أصرّت السلطات التركية على تمسكها بصفقة شراء الصواريخ الروسية الدفاعية «S400»، رغم إعلان الولايات المتحدة فرضها عقوبات على الإدارة الحكومية التركية المكلفة شراء الأسلحة «إس إس بي»، ودعوتها لحليفتها إلى حل الخلاف.

وقال وزير الدفاع التركي خلوصي آكار، في كلمة أمس، إن «العقوبات الأميركية زعزعت كل القيم في تحالف أنقرة وواشنطن، سنواصل بحزم وتصميم جهود ضمان أمن وحماية بلدنا وشعبنا الأصيل».

Ad

وحذّر من أن العقوبات ضد دولة عضو في «الناتو» لن تضر بروح التحالف فحسب، بل ستقوض الثقة بين الحلفاء»، لكنه دعا إلى تجديد التعاون بين البلدين العضوين في الحلف الأطلسي.

وأضاف آكار: «العودة إلى التعاون والتضامن مع الولايات المتحدة سيساهم على نحو مهم في السلام والأمن بالمنطقة والعالم».

وشدد على تمسكه باتخاذ «كل التدابير الضرورية من أجل أمن مواطنينا وبلدنا الواقع تحت تهديد جوي وصاروخي خطير».

اعتراض وتهديد

ونددت وزارة الخارجية التركية بالعقوبات، ووصفتها بـ«غير المنصفة». وقالت الوزارة في بيان: «ندعو واشنطن إلى إعادة النظر في هذا القرار غير المنصف، ونكرر استعدادنا للبحث في القضية عبر الحوار والدبلوماسية، انسجاما مع روح التحالف». وفندت أنقرة حديث واشنطن عن «الخطر الأمني» الذي تمثله الصواريخ الروسية بالنسبة إلى منظومة حلف الأطلسي، والذي ذكره وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو كأحد أسباب العقوبات التي أعلنها أمس الأول.

وأضافت الوزارة أن «هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة. اقترحت تركيا التعامل مع هذه القضية بطريقة موضوعية وواقعية من خلال تشكيل مجموعة عمل فنية».

وإلى جانب دعوتها الولايات المتحدة إلى «مراجعة» قرارها، حذرت أنقرة من أنها «سترد على العقوبات».

استقلال وتهوين

في موازاة ذلك، أكد رئيس مؤسسة الصناعات الدفاعية بالرئاسة التركية، إسماعيل دمير، الذي تم إدراجه في لائحة العقوبات وثلاثة موظفين آخرين، عزم أنقرة على مواصلة الطريق بتطوير الصناعات الدفاعية المحلية و«ربما بوتيرة أسرع»، على الرغم من العقوبات.

وقال دمير في تصريحات حول العقوبات، في مبنى البرلمان أمس: «ننتظر أن تبقى العقوبات في إطارها المحدد، وألا تؤثر على العلاقات بين البلدين».

وأضاف: «تربطنا مع أميركا علاقة تحالف، نحن حلفاء في الناتو، كما يقول الأميركيون، تربطنا علاقات على مختلف الصعد، وجميعنا يرغب في استمرارها».

وفي تصريحات منفصلة، شدد دمير عبر «تويتر» على أنه «تحت قيادة رئيسنا رجب طيب إردوغان، نحن مصممون على هدفنا المتمثل في صناعة دفاعية مستقلة تماماً. أي قرار يجري اتخاذه لن يكون قادراً على منع صناعة الدفاع التركية بأي شكل من الأشكال».

رسالة أميركية

وجاء ذلك عقب إعلان إدارة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، دونالد ترامب، أنها ستمنع جميع تراخيص التصدير إلى «إدارة الصناعات الدفاعية التركية»، وسترفض منح أي تأشيرات لرئيسها إسماعيل دمير.

وقال بومبيو إن العقوبات «تبعث برسالة واضحة مفادها أن الولايات المتحدة ستطبّق القانون الأميركي بشكل كامل، ولن تتساهل حيال أي صفقات كبيرة تتم مع قطاعي الدفاع والاستخبارات الروسيين».

وأضاف بومبيو أن «واشنطن أوضحت لأنقرة على أعلى المستويات في مناسبات عديدة أن شراءها لمنظومة إس 400» سيشكّل خطراً على أمن التكنولوجيا العسكرية الأميركية والعاملين فيها، وسيوفر تمويلاً كبيراً لقطاع الدفاع الروسي، ولوصول الروس إلى القوات المسلحة التركية وقطاعها الدفاعي».

وتابع: «لكن تركيا قررت رغم ذلك المضي قدما بشراء واختبار المنظومة الروسية رغم وجود أنظمة قابلة للتشغيل المتبادل تابعة لحلف شمال الأطلسي كبديل يفي باحتياجاتها الدفاعية».

وفرضت واشنطن العقوبات وفق قانون معاقبة الدول المتعاونة مع خصوم الولايات المتحدة المعروف بـ «كاتسا»، الذي جرى تمريره في يوليو 2017، ووقعه ترامب، ليدخل حيز التنفيذ في 2018.

تنديد ومكسب

وفي وقت يمثل تمسك أنقرة بشراء المنظومة المتطورة مكسباً كبيراً للصناعات الدفاعية الروسية وكسراً بجدار محاصرتها وتشجيعاً لدول أخرى مثل الهند على المضي في إتمام صفقات مماثلة، نددت موسكو بالعقوبات الأميركية «غير المشروعة» بحق تركيا. ورأى وزير الخارجية الروسي لافروف أن الخطوة تعبر من جديد عن «سلوك متغطرس إزاء القانون الدولي».

وقال لافروف إن القرار يعبر عن «إجراءات إكراهية أحادية وغير مشروعة تستخدمها الولايات المتحدة منذ أعوام عديدة، منذ عقود يميناً ويساراً».

وأضاف أن «هذا لا يضيف إلى سلطة واشنطن على الساحة الدولية بوصفها مشاركا مسؤولا، ويشمل ذلك مجال التعاون العسكري التقني».

كما دان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، العقوبات ووصفها عبر «تويتر» بأنها «ازدراء للقانون الدولي». وأكد ظريف وقوف طهران مع «تركيا حكومة وشعبا»، مرفقاً تغريدته التي جاءت بالإنكليزية بوَسم «الجيران أولاً».

توتر وتزامن

وتزامنت الخطوة الأميركية مع العقوبات التي أقرها الاتحاد الأوروبي، الخميس الماضي، في ما يتعلق بنشاطات أنقرة في شرق البحر المتوسط.

وأمس الأول، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إنه لا يمكن لأحد لي ذراع بلاده، بل على العكس، تركيا هي من تلوي الأذرع التي تواجهها شرقي المتوسط.

وأضاف أوغلو: «لا يمكن أن نتخلى عن حقوقنا ومصالحنا شرق المتوسط خشية عقوبات أو انتقادات من الاتحاد الأوروبي» على خلفية النزاع مع اليونان وقبرص حول حقوق التنقيب عن النفط والغاز.

ولفت إلى أن تركيا كانت مع الحوار وستواصل ذلك. في إشارة إلى انهيار الوساطة الألمانية لحل الخلاف بين أنقرة وأثينا.

في شأن آخر، وصل وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، أمس، إلى تركيا، تمهيداً لزيارة مرتقبة لرئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي إلى أنقرة غدا.