حماية ملاك العقارات ومستأجريها
هل يعقل أن يشكل الاستثمار العقاري هذه النسبة العالية في حياة الاقتصاد الكويتي كالكثير من الدول، وأن تمس أحواله صعوداً ونزولا أفراد المجتمع كافة، في حين لا نجد هيئة عقارية مهنية تتابع أوضاعه وقوانينه، وما يتعرض له من انفلات واختناق؟ وهل يمكن أن يكون هذا القطاع بهذه الأهمية، حيث ينافس الصناعة والتجارة والخدمات في كمية المبالغ المستثمرة فيه، ولا نجد له صوتاً متماسكاً متبلوراً في البرلمان أو الحياة الاقتصادية عندما تتأثر قضايا تمس أوضاع القطاع ومعاناة الملاك والمستأجرين تحت وطأة الصعود والنزول، حيث تعم الشكوى والبلوى لتتدخل القوانين المتعجلة والحلول المرتجلة، ويزداد الحال تردياً؟!هناك منذ أكثر من سنة حملة ضخمة ظالمة ضد من تسميهم الثقافة الإعلامية الكويتية للأسف "الوافدين"، والبعض لا يكاد يتردد عن المطالبة بالإلقاء بهم خارج الحدود في أقرب فرصة وتشديد القوانين، وآخرون يريدون باسم "التكويت"، التعجل في "تعديل التركيبة السكانية" دون الأخذ بالحسبان الإهمال الحكومي الطويل والفوضى الاقتصادية وتضارب القوانين وغياب الرؤية التنموية.وهناك من لا يدرك حجم المساهمة الاقتصادية والاستهلاكية للكتلة السكانية من المقيمين والقوى الاقتصادية البشرية من مختلف الجنسيات التي لا تحرك الاقتصاد فحسب، بل تعطي معنى ودخلاً للعمارات والمجمعات والمنازل، وهي في النهاية تشكل قوة حيوية للاقتصاد تخدم كبار المستثمرين وصغارهم والدخل الوطني.
لماذا لم ترتفع أصوات الملاك والعقاريين الكويتيين دفاعاً عن سكان هذه العمارات ودورهم البالغ الأهمية في تسيير عجلة الاقتصاد الكويتي، وتُركوا وحدهم يدفعون ثمن غياب السياسات العقارية والسكانية المدروسة، وبات الجميع فريسة للمزايدين والشعبويين وطلاب الشهرة وتحقيق الأمجاد السياسية وغيرهم؟ هذا التخبط الاقتصادي الذي يحذر منه طارق المطوع رئيس مجلس إدارة إحدى شركات التجارة والمقاولات حول "الانخفاض الكبير في نسبة إشغالات الشقق إضافة إلى تراجع الطلب بشكل واضح"، جدير بالالتفات من قبل قادة الفعاليات الاقتصادية والدولية وحتى المجلس ومطوري القوانين، ولكن صوت "المطوع" وحده لا يكفي، كما يضيف هو نفسه، فعلى جميع القطاعات العقارية إعادة النظر في موضوع الإيجارات، كما "يجب على الملاك وضع استراتيجيات للفترة القادمة والمحافظة على المستأجرين". (الجريدة، 8/ 11/ 2020) القوانين والصحافة وبعض الفعاليات السياسية تتحدث بأعلى صوت وتتفنن في طرق "محاصرة الوافدين" وسرعة التخلص منهم واعتصارهم واختصارهم، رغم دورهم الرئيس الأساسي في القطاعين العام والخاص ودوران كل الدواليب وإثراء الحياة الاقتصادية والاجتماعية في كل مجال. لا نرى مع هذا، جبهة متراصة واضحة السياسة بمستوى التحدي، لدى الفعاليات والشركات العقارية ذات المصلحة والتي تعاني اليوم بسبب أزمة الوباء كالمستأجرين، وقد كانت هذه هي الحال أو ما يقاربها، قبل جائحة كورونا وربما يكون الوضع أسوأ بعدها للأسف.تطوير القطاع العقاري سيخدم، كما لا يخفى، مختلف قطاعات السكان بمن في ذلك الكويتي متوسط الحال الذي يفكر في شراء شقة مثلا، حيث الشكوى اليوم من غياب القوانين وغموض الالتزامات، ويحميه من تجار الغش والتلاعب داخل الكويت وخارجها.