عقدت الهند وإيران وأوزبكستان أول اجتماع ثلاثي لمناقشة كيفية استعمال ميناء "تشابهار" بطريقة مشتركة، فترأس الاجتماع مسؤول الشحن الهندي سانجيف رانجان، ونائب وزير النقل الأوزبكستاني دافرون ديهكانوف، ونائب وزير النقل الإيراني شهرام آدم نجاد. كان استخدام هذا الميناء لعمليات التجارة والترانزيت ولتقوية العلاقات الإقليمية من أبرز النقاط على جدول أعمال الدول الثلاث. يشتق حرص الهند على استكشاف هذا الخيار من رغبتها في توسيع علاقاتها وصولاً إلى أوراسيا، كذلك أعربت أوزبكستان عن اهتمامها باستعمال الميناء كنقطة عبور نحو المحيط الهندي وأداة لتوسيع خياراتها في قطاع التجارة والترانزيت، فقد سبق أن بدأت أوزبكستان بتطوير مشاريع سكك حديد باتجاه أفغانستان كوسيلة للوصول إلى سكك الحديد الإيرانية، مما يعكس جدّية العاصمة طشقند في مساعيها، وفي الوقت نفسه تهتم دول أخرى في آسيا الوسطى، مثل كازاخستان، باستكشاف هذا النوع من الخيارات.نظراً إلى أهمية موقع آسيا الوسطى الجيواستراتيجي، تشهد هذه المنطقة أيضاً مستوىً لافتاً من المنافسة بين القوى العظمى، وتُعتبر المنطقة جزءاً من نطاق النفوذ الروسي، وقد حافظت موسكو تقليدياً على دورها الطاغي في العلاقات القائمة مع آسيا الوسطى، لكن بدأت الصين تقوي بصمتها هناك تدريجاً، كذلك تحاول الهند من جهتها تعزيز علاقاتها الجيوسياسية والاقتصادية مع هذه المنطقة.
قد يغيّر ميناء "تشابهار" جزءاً من الديناميات الإقليمية لمصلحة الهند، ففي المقام الأول، قد يصبح هذا الموقع بوابة نحو آسيا الوسطى وأوراسيا، والأهم من ذلك هو أنه يسمح بتجنب المرور بباكستا، ومنذ سنة، أعفت إدارة ترامب الهند من العقوبات تمهيداً لتطوير الميناء نظراً إلى مصالحها مع الهند وأفغانستان معاً. قال مسؤول في الإدارة الأميركية حينها: "لقد قمنا بإعفاء بسيط لتطوير ميناء "تشابهار" وبناء خط سكك حديد لتصدير منتجات النفط المُكررة إلى أفغانستان".على صعيد آخر، أصبح الترابط الإقليمي ومشاريع البنى التحتية جزءاً أساسياً من أجندة أوزبكستان، إذ يعتبر هذا البلد ميناء "تشابهار" صلة وصل مفيدة له منذ فترة، ففي يونيو 2018، غداة اجتماع سابق بين رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس الأوزبكي شوكت ميرضيايف على هامش قمة "منظمة شنغهاي للتعاون"، أعلن وزير الخارجية الهندي فيجاي جوخال أن الزعيمَين يريدان استعمال ميناء "تشابهار" كصلة وصل إضافية بين البلدين.خلال القمة الثنائية بين الهند وأوزبكستان قبل أيام، لم يكن مفاجئاً أن يتمحور النقاش حول مشاريع البنى التحتية وتعزيز العلاقات الإقليمية، فقد وقّع البلدان على تسع اتفاقيات حول مكافحة الإرهاب ومسائل مرتبطة بالبنى التحتية، فاتفق مودي وميرضيايف على مشاريع مشتركة عن طريق مبادرة "ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب". يمتد هذا الممر متعدد الوسائط على 7200 كلم تقريباً ويشمل شبكة من السفن وسكك الحديد والطرقات البرية لنقل الشحنات بين الهند، وإيران، وأفغانستان، وآسيا الوسطى، وأذربيجان، وباكو، وبندر عباس، وموسكو، ومومباي، وترصد دراسات الجدوى الحاصلة حتى الآن تراجعاً ملحوظاً في تكاليف النقل، بمعدل 2500 دولار مقابل كل 15 طناً من البضائع، وتحاول الهند أيضاً إشراك أوزبكستان في مشروع "ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب".أخيراً، سيكون دعم الهند للاتفاق الثلاثي كي تستعمل أوزبكستان ميناء "تشابهار" أساسياً في سياق أي تعاون ثنائي أو ثلاثي أو شراكة إقليمية واسعة النطاق، لكن هذه الخطوة الجيوسياسية تُعتبر محورية أيضاً للتصدي للنفوذ الصيني المتزايد في المنطقة، حيث تتفوق الهند على الصين من حيث القدرات المرتبطة بهذا القطاع، لكن تُخطط نيودلهي للاستفادة من المشاريع القائمة راهناً لتوسيع نطاق نفوذها وعلاقاتها كي تحصل جمهوريات آسيا الوسطى على خيار بديل عن "مبادرة الحزام والطريق" الصينية.* راجيسواري بيلاي راجافوبالان *
مقالات
الهند وإيران وأوزبكستان تحاول تعزيز الترابط الإقليمي في آسيا الوسطى
23-12-2020