يوماً بعد يوم تتكشف معطيات جديدة نتجت عن الحرب الخاطفة، التي جرت في جنوب القوقاز بين أذربيجان وأرمينيا، وغيرت أمراً واقعاً عمره عشرات السنوات.

ووسط توتر للعلاقات بين طهران وتركيا، لأسباب بعضها معروف ومعلن، وبعضها الآخر تُعنى به دوائر محدودة؛ كشف مصدر دبلوماسي في طهران، لـ«الجريدة»، تفاصيل ما أسماه مخططاً تركياً لاستمالة الصين، على حساب الإيرانيين، وقد يضر كذلك بمكانة روسيا.

Ad

وقال المصدر إن هناك حراكاً تركياً في الصين يلقى دعماً من لوبي إسرائيلي معروف باسم «لوبي شانغهاي»، لثني بكين عن استخدام إيران وموانئها لنقل بضائعها إلى أوروبا عبر ممر إيران- أذربيجان- روسيا، واستبدالها بطريق «أكثر أمناً واستقراراً»، هو ممر طاجيكستان- أوزبكستان- تركمنستان براً (شاحنات وقطارات) إلى بحر قزوين، ثم إلى أذربيجان وتركيا فأوروبا على البر.

ولفت إلى أنه تبين أن أحد الأهداف الرئيسية لتركيا من حرب كاراباخ هو الممر البري، الذي منحه الاتفاق الثلاثي بين موسكو وباكو ويريفان لأذربيجان عبر أرمينيا للوصول إلى إقليم نخجوان الأذربيجاني، الذي لديه واجهة حدودية مع تركيا. وهذا الممر عملياً هو مفتاح خطة تركيا لوصل الشرق بالغرب عبر أراضيها.

ويوضح أنه بمجرد أن يتم وصل أذربيجان بنخجوان عبر الأراضي الأرمينية، بالطريق الذي يفترض أن تشرف عليه القوات الروسية، وهو عملياً الطريق الذي يفصل بين الحدود الأرمينية مع إيران، فإن طهران سوف تخسر على الأقل ضرائب الترانزيت من نحو 8 آلاف شاحنة كانت تمر عبر أراضيها أسبوعياً، إضافة إلى خسارة ورقة استراتيجية كانت بيدها على باكو.

ويقول هذا الدبلوماسي المطلع على بعض هذه التحركات، إن ما تقوم به تركيا حالياً هو بالأساس مشروع أميركي- تركي مشترك كان مقرراً أن يعبر جورجيا، دون الحاجة إلى ممر نخجوان، لكن بسبب تضاريس تلك المنطقة الصعبة للشاحنات والقطارات، بدأ التفكير في بدائل.

وإذ أشار إلى أن واشنطن تدعم وبقوة المشروع التركي، لكن حرصها على عدم تخويف الصين من الاستثمار به دفعها إلى البقاء في الخلف، كشف المصدر أن نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي عرض هذه المعلومات على الروس، خلال زيارته الأخيرة إلى موسكو، وأبلغهم أن الموضوع لا يتلخص فقط بفتح طريق من الصين إلى أوروبا، بل يشمل أيضاً إمدادات الغاز والنفط من الجمهوريات السوفياتية السابقة، مثل كازاخستان وأذربيجان إلى أوروبا عبر تركيا، لإيجاد بديل لإمدادات الطاقة الروسية. ويشار هنا إلى أن وزارة الطاقة التركية وقّعت اتفاقاً مع حكومة أذربيجان لإقامة خط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي إلى إقليم نخجوان، وهو ما يمكن أن يشكل بنية تحتية ملائمة.

ويختم المصدر بالقول إن أحد العراقيل التي تواجهها روسيا في التعامل مع هذه الخطة التركية هو رئيس الحكومة الأرمني نيكول باشينيان، الذي يرفض التعويل على التحالف التاريخي مع موسكو وطهران، ويحاول التقرب من الغرب.

طهران- فرزاد قاسمي