مازال الهجوم الإلكتروني الواسع الذي يستهدف وزارات عدة في الولايات المتحدة متواصلاً بعد اكتشافه في نهاية الأسبوع الماضي بينما ذكرت وكالات استخبارات أميركية أنها مازالت تحاول تقييم حجم الأضرار الناجمة عنه.وفي بيان مشترك، قال مكتب التحقيقات الفدرالي (FBI) ووكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية (CISA) ومكتب مدير الاستخبارات القومية المرتبط بوزارة الأمن الداخلي (ODNI)، إن «الوضع قابل للتطور ونواصل العمل لمعرفة الحجم الكامل لهذه الحملة مع علمنا أن هذا الاختراق أثر على شبكات للحكومة الفدرالية».
وأضاف البيان: «شكلت مجموعة التنسيق السيبراني الموحدة (UCG) فريقاً موحداً للتعامل مع الحادث وتنسيق استجابة الحكومة بأكملها معه. ويقوم مكتب FBI بالتحقيق وجمع المعلومات الاستخباراتية من أجل تحديد ومتابعة وتعطيل الجهات المسؤولة عن التهديد».وتابع البيان: «الوضع لا يزال يتطور وفي الوقت الذي نواصل العمل على تحديد حجم الحملة بالكامل، نعلم أن هذا الخطر أثر على شبكات إلكترونية تابعة للحكومة الفدرالية».وبينما ترأس الرئيس دونالد ترمب أمس الاجتماع الوزاري الأول له منذ مايو الماضي، تُعقد اجتماعات يومية عاجلة في البيت الأبيض بمشاركة مسؤولين من وكالات متعددة، لمعالجة اختراق الأنظمة المعلوماتية وإعداد الاستجابة للهجوم، الذي اكتشف بالصدفة يوم الأحد الماضي.
اجتماعات يومية
ونقلت شبكة «بلومبيرغ» عن مسؤول كبير قوله إن مسؤولي المصالح المعلوماتية يقدمون معطيات للمحققين، لكن لا يزال من غير الواضح المدة التي ستستغرقها عملية التحقيق.وقطع مستشار الأمن القومي روبرت أوبراين رحلة إلى الشرق الأدنى وأوروبا وعاد الثلاثاء إلى واشنطن للنظر في تداعيات هذا الهجوم.وكان مكتب التحقيقات الفدرالي أشار إلى أنه فتح تحقيقا لتحديد المسؤولين عن الاختراق ومتابعتهم. وإضافة إلى وزارة الأمن الداخلي، تضررت وزارة الخزانة والتجارة وعدة وكالات فدرالية من الهجوم، وفق معلومات نشرتها وسائل الإعلام.وقالت مجموعة مايكروسوفت إن الطرق المستعملة في الهجوم تشير إلى مسؤولية جهة تتبع دولة، لكنها لم تحددها. وأشارت وسائل إعلام أميركية إلى المجموعة الروسية «أي بي تي 29» التي تعرف أيضا باسم «كوزي بير».ووفق جريدة «واشنطن بوست»، تتبع تلك المجموعة أجهزة الاستخبارات الروسية وسبق أن اخترقت الإدارة الأميركية خلال رئاسة باراك أوباما.وبدا وزير الخارجية مايك بومبيو كأنه يوجه الاتهام إلى موسكو عندما صرح الاثنين أن الحكومة الروسية قامت بعدة محاولات متكررة لاختراق شبكات الحكومة الأميركية لكن السفارة الروسية في الولايات المتحدة أكدت أن «روسيا لا تقوم بعمليات هجومية في الفضاء السيبراني».تحديث «سولار»
وبدأ الهجوم في مارس، واستغل القراصنة تحديثاً لبرنامج طورته شركة «سولار ويندز» التي تتخذ تكساس مقراً، وتستعمله آلاف الشركات والإدارات حول العالم.وتواصلت عملية الاختراق أشهراً قبل أن تكتشفها مجموعة «فاير آي» للأمن المعلوماتي التي كانت هي نفسها ضحية هجمات سيبرانية الأسبوع الماضي.ووفق المجموعة، جرى استهداف شركات تعمل في مجالات الاستشارات والتكنولوجيا والطاقة في أميركا الشمالية وأوروبا وآسيا والشرق الأوسط.بدورها، أشارت سولار ويندز إلى أن ما يصل إلى 18 ألف زبون، بينهم شركات كبيرة ووكالات حكومية أميركية، حمّلت التحديث الذي طورته، ما سمح للقراصنة باختراق رسائل البريد الإلكتروني.ولم تُعرف حتى الآن المعطيات التي سعى القراصنة للحصول عليها وإن كانوا قد نجحوا في تحقيق مسعاهم.في ظل التهديد المتزايد، وجهت وزارة الأمن الداخلي جميع الوكالات الفدرالية بالتخلي فورا عن استعمال منصة سولار ويندز. وقال البيان المشترك إن الوزارة «في تواصل منتظم مع حكومتنا والقطاع الخاص وشركائنا الدوليين، وتوفر المساعدة التقنية لمساعدة المتضررين على التعافي سريعا من الحادثة».إقرار وتزوير
ورغم إقرار رئيس حملته عضو مجلس الشيوخ مايك لي فوز جو بايدن بالرئاسة، نشر ترامب فيديو على «تويتر»، مدعياً مرة أخرى حصول «عملية تزوير واسعة في الانتخابات».وورد في الفيديو أن «الرئيس خلق ملايين الوظائف وأنقذ الاقتصاد من وباء عالمي كما قاد اكتشاف لقاح للوباء. وفي المقابل كافأه المواطنون بأكثر من 74 مليون صوت، لكن شيئاً ما حدث، وسارعت بعض الولايات إلى بطاقات الاقتراع عبر البريد، وهي وصفة للتزوير».وادعى ترامب في الفيديو، الذي وضع «تويتر» إشارة تحذيرية عليه، أن «الأموات صوتوا في هذه الانتخابات وأضيفت أوراق اقتراع تحمل اسم بايدن في منتصف الليل»، مضيفاً: «الشعب الأميركي يستحق معرفة الحقيقة ويستحق انتخابات نزيهة وعملية فرز نزيهة».وانتقد ترامب زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل لإقراره بفوز بايدن، معتبراً أن ذلك «سابق لأوانه والشعب غاضب وعلى الحزب الجمهوري أن يتعلم القتال».تنصيب وأغلبية
وأفادت شبكة «سي إن إن» بأن ترامب «أبلغ بعض مستشاريه بنيته رفض مغادرة البيت الأبيض في يوم تنصيب بايدن ولن يغادره إلا إذا أُنزل من على الدرج».ونقلت الشبكة أمس الأول عن مسؤولين تأكيدهم أن ترامب «يميل أكثر فأكثر إلى إنكار» هزيمته حتى بعد مصادقة المجمع الانتخابي عليها، مشيرة إلى أن عدداً من أقرب مستشاريه دعوه إلى التخلي عن جهوده لمراجعة النتائج والشروع في وضع خطط لمستقبله السياسي، بما في ذلك إمكانية الترشح في انتخابات 2024.وأكدت الشبكة أن هذه التصريحات أثارت مخاوف مستشاري ترامب، لكن بعضهم لا يثقفون بأنه سيقدم في الواقع على المضي قدماً في تطبيق هذه الوعود.ووسط جدل محتدم دفع الاستخبارات لتأجيل نشر تقرير عن التأثير الأجنبي وخصوصاً الصيني على الانتخابات الرئاسية، احتدمت المعركة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي على الفوز بمقعدي مجلس الشيوخ المتبقيين في ولاية جورجيا، التي زارها نائب الرئيس مايك بنس للمرة الثالثة أمس.وخلال 48 ساعة فقط من انطلاق جولة الإعادة، صوّت نحو 330 ألفاً مبكراً في الانتخابات، التي يحتاج الجمهوريون لمقعد واحد والديمقراطيون إلى المقعدين لحسم الأغلبية وتمرير القرارات في الكونغرس وتعيين المناصب المهمة في الإدارة.