يوم لها وكل الأيام عليها
![خولة مطر](https://www.aljarida.com/uploads/authors/982_1671286347.jpg)
كم جميل أن تقول في وداع أحدهم "يومك سعيد" بدلا من "باي" المختصرة، وكأن الكلمة تتعب والنطق يتعب أكثر والعربية لا تمثل "التمدن" الحالي وهو في كثيره زائف أو على أقل تقدير سطحي جدا، وفي أحد الاجتماعات الافتراضية قبل أسابيع كان اللقاء باللغة الإنكليزية، فقالت إحدى المشاركات: "هل لي أن أعرف لماذا نتحدث الإنكليزية وكل المشاركين عرب؟" لم يأتها الجواب، بل لم يهتم أحد لسؤالها، وكأن المعتاد أن تكون الاجتماعات "البروفشينال" باللغة الإنكليزية أو أي لغة أخرى إلا العربية. أحد "المهضومين" قال العربية للشعر للمساءات الحالمة "للشعر أو الغزل ولكنها ليست لغة للعلم والعمل"، (عجبي) كيف يكون ذلك وكل العلوم بدأت بها ومن عندها وهي لا تزال لغة ملايين البشر في أكثر من 22 دولة، بل دول مجاورة للدول العربية؟ وحتى لو لم تكن كذلك فاللغة تعيش وتموت بناطقيها والمحافظين عليها والباقين على جمالاتها والعارفين أسرارها، وهي عملية تبدو صعبة إلا أنها سهلة جدا لو كانت المدارس والجامعات مراكز للعلم والتربية، كما كانت "أيام زمان"، أم أنها تحولت إلى "بوتيكات" ومحلات تجارية لكل حرف سعر فيها، ولكل درس كذلك، فقد سقطت اللغة العربية سهواً أو ربما عمداً من أولويات العاملين على المناهج التربوية والجالسين على الكراسي في مكاتب الوزارات والجهات المختصة التي عليها مهمة أكثر صعوبة وأهمية من الجيوش الحامية للحدود ومن الأجهزة الأمنية الواقفة عند حافة الحرف، أو الكلمة التي تنشر على صفحات التواصل الاجتماعي أو تردد في جلسات الرفقة الحميمية لأن "الحيطان لا تزال لها أذان"! مجرد أن انطفأت أضواء الثامن عشر من ديسمبر عادت العربية إلى الأدراج وأرفف المجمعات العلمية حيث الكتب يعلوها التراب، وفي لحظة يبدو أن اللغة مهددة بذاك الكم من التراب والغبار الذي لن ينجلي إذا بقيت هي حبيسة اليوم الخاص بها وغاصت طوال ايام العام الأخرى، في متاهات العاميات من اللهجات أو التعالي بالتشبث بلغات أخرى لأنها ترفع من قيمة المتحدث ربما!* ينشر بالتزامن مع «الشروق» المصرية