المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي يضع قدماً في المفاوضات مع جو بايدن
• الرئيس الإيراني حسن روحاني: الطريق سالكة أمام واشنطن
• دعوة بريطانية لاتفاق أوسع يقيد أنشطة طهران
وسط نقاش داخلي إيراني حول التفاوض المحتمل مع إدارة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، كان المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي واضحاً، أمس، بقوله إنه يجب عدم تفويت أي فرصة لرفع العقوبات، رغم تحذيره من نوايا واشنطن، وتشديده على أن أي تفاوض يجب أن يؤمّن شروط إيران.
في أول ظهور علني له بعد شائعات ترددت عن تدهور صحته، جدد المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي تمسكه بسياسته السابقة من التفاوض مع الرئيس الأميركي الديمقراطي المنتخب جو بايدن بوضع رجل في المفاوضات والأخرى خارجها.وقال خامنئي خلال استقباله اللجنة المنظمة لإحياء الذكرى السنوية الأولى لمقتل قاسم سليماني، أمس، «إذا كانت هناك فرصة لرفع العقوبات، فلا ينبغي التأخر ولو ساعة للاستفادة منها»، لكنه شدد على أن «رفع العقوبات يجب أن يكون بأسلوب منطقي وصحيح، ويحفظ لإيران سيادتها وحقوقها».ويلخص مراقبون موقف خامنئي المبدئي بأنه إذا تمكنت أي حكومة إيرانية من الحصول على صفقة جيدة دون أن تتخلى عن شروط إيران المبدئية فستنال مباركته، وسيمنحها التغطية اللازمة.
لكن المرشد أضاف، خلال الاجتماع الذي عقد بطهران مع الالتزام بقوعد التباعد للوقاية من «كوفيد 19»: «العداء الأميركي لإيران ليس مقتصراً فقط على ترامب، ولن يتوقف عندما يرحل، فقد ارتكبت أميركا في عهد باراك أوباما أشياء سيئة بحق الأمة الإيرانية».وتابع: «لا تعولوا على وعود هذا وذاك من أجل حل مشاكل الشعب وتحسين مستقبل البلاد، لأنها ليست وعود الأخيار وإنما الأشرار، ولا تنسوا العداوات».واعتبر أنه يجب على المسؤولين في إيران التركيز على إفشال العقوبات الأميركية المفروضة على البلاد قبل التركيز على رفعها. وجاءت تصريحات خامنئي عن عدم التأخر لو لساعة في رفع العقوبات غداة تصريح مشابه للرئيس حسن روحاني في مؤتمره صحافي قال فيه انه اذا كان هناك مجال لرفع العقوبات فإن حكومته لن تتوانى حتى لحظة واحدة للمشي في ذلك الطريق.وكان روحاني يرد على سؤال اذا كان مستعداً للجلوس على طاولة المفاوضات مع بايدن بشكل مباشر او على طاولة مجموعة 1+5. وانتقد الأصوليون تصريح روحاني معتبرين انه اعطى ضوءا اخضر لبايدن.وفي رسالة داخلية، قبل أشهر من انتخابات رئاسية ساخنة، شدد المرشد الإيراني على ضرورة حل الخلافات بين التيارات السياسية عبر الحوار، وقال في هذا السياق: «ألم تقولوا إنه يجب حل الخلافات مع العالم عبر المفاوضات والحوار، إذاً لماذا لا يتم حل الخلافات الداخلية عبر الحوار أيضاً؟».من جانب آخر، جدد خامنئي تأكيد ضرورة «الاقتصاص من المحرضين وقتلة سليماني» الذي قتل بضربة أميركية جوية قرب مطار بغداد في 3 يناير الماضي.لكنه شدد على أن «الثأر سيتم متى ما سنح الوقت». ورأى أن «الصفعة الأقسى ستكون بالتفوق على الهيمنة الاستكبارية الخاوية وإخراج أميركا من المنطقة».
الطريق سالكة
في هذه الأثناء، دعا الرئيس الإيراني حسن روحاني، خلال اجتماع لحكومته، بايدن إلى العودة للاتفاق النووي الذي انسحب منه سلفه ترامب عام 2018.وأكد روحاني أنه «لسنا مبتهجين بمجيء بايدن، لكننا مسرورون برحيل المجرم الجبار ترامب الذي تسبب بعقبات أمامنا حتى لشراء لقاحات كورونا».وخاطب روحاني الرئيس الأميركي المنتخب بالقول إن الطريق أمام إدارته «مفتوح إن اختارت مساراً صحيحاً، ونحن جاهزون إن فعل ذلك». وأضاف أن بلاده «جاهزة للعودة إلى كل تعهداتها بموجب الاتفاق النووي في حال عودة الأطراف الأخرى إلى تنفيذ التزاماتها».وفي رد ضمني على تصريحات صدرت من أركان إدارة بايدن المقبلة حول تغيّر الأوضاع التي أدت إلى إبرام اتفاق 2015 مع إدارة أوباما، قال روحاني: «نعم كلامكم صحيح. إن الظروف اليوم تختلف. فقدراتنا النووية تطورت، وإذا كنا نمتلك خلال 2015 جيلين من أجهزة الطرد المركزي، اليوم نمتلك الجيل السادس. اليوم أصبحنا أقوى من أي وقت مضى». واستطرد قائلا إنه «عندما كنا نتفاوض حول الاتفاق النووي كانت هناك 6 سيوف على رؤوسنا» واليوم رفعت جميعها، في إشارة إلى القرارات الدولية ضد طهران. والاثنين الماضي، حذّر روحاني خصومه السياسيين من التيار المتشدد أنه لن يسمح «لمن يريد تأجيل إلغاء العقوبات بتأخير الخطوة لثانية»، في إشارة على ما يبدو إلى تلقفه تلميحات بايدن بالاستعداد لإحياء الاتفاق النووي وتوسيعه.وتلمح تصريحات الرئيس الإيراني المحسوب على الوسطيين إلى رغبته في الدخول في مفاوضات مع الإدارة الأميركية المقبلة، فضلا عن أن حديثه عن أن الحكومة لن تسمح بتأجيل رفع العقوبات، يشير إلى معارضته للبرلمان الذي أقرّ قبل أسبوعين مشروعا من شأنه أن ينهي الاتفاق النووي من خلال إلزام الحكومة بخطوات نووية حساسة تنهي الرقابة الدولية المشددة على البرنامج النووي الإيراني.نفي عراقجي
وجاءت تصريحات خامنئي وروحاني المتزامنة، بعد تقارير أفادت بأن نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية عباس عراقجي، الذي زار سلطنة عمان، الاثنين الماضي، للمشاركة في اجتماعات مقررة بين البلدين، التقى في مسقط مندوباً لبايدن. ونفى عراقجي، أمس، صحة هذه التقارير.دعوة بريطانية
في غضون ذلك، وبعد تقارير عن مشاورات غربية بين ممثلين عن إدارة بايدن ودول اوروبية وبريطانيا للتنسيق بشأن الملف النووي الإيراني والتوصل الى صيغة مقبولة للتعامل معه، وطالب نواب بريطانيون، في تقرير نشر أمس، المملكة المتحدة بقيادة جهد دولي للتوصل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران، مشددين على ضرورة اتخاذ موقف أكثر حزماً من طهران التي اتخذت عدة خطوات تنتهك اتفاق 2015 ردا على عقوبات ترامب التي أغرقت الجمهورية الإسلامية في ركود اقتصادي.وترى اللجنة البرلمانية للشؤون الخارجية أن اتفاق 2015 الذي تم بين طهران ومجموعة 5+1، الصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا وألمانيا، أصبح الآن «بقايا اتفاق ولا يمكن إصلاحه»، وهو ما يدعم مطالب إقليمية بضرورة توسيع الاتفاق الذي ساهم فيه بايدن عندما كان نائبا للرئيس أوباما.وقال رئيس اللجنة البرلمانية للشؤون الخارجية توم تاغندات: «على الرغم من النوايا الحسنة، كانت خطة العمل الشاملة المشتركة اتفاقية مبنية على أسس ضعيفة». وأضاف «يجب على حكومة المملكة المتحدة أن تتفاوض على بديل لمعاهدة 2015» يعالج القلق في مجال «الأمن الإقليمي»، في إشارة إلى أنشطة طهران بالمنطقة وتسلحها الصاروخي الباليستي.ويدعو أعضاء اللجنة لندن إلى الردّ بفاعلية أكبر على «نشاطات طهران الأوسع لزعزعة الاستقرار» في المنطقة. وقد أوصوا باعتبار «الحرس الثوري» الإيراني منظمة إرهابية، كما فعلت إدارة ترامب.وحذّر النواب طهران من «الاعتقال التعسفي» لأجانب أو مزدوجي الجنسية، معتبرين ذلك «احتجاز رهائن من قبل دولة».اجتماع إيران و«الخماسية»
وتزامن تلك التطورات مع عقد اللجنة المشتركة للاتفاق النووي جلسة مشاورات عبر «الفيديو كونفرانس» من فيينا، بمشاركة نواب وزراء الخارجية والمديرين السياسيين لإيران والصين وروسيا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا.
عراقجي ينفي لقاء مندوب أميركي خلال زيارته الاثنين إلى مسقط