الكاتب فيصل الحبيني: السيرة الذاتية للفاشل لا تقل قيمة وجمالاً عن تجربة الناجح

«لا جواب لمعرفة من أنا ولا يمكننا أن نكتب عن ذواتنا»

نشر في 23-12-2020
آخر تحديث 23-12-2020 | 00:05
الكاتب فيصل الحبيني
الكاتب فيصل الحبيني
ضمن فعاليات معرض الكتاب الافتراضي للكتاب في دورته الـ 45، أقيمت محاضرة بعنوان «جماليات الفشل في كتابة الذات» للكاتب فيصل الحبيني.

وفي البداية، قال الحبيني إن عنوان المحاضرة يحمل أربعة مفاهيم فلسفية وهي الفشل، والجمال، والكتابة، والذات، وجمع كل هذه المفاهيم في عنوان واحد، يبدو أنه يتطلب الكثير من الحماقة وبعضا من الشجاعة، مضيفا أن «الفلاسفة كرسوا وقتهم على مر التاريخ لفهم هذه المفاهيم ومحاولة تحليلها، والعملية مستمرة إلى الآن».

جهد ومثابرة

وذكر الحبيني أنه قسم المحاضرة إلى أربعة أقسام، وتحدث في القسم الأول عن الفشل، قائلا: «إن رجعنا إلى القواميس والمعاجم، فستجد الفشل مرتبطا بمفاهيم مثل الجبن، والتراخي والكسل، وأنا شخصيا عندما قرأت هذه المفردات، وجدت أنها مجحفة في حق الإنسان الفاشل، فمثلا ألا يفشل الشجعان؟ ألا يفشل المثابرون؟».

وأوضح أن «الفشل لا يعني أننا لم نقم بالأمر على النحو المطلوب، بل يعني أننا لم نصل إلى حيث نريد، والمشكلة تكمن في أنه لا أحد يرى أبدا الجهد والمثابرة في رحلتك هذه، بل سيرون فقط أنك لم تصل إلى المكان الذي عليك الوصول إليه».

وأضاف أن «المشكلة لا تكمن هنا، بل عندما تبدأ أنت بالإيمان بأنك لم تكن شجاعا بالشكل الكافي أو مثابرا بالشكل المطلوب، وأن المكان الخطأ الذي وصلت إليه ليس مكانك، ولكن على المرء ان استطاع القلق والرعب الذي يتلبسه في هذا المكان الجديد، الذي لا يسمونه النجاح، إن استطاع أن يرى فيه محطة لمكان آخر قد يكون هو نجاحه، أو قد يكون مكانه، وإن استطاع أن يرى جمالا في هذا المكان، هل يملك الشجاعة لأن يقول لآخرين إني وجدت جمالا هنا؟».

النجاح والفشل

وأكد أن إيجاد الجمال لا يحتاج أن ترى أمامك فحسب، ولا تفكر في ما قاله الآخرون، أو بأيديولوجيتك أنت في تعاريفها للنجاح أو الفشل، مضيفا «من شأن الفشل أن يكشف عوالم جديدة لن يكون من المفترض أن تظهر على السطح، ولذا الفشل ليس فقط طريقة لإعادة تعريف الأشكال والتقنيات والطرق فحسب، بل يعيد تعريف طريقة تفكيرنا كذلك، وجرأتنا على أن نكون أول من نصف شيئا ما أنه جميل».

وتابع «وعلينا أن نعي أن الفشل ليس نتيجة خطأ، بل نتيجة تجربة لا تقل قيمة وجمالا عن تجربة أولئك الذين يسمونهم الناجحين».

وتساءل «لماذا لا نقرأ سيرة ذاتية لفاشلين؟ ولماذا نقرأ السير الذاتية للناجحين فقط؟ فأنا أريد أن أقرأ سيرة ذاتية لإنسان فاشل، وأقول نعم أتفهم لماذا قام بذلك، نعم أنا أعرف هذا الشخص».

ويرى الحبيني أن الجهد الذي يخوضه الفاشل في استقبال خبر الفشل والتعايش أكبر من الجهد المطلوب من الناجح في أن ينجح، مشيرا إلى أن الفاشل هو بطل بلا حكاية يتباهى بها.

موضوع فلسفي

أما في القسم الثاني من المحاضرة، فتناول الحبيني «كيف نجد الجمال من الفشل»، ومن مقتطفات ما قاله، ان «الفن ليس كرياضيات، ففي الرياضيات لا يُقبَل الخطأ بل نمحوه، أما الفن فهو يحتضن الأخطاء ويربيها، ويتباهى بها، ليس لأن الفن يتقبل الأخطاء، بل لأنه لا يراها كذلك»، مشيرا إلى أن «الفن لديه القدرة أن يرى قيمة وجمالا في الشيء الذي نحن نسميه الخطأ».

وتطرق بالقسم الثالث إلى «الفشل باللغة»، مشيرا إلى أنه «موضوع فلسفي عميق نستطيع أن نتحدث عنه في عدد لا نهائي من المحاضرات».

وقال إن «العبارة محاولة لقول شيء ما، إلا أن اللغة خادعة، لأن كل كلمة لها صورة مختلفة في رأس كل شخص منا، فنحن لا نشاهد العالم ذاته فكل منا لديه رؤيته».

وتحدث الحبيني في القسم الرابع عن «الفشل في معرفة الذات»، قائلا «من أنا؟ أقترح أن أمحو علامة الاستفهام خلف هذه الجملة»، لافتا إلى أن «علامة الاستفهام تعطينا انطباعا بأننا مطالبون بجواب، وفلسفيا لا يوجد جواب لمعرفة من أنا، ولا يمكن أن نعرف أنفسنا ولا يمكننا أن نكتبها، ولا يمكن أبدا أن نكتب الذات، فالذات كالحاضر، لا يمكن أبدا أن نمسك بها لأنها تتدفق».

فضة المعيلي

الفاشل هو بطل بلا حكاية يتباهى بها
back to top