السوشيال ميديا بين سندان «الأُنس» ومطرقة «الفشيلة»
![تهاني الرفاعي](https://www.aljarida.com/uploads/authors/201_1683223496.jpg)
الأدهى من ذلك كله أنه حتى أنت أيها القارئ المتواضع، وجدت في تلك المواقع فرصة لك لتنهي علاقة ما أو تحظر أخرى. في كل بيت وأسرة صار "الأنفولو" و"البلوك" واسطة سد الباب وقطع الأرحام! تطوف بنا الأيام دون أن نستشعرها، تجرنا هذه البرامج لحفرة لا خلاص منها، ننشغل مع أخبار المشاهير، و"النيو لوك والتتوريال" إلى أن نقف عند من يستنجد بمتابعيه بمصيبة شخصية! وآخر يتباكى على طلاقه علنا، وأم تبكي عقوق ابنتها! باتت السوشيال ميديا باختصار بابا مجردا مشرعا يدعوك إلى أهله وداره دون حاجة للوثوق بك أولا، أصبحت مقولة "للبيوت أسرار" رثة! نضحك عليها في زمن حب الفضيحة والشر! وأصبح التستر على عثرات الآخرين استثناء لا يواكب عصر "كن بلا مبدأ تكن مشهورا". ولا عزاء لنا في جيل اعتاد على أن الفضيحة "سلاح" يبتز به من يريد، وأن المجاهرة بالخطأ "قوة وفرد عضلات" وأن الانحطاط "لايف ستايل"، وأنه لا رادع في زمن أباح المحظور والفشلة، لا عزاء لنا في جيل كبر وآمن أن الحياة "سمردحة" لا قانون ولا عرف يكبح جماح جنونه، وعند السوشيال ميديا ينسى أهله واسمه وبيته وسمعته في سبيل الشهرة والمال و"الأُنس" البائس! كلمة لكم: تعوذوا بالله من حب المال والشهرة فإنها تجركم للتعري كي يتسلى بكم الفارغون، ثم ما إن ينشغلوا عنكم، حتى تبقوا أنتم وعريكم تاريخا لا يمحوه مالكم! بل تبقون مجرد رواية خزي وعار يحكيها أحفادكم.