قبل أيام قليلة فقط من خروجها من السوق الموحدة، تمكنت بريطانيا والاتحاد الأوروبي، أمس، بعد مفاوضات ماراثونية من تنسيق اتفاق تجاري تاريخي لمرحلة ما بعد «بريكست»، بحسب مصدر حكومي.

وبعد انتقال المفاوضات، منذ الاثنين، إليهما لتجاوز الجمود في مسألة الصيد، كرست محادثات رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، صباح أمس، تسوية تأخر الإعلان عنها قليلاً بسبب «صراع على أرقام تتعلق بصيد السمك». وقبل أن تعقد فون دير لايين والمفاوض عن الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه مؤتمراً صحافياً، قال متحدث باسم الحكومة البريطانية إنه «تمّ الاتفاق».

Ad

ونشر جونسون، الذي حقق فوزاً كاسحاً في انتخابات العام الماضي لتعهّده «إنجاز بريكست»، صورة له وهو يحتفل، مؤكداً أنه «تم الاتفاق».

وأكدت فون دير لايين أنه «اتفاق جيد ومتوازن» و«منصف» للطرفين والمملكة المتحدة تبقى «شريكاً موثوقاً»، مضيفةً أنه «يسمح لنا بالتأكد أخيراً بأن بريكست أصبح خلفنا».

وفي حين اعتبرت وزيرة التجارة الدولية ليز تروس أن الاتفاق سيؤدي إلى «علاقة تجارية قوية» مع بروكسل وشركاء آخرين حول العالم، شددت رئيسة وزراء اسكتلندا على أنه حان الوقت لتصبح دولتها المنضوية تحت التاج الملكي البريطاني «دولة أوروبية مستقلة».

وتسمح نتيجة هذه المفاوضات الشاقة، التي بدأت في مارس، للطرفين بتجنب «بريكست» بلا اتفاق يكون مربكاً على الصعيد السياسي ومضراً على الصعيد الاقتصادي.

ويفترض أن يصادق البرلمان الأوروبي في وقت لاحق على النص المؤلف من ألفي صفحة، في إجراءات تستغرق أياماً.

وعلى الرغم من وزنه الاقتصادي الضئيل، يرتدي هذا القطاع أهمية سياسية واجتماعية للعديد من الدول الأعضاء، بينها فرنسا وهولندا والدنمارك وأيرلندا. لكن البريطانيين جعلوا منه رمزا لاستعادة سيادتهم بعد «بريكست».

وتركزت المفاوضات على تقاسم نحو 650 مليون يورو من المنتجات التي يصطادها الاتحاد الأوروبي، كل عام، في مياه المملكة المتحدة والمدة التي ستحدد لتكيف الصيادين الأوروبيين مع الوضع الجديد. وتم حل القضيتين الأخريين اللتين كانتا عالقتين -طريقة تسوية الخلافات وإجراءات الحماية من أي منافسة غير عادلة- في الأيام القليلة الماضية.

ويشكل إبرام نص خلال عشرة أشهر، بعد أربع سنوات ونصف من استفتاء يونيو 2016، إنجازاً مهماً للندن وبروكسل، خصوصا لاتفاق بهذا الحجم، لأن المحادثات في مثل هذه الحالات تستغرق عادة سنوات.

وبهذا الاتفاق، قد يسمح الاتحاد الأوروبي لبريطانيا بدخول غير مسبوق لسوقه الضخم، الذي يضم 450 مليون مستهلك، بدون رسوم جمركية ولا حصص.

لكن هذا الانفتاح مرفق بشروط صارمة، إذ يتعين على الشركات البريطانية احترام عدد معين من القواعد، التي يتم تطويرها على مر الوقت في مجالات البيئة وقانون العمل والضرائب لتجنب أي إغراق. وواصل الجنيه الإسترليني المكاسب وسط توقعات بقرب الاتفاق، وصعد 0.4 في المئة إلى 1.3546 دولار في التعاملات الآسيوية، بعد 0.9 في المئة في الجلسة السابقة أنهى به سلسلة خسائر استمرت 3 أيام متتالية.