● حدثنا عن الأجواء التي نشأت فيها وكيف انعكست أصداؤها على تجربتك الإبداعية.

Ad

- بين جو البيت وحكايات أمي التراثية ثم مرحلة المدرسة التي اكتشفتُ فيها لذة القراءة، كلها ظروف أسهمت في إبراز تجربتي وأنا أنتقل من محطة إلى أخرى، كتبت وأنا أتمسك بحلمي وأدافع عن أنفاسه. لم يكن النجاح سهلاً في الأعوام الماضية من عمري وتجربتي مع الكتابة، كانت هناك عقبات كثيرة، النشر لم يكن سهلاً كما هذه الأيام، مجرد صفحة على عالم "فيسبوك" تصنع منك أديبا تنهال عليك ألقاب الإبداع والتميز! كان المرء يستميت في محاولة نشر قصة عبر أي جريدة تقبل به.

سؤال صعب

● روايتك "وقت للخراب القادم"... لماذا وُصفت بأنها الأكثر جدلاً في البحرين؟

- كيف يمكن أن أمدح تجربتي في هذه الرواية بالذات؟ سؤال صعب... لكن أستطيع القول إن "وقت للخراب القادم"، صنعت نجاحها بنفسها، أصبحت كائناً مستقلاً عني، قريباً ستحقق طبعتها الثالثة، والساحة الثقافية العربية تناولتها في العديد من الدراسات النقدية، وهذا دفعها للمزيد من النجاح. أما مسألة "الأكثر جدلاً" فالعمل الأدبي حمّال أوجه، يعيد إنتاج ذاته مع كل قارئ بشكل مغاير، فهناك من اعتبر هذه الرواية المبشر باستشراف مستقبل الربيع العربي، لكونها جاءت في عام 2009.

● تكتب القصة القصيرة والرواية، على أي أساس تحدد القالب الأدبي الذي تسكب فيه نصك؟

- تداعي الفكرة وظروف نشأتها في داخل الكاتب هي ما يحدد سياقها في النهاية، مهم هنا أن تنشغل ككاتب بـ "ماذا تطرح وتقدم للمتلقي". حقيقة يشغلني كثيراً هذا الهاجس وأنا في محراب الكتابة، أضع أمامي الكثير من الأفكار، في النهاية نحن نُعيد طرح ما سبق وطرحه غيرنا، الفارق أننا نتفنن في تناول زاوية مخفية ونبدأ لعبة الكتابة. عالم القصة القصيرة جميل جداً، وهو "المحك" كي يبدأ الكاتب في فهم محركات كتابة الرواية واستيعاب عوالمها العميقة الغور، القصة والرواية هما المحرك الأول لشغفي.

هناك حالة من التبادل والحضور بين هذين العالمين صار كلاهما جسداً واحداً.. في بعض الأحيان أرجع لقصة قصيرة كتبتها من سنوات، أجد بها بذرة روائية قابلة للتجدد، وهنا أقتنص الفرصة. القصة تقوم برفد الرواية في تجربتي.

● يعاني كتَّاب كُثر من تراجع دور النقد وعدم مواكبته المنتج الأدبي، فما رأيك؟

- لهذه القضية أبعاد عديدة وإشكالية لا أستطيع تناولها هكذا في عجالة، لكن لنتفق هنا على مبدأ "الربح أو الخسارة" في عُرف الناقد حينما يرمي صنارة صيده في بحر السرد العربي، بلا شك سيمنّي نفسه بالسمك الكبير! الواقع اليوم هكذا يتحرك على عموم الساحة الثقافية العربية، المعادلة بهذه البساطة، فمن واقع خبرتي طوال الثلاثين عاماً هذا ما توصلت إليه.

على ذلك، هناك أسماء عربية كثيرة تبقى في الظل رغم جهودها، لا تجد من يلتفت إلى تجاربها الإبداعية، هذا ما يدفع الكثيرين نحو إغراء الجوائز، إلى درجة أن من ليس له علاقة بالأدب يبدأ البحث عن شراء رواية كي يرتدي قناع الكاتب ويحصد وجاهته! الكاتب قد يفرغ شحناته الساخطة على تجاهل النقد لمنتجه الأدبي، هذه المرحلة شخصياً تجاوزتها، ولم تعد الشغل الشاغل بالنسبة إلى تجربتي، يهمني بالأساس رجل الشارع العادي كقارئ، ولا أطلب بركات النخبة!

● كيف تنظر للمؤسسات الثقافية العربية؟ هل تراها تحتضن الكاتب بحق أم غاب عنها هذا الدور؟

- المؤسسات الثقافية العربية ذات الطابع الأهلي، هيكليتها الإدارية تقليدية الطابع، كما هو معروف في درجة عملها وتفاعلها، كثيراً ما تنشب فيها المشكلات والإشكاليات، تصبح فيها هيمنة مجلس الإدارة مصدر إعاقة لأي تطور، حيث تنخر فيها الشللية وتقاسم الامتيازات واحتكار القرار أو المنافسة السامة، وهذا ما يجعل الكثير من هذه المؤسسات طاردة للعمل الثقافي ولا تصلح لاحتضان ومساندة الأجيال الجديدة من الكتّاب العرب، اليوم أصبح الكل قادراً على تأسيس تجمعات ثقافية "فيسبوكية" وغيرها تحقق ما عجزت عنه مؤسسات كبرى.

● برأيك، هل كشفت "كورونا" هشاشة الملتقيات والمهرجانات والجوائز الأدبية الكبرى التي خفت بريقها في ظل الجائحة؟

- الجائحة عرّت عالمنا المعاصر بأكمله، والجانب الثقافي جزء من المشهد وليس كله، حيث شُلَت حركة السفر بين دول العالم، وطبعاً هذا أحدث خللاً في التواصل، ورغم ذلك هناك من نجح في التأقلم واستيعاب الصدمة، لستُ متشائماً لهذه الدرجة، لكنني متفائل بأن الساحة الثقافية العربية بالذات في طريقها لاستعادة عافيتها مع العام الجديد.

● ما المشروع الأدبي الذي تعكف عليه راهناً؟

- أكتب عملاً روائياً جديداً، وأيضاً عندي مجموعة قصصية قيد النشر، وهناك مشروعات أخرى في فرن الكتابة أضعها في خانة التحديات التي ينبغي عليّ مواجهتها مع بداية العام الجديد.

● القاهرة - أحمد الجمَّال