكد وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال، محمد فهمي، أنه في حال تسطير مذكرات توقيف بحق دياب والوزراء السابقين المدّعى عليهم، انه لن يطلب من «الأجهزة الأمنية تنفيذ هذ القرار، وليلاحقوني أنا اذا أرادوا. المهم أن لا اخالف ضميري». كما اعتبر المكتب السياسي في حركة «أمل»، أمس، أن «ما صدر عن المحقق العدلي منافٍ للقواعد الدستورية والقانونية الثابتة التي أكد عليها المحقق نفسه برسالته إلى المجلس النيابي».

سجال الحريري - جريصاتي

ولا يزال الكباش يدور في حلقة مفرغة عقب الدعم السني الواسع للرئيس دياب في معركته القضائية، وهو ما أعاد التعبير عنه البيان العنيف الذي صدر أمس عن تيار «المستقبل»، مهاجما من يقف خلف اتّهام الرئيس دياب وجعله «كبش محرقة»، معتبرة أنها «محاولة جديدة من سلسلة محاولات سابقة للتطاول على رئاسة الحكومة وقضم صلاحياتها، وهو ما يتناقض مع اتّفاق الطائف»، مما استدعى ردا من المستشار الرئاسي الوزير السابق سليم جريصاتي الذي كتب مقالا في جريدة النهار اللبنانية، محملا الحريري مسؤولية التأخير.

ورد الحريري، أمس، على رد جريصاتي بالقول إن «الأجوبة التي يبحث عنها المستشار الرئاسي موجودة لدى رئيس الجمهورية وما فاته من معلومات ربما بسبب عدم اطلاع المستشار على جميع المعطيات الموجودة لدى عون». وتحدّث الحريري بالتفصيل عما حصل منذ تكليفه قبل 55 يوما، وقال «لقد التقى الرئيس المكلف فخامة رئيس الجمهورية على مدى 12 مرة، في محاولة حثيثة للوصول إلى تفاهم بشأن تشكيل الحكومة، وهو في كل مرة كان يعبّر عن ارتياحه لمسار النقاش، قبل أن تتبدل وتتغير الأمور مع الأسف بعد مغادرة الحريري القصر الجمهوري».

● الجريدة - بيروت