في أعقاب عملية تصويت ثبّتت خلالها الهيئة الناخبة رسمياً فوزه برئاسة الولايات المتحدة، شنّ الديمقراطي جو بايدن هجومه الأعنف حتّى اليوم على الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، بسبب رفضه الإقرار بهزيمته، متّهماً إيّاه بـ "عدم احترام إرادة الشعب" ولا سيادة القانون والدستور.

وفي خطابٍ ألقاه من معقله بمدينة ويلمنغتون في ولاية ديلاوير، قال بايدن، أمس الأول: "هذا موقف متطرّف للغاية لم نشهده من قبل. موقف رفض احترام إرادة الشعب، ورفض احترام سيادة القانون، ورفض احترام دستورنا".

Ad

وأضاف: "آمل بصدق ألا نرى مرة أخرى أيّ شخص يتعرّض للتهديدات والانتهاكات التي شهدناها في هذه الانتخابات"، واصفاً المضايقات التي تعرّض لها مسؤولون عن سير الانتخابات بأنّها "غير معقولة".

واعتبر الرئيس المنتخب أنّ "شعلة الديمقراطية أضيئت منذ وقت طويل، وما من شيء ولا حتى جائحة أو إساءة استخدام للسلطة بإمكانه أن يطفئ هذه الشعلة، وفي المعركة من أجل روح أميركا، انتصرت الديمقراطية"، مشدداً على أنّ ترامب استنفد كلّ الطرق القانونية للطعن بنتائج الانتخابات لكن "لم يتم العثور في أيّ من هذه الدعاوى على سبب أو دليل لنقض الانتخابات أو جعلها موضع تساؤل أو نزاع".

وأكد بايدن أنه لا يشك في انتقال السلطة إليه سلمياً. وقال: "نحن في الولايات المتحدة، لطالما كنّا قدوة للعالم لنقل السلطة سلميا، وسنفعل ذلك مرة أخرى".

ورأى أن "النظام الديمقراطي تعرض للضغوط والاختبار والتهديد، لكنه أظهر قوته وصدقه وصلابته"، مشيراً إلى أن حملة ترامب قامت بالعشرات والعشرات من المحاولات للطعن، وكل ادعاءاتها استمع إليها أكثر من 80 قاضياً في جميع الأرجاء ووجدت بلا أساس، ولم تكن هناك في أي من هذه القضايا أدلة أو أسباب للتغيير أو التشكيك في نتائج الانتخابات".

وأوضح أنه "في بعض الولايات، تمت إعادة فرز الأصوات وتأكدت النتائج في جميع الحالات"، لافتاً إلى أنه "أتيحت كل فرصة للرئيس ترامب للطعن، واستغل كلا منها بشكل كامل".

وقبل خمسة أسابيع من مغادرة ترامب البيت الأبيض وتولّي بايدن مهامّه في 20 يناير، دعا الرئيس المنتخب مواطنيه إلى توحيد صفوفهم وفتح صفحة جديدة والعمل معاً لخير الأمّة"، واعداً بأنه سيكون رئيساً لكل الأميركيين وسيعمل بجد من أجل من لم يصوت له.

وأشاد بايدن، في خطابه، بالناخبين الذين أدلوا بأصواتهم بأرقام قياسية على الرّغم من المخاوف الناجمة عن الجائحة الصحية والمناخ الذي ساد العملية الانتخابية، وشهد "ضغوطاً سياسية هائلة وإساءات لفظية وصولاً حتّى إلى تهديدات بالعنف الجسدي" استهدفت مسؤولين عن تنظيم الانتخابات.

الهيئة الناخبة

ومع إدلاء كبار الناخبين بأصواتهم في كاليفورنيا، التي فاز بها على ترامب بفارق شاسع (أكثر من 63 في المئة من الأصوات)، تمكّن بايدن من تجاوز عتبة الـ 270 صوتاً اللازمة ليصبح الرئيس السادس والأربعين للولايات المتّحدة.

وسبقت كاليفورنيا، ولايات أخرى حاسمة صوتت أيضاً لمصلحته، وهي أريزونا وجورجيا وميشيغان ونيفادا وبنسلفانيا وويسكونسن. واعتمدت جميع الولايات نتائجها الخاصة، وحصل بايدن إجمالاً على 306 أصوات في المجمع الانتخابي مقابل 232 صوتاً لترامب.

ويقوم نظام المجمع الانتخابي بتوزيع 538 صوتاً على الولايات بناء على حجم السكان. والفائز في الانتخابات هو المرشح الذي يحصل على أكثر من 270 صوتاً.

وستكون الخطوة التالية في الكونغرس في السادس من يناير عندما يصادق المشرعون على تصويت المجمع الانتخابي. ومن المقرر أن يؤدي بايدن ونائبته هاريس اليمين في 20 يناير.

وهنّأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، بايدن على فوزه وتمنى له النجاح، معرباً عن أمله التعاون والتواصل وأن ينحي البلدان خلافاتهما جانباً لتعزيز الأمن العالمي.

وكذلك فعل الرئيس البولندي أندريه دودا، الذي تجمعه علاقة قوية مع ترامب، مؤكداً أنه "بعد تصويت المجمع الانتخابي، أود أن أهنئكم على اختتام العملية الانتخابية بنجاح لتصبح الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة، وأتمني لكم فترة ولاية ناجحة للغاية".

تعاون جمهوري

وإذ أمل بايدن في العمل بشكل مثمر مع ممثلي الحزب الجمهوري الذين أقروا بنتائج تصويت المجمع الانتخابي وانتصاره في الانتخابات، كشفت شبكة "سي أن أن"، أن سبعة أعضاء معظمهم من كبار الحزب عبّروا عن استعدادهم للعمل مع الرئيس الديمقراطي.

وأكد السيناتور الجمهوري رُوي بلانت أنه سيتعامل مع الرئيس المنتخب بعد تصويت المجمع الانتخابي، مشيراً إلى أن كل خيارات ترامب ما تزال متاحة لديه لمتابعة طعونه، واصفاً تصويت المجمع بأنه ذو دلالات.

وأعلن النائب الجمهوري عن ولاية ميشيغان بول ميتشل انسحابه من الحزب احتجاجاً على استمرار التشكيك في نتائج الانتخابات، واستيائه من عدم تقبل ترامب الخسارة، وانتقاداته لقضاة المحكمة العليا.

وأرفق ميتشل في تغريدة نص رسالة بعث بها إلى رئيسة اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري رونا مكدانييل وزعيم الأقلية في مجلس النواب كيفن مكارثي تتضمن أسباب قراره، معبراً عن خشيته من أن تلحق ضرراً على المدى البعيد بالديمقراطية الأميركية.

في المقابل، كشف موقع "أكسيوس" عن خطط لمشرعين جمهوريين للطعن في نتائج تصويت المجمع الانتخابي عندما يجتمع الكونغرس في السادس من الشهر المقبل للتصديق عليها.

وجدد ستيفن ميلر كبير مستشاري حملة ترامب التأكيد على أنه فاز، وأنه سيستنفد جميع الطرق القانونية المتاحة، مشيرا إلى أن معركة قلب النتائج ما تزال مستمرة رغم تصويت المجمع الانتخابي.

وزير العدل

وبعيد تأكيد المجمع فوز بايدن، أعلن ترامب، في تغريدة، استقالة وزير العدل وليام بار، وأنه سيغادر منصبه قبل أعياد الميلاد، مبيناً أنه جمعته به علاقة جيدة جداً وقام بعمل رائع.

مقعد جورجيا

في غضون ذلك، بدأ امس الأول التصويت المبكّر في مراكز الاقتراع في ولاية جورجيا في لحظة سياسية مصيرية جديدة تتمثل بانتخابات فرعية مزدوجة ستحدد ميزان القوى في مجلس الشيوخ.

وحظيت انتخابات الولاية المرتقبة في 5 يناير باهتمام على الصعيد الوطني، لأن نتيجتها ستساهم في تحديد إلى أي مدى سيتمكّن بايدن من تمرير أجندته السياسية عبر الكونغرس ليتم إقرارها كقوانين.

وسيكون على الديمقراطيين أن يفوزوا بالمقعدين، ليتمكنوا من السيطرة على مجلس الشيوخ، بينما سيكون على الجمهوريين المحافظة على مقعد واحد فقط لضمان احتفاظهم بالأغلبية.

وشدد الجمهوريون على أهمية الفوز بانتخابات جورجيا، التي يرون فيها آخر خطوط الدفاع في مواجهة ما يصفونها بأجندة اليسار الراديكالي.