لبنان يقر رفع السرية المصرفية لتسهيل التدقيق الجنائي
أقر مجلس النواب اللبناني أمس، اقتراحاً بقانون يرمي إلى تعليق العمل بالسرية المصرفية لمدة سنة عن كل من تعاطى في الشأن العام من مصرف لبنان والوزارات والإدارات العامة لمدة سنة.وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن القرار الذي صدر عن مجلس النواب جاء رداً على رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون بهذا الخصوص، مضيفة أن الاقتراح هو دمج أربعة اقتراحات مقدمة من كتل نيابية. وكان مجلس الوزراء وافق في 21 يوليو الماضي على الاستعانة بشركة «الفاريز ومارسال» للقيام بمهمة التحقيق الجنائي في مصرف لبنان، لكن المصرف لم يسلم الشركة سوى بعض المستندات والمعلومات التي تطلبها، كي تباشر التدقيق الجنائي في المصرف، بسبب قانون السرية المصرفية المعتمد في البلاد.
وأعلن وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني يوم 20 نوفمبر الماضي أن «الفاريز ومارسال» أبلغته بإنهاء الاتفاقية الموقعة مع وزارته حول التدقيق الجنائي لعدم حصولها على المستندات.ويشكّل التدقيق الجنائي في حسابات المصرف أبرز بنود خطة النهوض الاقتصادي التي كانت أقرتها الحكومة للتفاوض مع صندوق النقد الدولي قبل فشل تلك المفاوضات. كما ورد ضمن بنود خريطة الطريق التي وضعتها فرنسا لمساعدة لبنان على الخروج من دوامة الانهيار الاقتصادي.وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام، بأن مجلس النواب أقر الاقتراح بعد دمج أربعة اقتراحات قوانين ببعضها «وفقاً للقرار الذي صدر عن مجلس النواب» الشهر الماضي.وكان البرلمان صوت في نهاية نوفمبر لمصلحة إجراء التدقيق الجنائي «دون أي عائق أو تذرّع بالسرية المصرفية» رداً على طلب من رئيس الجمهورية ميشال عون.وحذر المحامي نزار صاغية، المدير التنفيذي لـ»المفكرة القانونية»، منظمة غير حكومية متخصصة بشؤون قانونية وتُعنى بشرح القوانين وتفسيرها، أن يكون إقرار القانون «مجرد خطوة استعراضية (...) أما التطبيق فهو أمر آخر».وأوضح أن القانون «يتيح التدقيق الجنائي فعلاً لكن شرط أن تقر الحكومة التدقيق وتكلف شركة جديدة بالأمر من دون مماطلة».وأشار صاغية إلى إشكالية أساسية في القانون تكمن في تعليق السرية المصرفية مدة عام، وأوضح أنه «في حال صدر تقرير التدقيق الجنائي بعد عام، ووصلنا به إلى المحكمة، فسنعود إلى الإشكالية ذاتها مع إعادة العمل بالسرية المصرفية». وكان البرلمان أقر في مايو الماضي قانون رفع السرّية المصرفيّة عن المسؤولين في الدولة، في خطوة لقت أيضاً تشكيكًا من المراقبين الحقوقيين.وتسير حكومة تصريف الأعمال برئاسة حسان دياب شؤون البلاد منذ استقالتها بعد انفجار مرفأ بيروت، فيما تعذر على رئيس مجلس الوزراء السابق سعد الحريري، الذي جرى تكليفه في أكتوبر تأليف الحكومة، إتمام مهمته حتى الآن بسبب الانقسامات السياسية.ويشهد لبنان منذ العام الماضي انهياراً اقتصادياً تزامن مع انخفاض غير مسبوق في قيمة الليرة. وتخلفت الدولة في مارس عن دفع ديونها الخارجية، ثم بدأت مفاوضات مع صندوق النقد الدولي جرى تعليقها لاحقاً بانتظار توحيد المفاوضين اللبنانيين وخصوصاً ممثلي الحكومة ومصرف لبنان تقديراتهم لحجم الخسائر وكيفية تنفيذ الإصلاحات.وقال النائب ابراهيم كنعان من تكتل «لبنان القوي» الذي يتزعمه جبران باسيل، إن «إقرار رفع السرية المصرفية والتدقيق الجنائي يعني أن طلب رئيس الجمهورية للمجلس النيابي بات قانوناً»، مضيفاً أن «المجلس النيابي أثبت جديته بالتدقيق الجنائي».من ناحيته، أعلن النائب عن «حزب الله» حسن فضل الله أنه «بعد المصادقة على قانون رفع السرية المصرفية ونشره بالجريدة الرسمية يمكننا البدء بالتدقيق الجنائي».وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قال أمس، خلال استقبال وفد من جمعية اندية الليونز الدولية – المنطقة 351 (لبنان والأردن وفلسطين) إن «معركة القضاء على الفساد دقيقة جداً، لكننا لن نتراجع ابدا»، كاشفاً أن «فرنسا التي تريد أن تساعدنا تطالب بالتدقيق المالي والولايات المتحدة كذلك تماماً كالبنك الدولي. لكن هناك مقاومة لا تزال قوية بوجهه، لأن ما من أحد من الفاسدين يرضى بتسليم نفسه».وشدد عون على «أننا لن نتهم أحداً قبل أن يظهر في التحقيق بهذا المرض المزمن من هو مرتكب الخطأ الجسيم الذي أدى إلى إهدار أموال الدولة وأموال المواطنين. نحن نعيش في مجتمع توالت الجروح في جسمه ونفسه لكن الضرر الكبير أصاب الطبقة الفقيرة والوسطى ادخرت بعض المال لوقت الحاجة. وقد ظهر تزايد العوز عند المواطنين، من دون ظهور أي حركة إصلاح حتى الآن، بسبب وجود مقاومة للأمر». إلى ذلك، عاشت منطقة الكحالة في محافظة جبل لبنان توتراً أمس بعد مقتل أحد أبنائها ويدعى جوزيف بجاني برصاص مسلحين. وذكرت تقارير محلية أنّ «ثلاثة مسلحين ملثّمين نفذوا عملية الاغتيال إذ أقدموا على إطلاق الرصاص من مسدس كاتم الصوت على الضحية، بينما كان يهمّ بنقل أولاده إلى المدرسة، فأُصيب بطلقات عدة نقل على أثرها إلى مستشفى السان شارل، لكنه ما لبث أن فارق الحياة».ووفق المعلومات فإنّ «الضحية يعمل موظفاً عادياً في شركة ألفا للاتصالات، أي أن منصبه لا يخوّله الوصول لأي معلومات لكنه يعمل مصوراً مع أحد عناصر الأجهزة الأمنية».