يبدو المسار الذي يتّخذه المحقق العدلي اللبناني في جريمة انفجار مرفأ بيروت، القاضي فادي صوّان، صعباً، مع تزايد الضغوط السياسية عليه، بعد الادعاءات الصادرة ضد رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والوزراء السابقين غازي زعيتر وعلي حسن خليل ويوسف فنيانوس.

إلا أنّ إصراره على استكمال سياق هذه الادعاءات يؤكد استمراره في خوض هذه التجربة القضائية الأولى من نوعها في لبنان. كما أنّ مقرّبين منه يشيعون معلومات عن أنه سيتابع في الفترة المقبلة تحقيقاته مع مسؤولين ووزراء لبنانيين تابعين لأحزاب سياسية مختلفة، للتأكيد على عدم وجود أي خيط سياسي في الادعاءات.

Ad

وبدّد القاضي صوّان أولى حجج الوزيرين السابقين زعيتر وخليل، للاستماع إلى إفادتيهما بعد الادعاء عليهما في الجريمة. وتبلّغ المدّعى عليهما وفق الأصول، عبر مراسلة الأمانة العامة لمجلس النواب وعلى عنوان سكنيهما. ومن المتفرض أن يمثلا اليوم إلى الاستجواب في مكتب صوّان.

وسحبت خطوة صوان وهج ملف تشكيل الحكومة الذي ملأ الدنيا بداية الأسبوع الماضي، بفعل اتخاذ الادعاء منحى انقسام سياسي طائفي عمودي، إذ من دون انتظار لائحة الشخصيات السياسية التي سيضيفها الى لائحة المدعى عليهم، هبّ الوسط السياسي السنّي دفاعا عن دياب واستنكارا للتعرّض لمقام رئيس الحكومة وتجاوز رئاسة الجمهورية التي اعتبر أهل السياسة من الطائفة أن دياب والرئيس عون يتحملان المسؤولية بالقدر نفسه، نسبة لعلمهما بوجود نيترات الأمونيوم في المرفأ. وأتى كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري، أمس، ليدقّ في نعش الحكومة بعد قوله إننا «دخلنا في النفق، ولا أعرف كيف سنخرج منه. لقد أصبحنا في حال يرثى لها، والوضع الحكومي مسدود بالكامل».

وكان لافتاً، أمس، تصريح رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الذي أبدى اعتقاده بأن «ثمة نوعا من التعسّف والاستنسابية في الادعاءات القضائية الأخيرة الصادرة عن القاضي صوان»، مضيفاً: «لا أفهم في هذا الإطار كيف يُحمَّل رئيس الحكومة ووزراء ومجموعة أشخاص المسؤولية عما حصل، وهم لا مسؤولية مباشرة وتنفيذية لهم».

وانتقد باسيل «سعي أفرقاء الى خلق مناخ سياسي وطائفي بغية إجهاض التحقيق ومنع محاسبة المرتكبين». أما عن علاقته مع رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، فقال: «إنها علاقة حب وانتقام. الحب من جانبي والانتقام من جانبه».

إلى ذلك، لم يستطع رؤساء الحكومات السابقون الانتظار أكثر من أربعة أيام بعد ادعاء القاضي صوان على دياب، ليدخلوا على الخط، مستنكرين ما اعتبروه استهدافا سياسيا لموقع رئاسة الحكومة، ومصوبين البوصلة في اتجاه خصمهم التقليدي الأول رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. وطالب رؤساء الحكومات السابقون نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وسعد الحريري وتمام سلام، بعد اجتماعهم مساء أمس الأول، بـ «تحقيق محايد تتولاه لجنة تحقيق دولية، نتيجة تخوفنا من وضع القضاء اللبناني تحت ضغوط التمييع والتسييس والتطييف والابتزاز الداخلي». وأضافوا: «ما ينطبق على الرئيس دياب ينطبق على فخامة الرئيس بسبب تماثل الفعلين بالإحجام عن درء الخطر قبل وقوعه. وبالتالي فإن من واجب قاضي التحقيق أيضا أن يلفت مجلس النواب إلى الإخلال الذي حدث من رئيس الجمهورية، وهو ما يعني وجوب التقيّد بما هو وارد في المادة 60 من الدستور، اذ إن هذا الإخلال يتماثل تماما مع ما هو منسوب لرئيس الحكومة وللوزراء».