وصلت أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها المسجلة في 9 أشهر مرتفعة إلى نحو 50 دولارا أميركي للبرميل، على خلفية توزيع اللقاحات المضادة لفيروس كوفيد - 19 على مستوى العديد من الدول المختلفة، إذ تحمس الكثير من المتداولين تجاه التأثير المتوقع للطلب على النفط خلال الأشهر المقبلة، في ظل إمكانية تغلب توفير لقاح فعال على تزايد حالات الإصابة بالفيروس.

وكشف تقرير صادر عن وكالة «بلومبرغ» أن الطلب الأوروبي على البنزين والديزل عاد مجدداً للتزايد بعد انخفاضه في نوفمبر 2020، وأدى ذلك إلى تعزيز الاستهلاك القوي والمستمر في آسيا وأميركا اللاتينية، والذي يساهم في تعويض ضعف مستويات الطلب في الولايات المتحدة. من جهة أخرى، استمرت القيود المفروضة في العديد من الولايات الأميركية، بما في ذلك ولاية كاليفورنيا وغيرها من الدول مثل إنكلترا، نظراً لعودة تزايد عدد حالات الإصابة بالفيروس مرة أخرى. ودخلت ألمانيا مؤخراً تلك القائمة بعد فشل الإغلاق الجزئي في السيطرة على تزايد حالات الإصابة، وتم تحويله إلى إغلاق كلي ابتداء من الأسبوع الحالي مع فرض تدابير أكثر صرامة.

Ad

عوامل جيوسياسية

وحسب تقرير صادر عن شركة «كامكو إنفست»، لعبت العوامل الجيوسياسية أيضاً دوراً في التأثير على أسواق النفط. ومن المتوقع أن يرتفع الطلب على النفط على المدى القريب، حيث تستعد الولايات المتحدة لتقديم حزمة تحفيز مالي بقيمة 908 مليارات دولار لمواجهة الانكماش الاقتصادي الناجم عن الجائحة، بينما تجري الآن محاولات لتمديد محادثات انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي.

من جهة أخرى، كشفت البيانات عن ارتفاع الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة، والتي وصلت إلى أعلى مستوياتها المسجلة في السنوات الأربع الماضية، إلا أن العلاقات التجارية بين البلدين تظل احدى القضايا الرئيسية على جدول أعمال الرئيس الجديد، حيث تشير التقارير إلى أنه لن يتم رفع الرسوم الجمركية المفروضة على الصين على الفور، ومن المتوقع أن يستمر النزاع التجاري على المدى القريب. من جهة أخرى، تأمل إيران تخفيف العقوبات المفروضة عليها العام المقبل بعد تولي الرئاسة الأميركية الجديدة.

وأعلن وزير النفط الإيراني تخطيط الدولة لإنتاج 4.5 ملايين برميل يومياً من النفط والغاز المكثف خلال السنة المالية المقبلة، مقارنة بإنتاجها الحالي من النفط الخام البالغ 1.91 مليون برميل يومياً في نوفمبر 2020، على أن ترتفع صادرات النفط إلى 2.3 مليون برميل يوميا في السنة القادمة.

كما ساهم ضعف الدولار في تعزيز أسعار النفط، حيث يميل الطلب إلى الارتفاع عندما يكون الدولار ضعيفاً، إذ وصل إلى أدنى مستوياته المسجلة في عامين ونصف العام مقابل سلة من العملات الرئيسية الأخرى قبل موعد الاجتماع الأخير لمجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي خلال 2020 المقرر عقده الأسبوع الحالي، كما ساهم أيضاً تراجع المخاوف المتعلقة بالجائحة في الضغط على الدولار، مما أدى إلى زيادة معنويات التفاؤل في الاقتصادات العالمية.

وفي ذات الوقت، تلاشت التكهنات حول ما إذا كانت الـ«أوبك» وحلفائها ستخفض حصص الإنتاج بشكل تدريجي وإلى أي مدى ستقوم بتقليصها، ولو كان ذلك بشكل مؤقت، بعد أن أعلنت المجموعة أنها ستزيد الإنتاج بمقدار 0.5 مليون برميل يومياً في يناير 2021 وستقرر الاستراتيجية المستقبلية وتحدد مستوى الإنتاج على أساس شهري. وتم التوصل إلى هذا الاتفاق بعد مفاوضات مطولة بين الدول الأعضاء. وبلغ إنتاج الـ«أوبك» أعلى مستوياته المسجلة في 7 أشهر خلال نوفمبر 2020، متجاوزاً مستوى 25 مليون برميل يومياً للمرة الأولى منذ مايو 2020، إذ بلغ معدل الإنتاج 25.18 مليون برميل يومياً. وجاءت تلك الزيادة بصفة رئيسية على خلفية ارتفاع إنتاج ليبيا والإمارات وفنزويلا، بينما خفض معظم المنتجين الباقين إنتاجهم خلال الشهر.

الاتجاهات الشهرية للأسعار

وصلت أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها المسجلة في 9 أشهر بحلول منتصف ديسمبر 2020، بعد أن شهدت ستة أسابيع متتالية من المكاسب بدعم من الآمال المتعلقة باللقاح وانتعاش الطلب على النفط. وكسرت أسعار النفط حاجز 50 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ مارس 2020، حيث وصلت الأسعار إلى مستويات ما قبل الجائحة. ونتيجة لذلك، بلغ متوسط سعر خام الأوبك 42.61 دولاراً للبرميل خلال نوفمبر 2020، مسجلاً ارتفاعاً شهرياً بنسبة 6.3 في المئة.

كما شهد متوسط نمو أسعار العقود الفورية لمزيج خام برنت أداءً مماثلاً، وسجل نمواً بنسبة 6.3 في المئة، وبلغ في المتوسط 42.69 دولارا للبرميل، بينما بلغ متوسط سعر خام النفط الكويتي 43.0 دولارا للبرميل، مرتفعاً بنسبة 7.8 في المئة على أساس شهري. كما انعكس ارتفاع الأسعار أيضاً على أحدث توقعات إدارة معلومات الطاقة الأميركية لأسعار النفط لعامي 2020 و2021، اذ رفعت الوكالة متوسط سعر العقود الفورية لمزيج خام برنت للعام 2020 إلى 41.43 دولارا للبرميل وإلى 48.53 دولارا للبرميل لعام 2021 مقابل توقعاتها السابقة البالغة 40.61 دولارا للبرميل، و46.59 دولارا للبرميل لعامي 2020 و2021، على التوالي.

تزايد المخزون

أما بالنسبة للمخزون الحالي، فأظهرت البيانات الأسبوعية الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية تزايد المخزون إلى اعلى مستوياته في 34 أسبوعاً، بزيادة قدرها 15.2 مليون برميل أو بنسبة 3.1 في المئة خلال الأسبوع المنتهي في 4 ديسمبر 2020.

وذكرت الإدارة «رغم أنه من المتوقع أن تظل المخزونات مرتفعة، فإنها ستنخفض بوتيرة أسرع العام المقبل على خلفية ارتفاع الطلب العالمي على النفط إلى جانب تقييد إنتاج الأوبك وحفائها».

وأظهرت البيانات الأسبوعية استقرار مستويات إنتاج النفط عند مستوى 11.1 مليون برميل يومياً، بينما استمرت البيانات الخاصة بعدد منصات الحفر في الإشارة إلى تسجيلها لمعدلات نمو أسبوعية.

ووفقاً لبيكر هيوز، بلغ عدد منصات الحفر في الولايات المتحدة 246 منصة في الأسبوع المنتهي في 4 ديسمبر 2020 بزيادة أسبوعية قدرها 5 منصات. وكان عدد منصات الحفر قد انخفض فقط خلال 3 من أصل 14 أسبوعاً الماضية، وشهدت زيادة قدرها 66 منصة حفر جديدة في نفس الوقت.

قامت المنظمة مجدداً بخفض توقعات الطلب على النفط لعام 2020 في أحدث تقاريرها الشهرية مشيرة إلى انخفاض قدره 9.77 ملايين برميل يومياً مقابل 9.75 ملايين برميل يومياً وفقاً لتوقعاتها السابقة.

ومن المتوقع الآن أن يصل الطلب إلى 89.99 مليون برميل يومياً في 2020. وقد عكس هذا التعديل تراجع بيانات الطلب على النفط التي جاءت أقل من المتوقع في منطقة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للربع الثالث من 2020، فيما يعزى بصفة خاصة لانخفاض الطلب على وقود النقل في الولايات المتحدة والدول الأوروبية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

وأدى ذلك إلى مراجعة توقعات الطلب الخاصة بمنطقة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وخفضها بنحو 0.18 مليون برميل يومياً. إلا ان المراجعة التصاعدية لبيانات الطلب للدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أدت إلى رفع توقعات الطلب بمقدار 0.16 مليون برميل يومياً، مما أدى إلى تعويض جزئي لمستويات الطلب العالمي على النفط. أما على صعيد الدول غير الأعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فتحسنت معدلات الطلب في الصين بمستويات أفضل مما كان متوقعاً بفضل الانتعاش المطرد عبر القطاعات الاقتصادية المختلفة، هذا بالإضافة إلى تلقيه دعماً اضافياً على خلفية تزايد الطلب من الهند.

وبالنسبة لعام 2021، خضعت توقعات نمو الطلب العالمي على النفط لمراجعة هبوطية أكثر حدة بلغت 0.35 مليون برميل يومياً، أي بمعدل نمو سنوي 5.9 ملايين برميل يومياً، ليصل بذلك إلى 95.89 مليون برميل يومياً. وعكست تلك المراجعة حالة عدم اليقين المتعلقة بالتأثيرات الهيكلية التي احدثتها جائحة كوفيد-19 وانعكاسات سوق العمل على التوقعات الخاصة بوقود النقل في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية خلال النصف الأول من العام 2021. كما أثرت توقعات اعتدال الطقس أكثر من المعتاد خلال فصل الشتاء على تقديرات نمو الطلب على نواتج التقطير المتوسطة خلال العام المقبل.

عرض النفط

شهد الإنتاج العالمي من السوائل النفطية زيادة شهرية قدرها 1.62 مليون برميل يومياً في نوفمبر 2020، وبلغ المتوسط 92.53 مليون برميل يومياً. وتعكس تلك الزيادة ارتفاع إنتاج الدول الأعضاء وغير الأعضاء بالأوبك. إذ ارتفع انتاج الدول الأعضاء بالمنظمة بمقدار 0.71 مليون برميل يوميا خلال الشهر، فيما يعزى بصفة رئيسية إلى زيادة إنتاج ليبيا. وزاد المنتجون من خارج الأوبك إنتاجهم بمقدار 0.91 مليون برميل يومياً ليصل إلى 67.42 مليون برميل يومياً خلال الشهر نتيجة لزيادة إنتاج كل من كندا والنرويج والولايات المتحدة. وأدى ارتفاع إنتاج المنظمة إلى زيادة حصة المجموعة في السوق بنسبة 0.3 في المئة لتصل إلى 27.1 في المئة.

من جهة أخرى، قامت الـ«أوبك» بخفض توقعات إنتاج السوائل النفطية للدول غير الأعضاء بالمنظمة بمقدار 0.08 مليون برميل يومياً، ومن المتوقع الآن أن ينكمش العرض بمقدار 2.5 مليون برميل يومياً إلى 62.67 مليون برميل يومياً في 2020. وعكست تلك المراجعة انخفاض توقعات العرض من جانب البرازيل، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، والنرويج نتيجة لانخفاض مستويات الإنتاج عن المتوقع خلال الربع الرابع من 2020. وقابل هذه التراجعات جزئياً مراجعات تصاعدية لإمدادات روسيا وكندا والمكسيك والدول الأوروبية الأخرى التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. أما بالنسبة لعام 2021، فتم أيضاً خفض توقعات الإنتاج للدول غير الأعضاء بالمنظمة بمقدار 0.1 مليون برميل يومياً، ومن المتوقع الآن أن ينمو العرض بمقدار 0.85 مليون برميل يومياً ليصل إلى 63.52 مليون برميل يومياً خلال العام. وعكست مراجعة مستويات العرض بصفة رئيسية خفض توقعات العرض لكل من روسيا وماليزيا والسودان والهند، والتي قابلها جزئياً زيادة توقعات العرض لكل من البرازيل وكازاخستان وأذربيجان وإندونيسيا.