انتهت انتخابات مجلس الأمة لعام 2020 وفاز من فاز، وحتى الآن لم يعترض أحد على النتائج، ومن لديه شك أو اعتراض فإن أمامه الوسائل التي كفلها القانون خلال مدة محددة لتأكيد النتائج أو رفض ما شابها خلل، وما حدث من ظهور النتائج حتى جلسة اختيار أعضاء مكتب المجلس كان استمراراً لحالة الاحتقان وتبادل التهم التي تكاد تنسف رغبات الناخبين الذين أرادوا مجلساً للإصلاح وإنقاذ البلاد بوعي وإدراك للأولويات، والأهم والأكثر إلحاحاً والأنجع في إنقاذ البلاد من الفساد والتقهقر وتقديم الحلول المناسبة لذلك.لقد مللنا من مجالس الصراخ وإثارة الناس وطرح مشاكل بدون متابعة أو أي نية في الإصلاح مما أضاع علينا سنين في تنازع القوة دون أن نلتفت إلى ما وصلت إليه البلاد، لذلك أتمنى من أعضاء مجلس الأمة أن يتعلموا من النمل وذكائه وجلده وخططه وقدرته على النجاح في محاولاته دون أن نسمع له صوتاً، فالنمل يحدد الهدف ويسعى إلى الوصول إليه، ولا يمل أو يكل في محاولة الوصول إلى الهدف، ويتعاون بنظام دقيق في نقل ما يريد إلى مواقع التخزين التي يودع حاجته كلها ويؤمن عليها ويوزعها بنظام للجميع، لذلك أتمنى من أعضاء مجلس الأمة أن يفتحوا "غوغل" أو أي كتاب يشرح طريقة حياة وعمل النمل، وسيجدون ضالتهم في فهم طبيعة عملهم وتنظيمه وتحقيق الأهداف التي يتطلع إليها شعب الكويت.
أخشى أن تمر السنوات الأربع وهي عمر هذا المجلس ونحن نتخاصم لنجد أن الكويت انتهت بعد أن أكل الفساد وسوء الإدارة الأخضر واليابس، ونحن مشغولون في الخلاف والاختلاف، ومن هو على حق أو باطل، وتكون الكويت خاسرة لكل شيء، فإذا لم نتعلم شيئا من النمل فإننا سنستمر في تسجيل النقاط في لعبة مجتها النفوس وألهت الناس في تأييد هذا ورفض ذاك، والبلد يشكو مر الشكوى، والأسوأ أن الإدارة العامة لو أدارت البلد في ظل هذا الانقسام لاستمرت في أخطائها ولكبلت البلاد خسائر أكبر بدون رقيب أو حسيب.أتمنى، ونحن لسنا نملاً، أن نعمل بدون صوت، وأن نأخذ من الصمت حكمة، فنتناقش بهدوء ونختلف بود واحترام، ولا نضيع الوقت في من يحقق أكبر نقاط أو من صوته أعلى من الثاني، فالبلاد بحاجة لكل الأعضاء الخمسين ليكونوا يداً واحدة تعمل من أجل إصلاح وتطوير البلاد وإنقاذها من الفساد والفتنة.الكل ينادي بالإصلاح، والناخبون أتوا بهذا المجلس من أجل الإصلاح، ولو وحد النواب رؤاهم ووضعوا أيديهم على مكامن الفساد والخلل، وحددوا طريق الإصلاح فإن كل أسباب الخلاف تزول، وسينكشف النائب الذي يتراخى عن الممارسة النيابية الرفيعة الموجبة، ويعود بنا إلى المراوغة أو المناكفة. يكفي أن يتساءل المشرعون عن طرق اختراق الفاسدين للقوانين وسبب فشل المحاكم في محاسبة كبار المجرمين ليصلوا إلى خطة لسد ثغرات القوانين الرادعة وفتح القوانين الدافعة لتشجيع المخلصين، ويكفي أن يتساءل النواب عن عدد سجناء الرأي وأسباب سجنهم، ليعيدوا فتح نوافذ قوانين حرية الرأي. فبلد بدون حريات يدع الباب مفتوحا للفاسدين والمفسدين، والحكيم من يعرف قدرته وقدرة زملائه فيزكي للجان من أهم أكفأ وأقدر على المحاسبة والتشريع، وعليهم الانتباه للجان التي تتابع الفساد إن لم يكن بها الأجدر والأقوى على كشف الفساد، فالتغاضي عن خلل لجنة هو جريمة بحق كل المجلس، فالنائب يجب أن يكون متابعاً دقيقاً ولديه من المختصين القادرين على نصحه، وتوضيح ما خفي عنه، وتوفير البيانات التي تساعده في التقرير. أمام هذا المجلس قضايا شائكة قد لا يكون النائب مستعداً لتقبل بعض حلولها، وهنا يظهر النائب الذي يحمل هم الوطن والنائب الذي عينه على صوت الناخب، وهناك الكثير المطلوب من نواب الأمة، فنحن نريد منهم احترام الأمة ووقت المجلس والبدء الجاد بإصلاح البلد، وأن يتوقفوا عن إضاعة الوقت في ما لا منفعة من ورائه.
مقالات
تعلموا من النمل
20-12-2020