«چم سعرك؟!»
لسنا بحاجة للاستعانة بزرقاء اليمامة لنرى المشهد جيداً... المشهد العاري طبعاً! ولسنا بحاجة للبحث عمن يعمل منهجياً على تجفيف العقل، والقلب أيضاً، في زمن تكبر فيه تجليات الفساد! كم من الأسماء أصبحت تختال في مستنقعات الفساد، بعد أن جربت كل أنواع الوحول، بما فيها وحول "السفالة".
إن ما يحدث ليس مجرد مأزق أخلاقي، بل هو "مهزلة" كبرى... وربما أكثر من ذلك. كاتب لا يفرق بين أبعاد الحرية وأبعاد "الببغاء" بعد أن تم تحويله إلى مجرد غاسل أطباق! وصحافي يمارس هواية النفاق، عارضاً نفسه على الرصيف السياسي، ليتحول إلى "نافخ كير"! وإعلامي أقفل عقله لأسباب غرائزية، ليمتلئ جيبه بالمال- المال الحرام- ليصبح بعد ذلك بضاعة على الأبواب، وأنتم تعلمون أي أبواب! ومثقف ينظّر على (الآخرين) من السماء، رغم أنه معروض في مزاد علني... صالح للمدى القصير. وأكاديمي تمتلئ آذانه، وجيوبه، بالصمت... ليصبح مجرد ورقة، وربما ورقة توت، تسقط أمام جاذبية المال. وناشطٌ بصوت مرتفع- أقل من قامته- يتوج نفسه وصياً على الناس، لا يخجل من وجهه، يتم تحريكه بواسطة الخيوط! ونائب.. بوجهه الرث، يثرثر بثقافة الحرية وهو لا يجيد أكثر من ثقافة الإقصاء، ليتبين لنا أن هذه الثرثرة لم تكن أكثر من "ثغاء برلماني"... مع الاعتذار للماعز!وسياسي بيديه- وصوته الملطخ- يُصر على أن يبقى ظلاً للآخرين! لسنا بحاجة بعد كل ما سبق أن نتصفح المشهد، بكل ما فيه من وجوه رثة كُرست لضرب الناس والأوطان، دون أخلاق ولا كرامة، لأن "حقيبة الذل" تعرف جيداً هذه الوجوه، الوجوه التي كتب عليها "السعر"... دون أن نسأل أحدهم "چم سعرك؟".وعندما تصبح المهنة- عهر بخمسة نجوم- باباً لترويج الانحطاط، والزيف، والكذب، والخديعة، وإسقاط الأخلاق و"الكرامة"... ليس مهماً بعد ذلك البحث، أو محاولة إيجاد النسبة التي تجعل "الشخص" يشعر بالعار، لأن العار أصبح خجولاً وضائعاً أيضاً. على "الناس" أن تعي ما يحدث، وألا ينخدعوا بما يسوّق لهم، بالخديعة والتضليل، وأن يجدوا طريقاً للأقدام والعقول- والقلب أيضاً- لا للرؤوس الضائعة، بل يجب أن ينتبهوا جيداً لهذا المشهد الواضح، الشبيه بالزجاج... ولن نقول: حجراً واحداً يكفي! مهزلة واضحة وفاضحة أيضاً، يجب أن يكون الصوت الصادق والوجه الصادق، هو وجه الناس ووجهتهم، ومهما كثرت الأقدام الهمجية، يجب إيقافها.ولكن هل من نهاية لهذه "المهزلة"؟!