رحبت الدول الأعضاء في الاتفاق النووي الإيراني بالعودة المحتملة لإدارة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن للالتزام بالمعاهدة التي انسحب منها سلفه دونالد ترامب عام 2018.

وقال بيان صادر عن اجتماع وزراء خارجية الدول المشاركة في الاتفاق المبرم عام 2015، روسيا والصين وألمانيا وفرنسا وبريطانيا، إنها مستعدة لمعالجة مسألة عودة واشنطن المحتملة، في إطار رؤية إيجابية ومساع مشتركة.

Ad

ونقلت وزارة الخارجية الإيرانية عن وزراء خارجية الدول المشاركة في الاتفاق تأكيدهم، بعد اجتماعهم عبر دائرة تلفزيونية مغلقة أمس، التزامهم بحفظ المعاهدة التي تقيد البرنامج النووي الإيراني مقابل منح طهران امتيازات اقتصادية.

وبشأن ما يثار بأن الاتفاق النووي سيخضع لمفاوضات جديدة بهدف توسيعه ليشمل أنشطة طهران في المنطقة وتسلحها الباليستي، قال المتحدث باسم «الخارجية» الإيرانية سعيد خطيب زادة إنه «لا يمكن فتح هذا الملف مرة أخرى، ولا يمكن إخضاع الاتفاق النووي للتفاوض من جديد، والقرار 2231 واضح بهذا الشأن».

وتابع قائلاً: «لقد قلنا مراراً إن مفاوضات جديدة لن تجرى بشأن الاتفاق النووي وعلى الأطراف الأخرى العودة للالتزام بتعهداتها، أما ما يثار حول المواضيع الأخرى، فإيران أعلنت موقفها بوضوح في أنها لن تتفاوض مع أي أحد في قضايا تمس أمنها القومي ومصالحها العليا، وأن لديها أولويات وسياساتها الدفاعية التي تعمل على أساسها».

من جانب آخر، قال زادة إن هناك 15 دولة تجاور بلاده في الشمال والغرب والشرق والخليج، وأن جميع دول المنطقة صديقة للجمهورية الإسلامية وتمتلك علاقات قريبة معها، ما عدا واحدة.

دعوة وحث

في موازاة ذلك، دعا المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل غروسي، الرئيس الأميركي المنتخب، للعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران والدخول في مفاوضات.

وقال غروسي لشبكة «سي بي إس نيوز» عن البرنامجين النوويين لكل من الجمهورية الإسلامية وكوريا الشمالية: «انسحاب ترامب الأحادي الجانب من الاتفاق النووي مع إيران زاد المخاطر».

ورأى أن إيران قللت تدريجياً من تنفيذ التزاماتها بالاتفاق منذ انسحاب ترامب وإعادته فرض عقوبات مشددة عليها، مضيفاً أن «إيران تتقدم في برنامجها النووي، ومن الجيد أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية موجودة فيها، ويمكنها الإبلاغ عن التطورات».

من جهته، حث وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إيران على عدم تفويت فرصة احتمال عودة بايدن إلى الاتفاق النووي.

وقال ماس إن على إيران تفادي اتخاذ أي خطوات تكتيكية تجعل من الصعب على بايدن التراجع عن قرار الانسحاب. وأضاف: «لنجعل التقارب مع الولايات المتحدة في عهد بايدن ممكنا، يجب ألا تضيع هذه الفرصة. هذه الفرصة السانحة الأخيرة».

تصاعد الخلافات

في غضون ذلك، دعا الرئيس الإيراني، حسن روحاني، إلى إعادة النظر في الدستور الإيراني واللجوء إلى الاستفتاء الشعبي، وذلك كحلّ للخلافات المتصاعدة بين أجنحة السلطة بشأن القضايا المهمة.

وفي تصريحات له في مؤتمر «الحقوق الأساسية والمواطنة» في العاصمة طهران، أشار روحاني إلى طبيعة نظام الحكم في إيران وركنيها (الجمهورية والإسلامية)، داعياً إلى اختيار نظام انتخابي حزبي حسب القوائم، واعتبر أن عدم وجود هذا النظام الانتخابي قد أدى إلى صعوبات ومشاكل.

ورغم إشادته بالدستور، دعا الرئيس المعتدل، الذي يواجه حصارا بمختلف المجالس التي تخضع لهيمنة التيار المتشدد، إلى إعادة النظر في مواده، وقال إنه «لم يحدث منذ 31 عاما». وأكد روحاني أنه «لا يوجد فهم وتفسير مشترك بين السلطات الثلاث للدستور». ورأى أن دعوة برلمانيين للإشراف على أعمال الوزراء «ناتجة عن تفسير خاطئ للدستور».

وأضاف أن الرقابة على أعمال الوزراء هي من صلاحيات رئيس الجمهورية الذي قال إنه «ثاني أعلى مسؤول في البلاد» بعد المرشد الأعلى، مشيرا إلى أن الدستور قد حدد الجهة المخولة بتسيير مواده، في إشارة إلى مجلس «صيانة الدستور».

ووجّه روحاني اتهامات غير مباشرة لـ «مجلس صيانة الدستور» واتهم بإصدار تفسيرات مختلفة لمواد الدستور مع اختلاف الفترات الزمنية. وطالب باللجوء إلى آلية الاستفتاء لحل الخلافات الأساسية إذا لم يكن هناك توافق في الآراء وهو ما لم يحدث من قبل.

وفيما لم يحدد القضايا الخلافية التي يمكن إجراء الاستفتاء بشأنها، فإن الدعوة إلى ذلك تمثّل تدبيرا له للاستقواء بالشارع. ويأتي ذلك بعد إقرار البرلمان قانونا يلزم الحكومة بإبطال الالتزامات المنصوص عليها في الاتفاق النووي وهو ما رفضه روحاني.

وإضافة إلى الخلاف بشأن الالتزامات النووية، يحتدم الصراع بين التيار الإصلاحي والتيار المتشدد حول صلاحيات رقابة مجلس صيانة الدستور على أهلية المرشحين لخوض الانتخابات وطبيعة علاقات الجمهورية الإسلامية مع الغرب والولايات المتحدة «هل هي مواجهة أم معاملة».