حتى لا تتكسر مغازل الإصلاح والتطوير
رحم الله الشيخ ناصر صباح الأحمد الذي اشتعلت في صدره حماسة الإصلاح والتطوير واستئصال عروق الفساد التي لا تفلح في إطفائها ثلوج القوقاز، اللهم اجزه خير الجزاء واجعله في مقعد صدق عندك يا مليك يا مقتدر، وكان رحمه الله، كما قال حجة الإسلام الغزالي "غزلت لهم غزلا دقيقا فلم أجد لغزلي نساجا فكسَّرت مغزلي"، فقد وضعت أمام مشاريعه وخطواته التطويرية الإصلاحية كل العقبات فمات قبل إنجازها، رحمه الله.نوابنا الأعزاء أولوياتكم ليست أولويات الجماهير ولا تلامس العصب الحساس لديهم، إنهم يريدون أموراً من أجلها تأتي الحكومات فتحتل القضايا الأمنية والاجتماعية من صحة وإسكان وتعليم وفرص عمل الصدارة بلا إهمال أمور الإصلاح الأخرى لاستئصال الإعاقات والتشوهات في نظامنا السياسي، فلا نجد في الغرب والشرق الذي تحكمه حكومات منتخبة مطالبات باستقلال القضاء وتغيير الدوائر الانتخابية ونظام الانتخاب ولا المطالبة بإطلاق الحريات السياسية، ولا الإفراج عن سجناء الرأي، ولا يوجد مطالبات بالقبض على سراق المال العام؛ إذ إن هذه الإجراءات مستقرة على الوضع الأمثل والمؤسسات على أتم ما يكون في تحقيق معنى سيادة القانون وشمول تطبيقه. هناك تجد الخلاف إما في قضايا كبرى تمس المصالح الكبرى مثل دمج الألمانيتين أو الانسحاب من السوق الأوروبية المشتركة أو تقليض بعض العقوبات أو تقليلها أو تعديل قوانين ثبت عدم رضا الناس عنها، أو ظهرت لها آثار أضرت بالمجتمع أو تتم مناقشة شأن برامجي صرف يتعلق بالإسكان والصحة والتعليم وإيجاد فرص العمل فضلا عن السياسة الخارجية.
أحذركم أيها النواب من أن تجركم الحكومة إلى الدوائر الحمراء لتفريغ طاقتكم وإنهاككم وإنهاك المواطنين معكم في إدارة طواحين الدواوين في النقاش حول قضايا هامشية، فمسألة من صوّت لرئاسة المجلس والتشكيك في البعض ممن لا يدور حوله الشك وتحريك الإشاعات حوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي أليس هذا لعبا بالنواب والجماهير وخلق كرنفال مضحك مرهق؟واضح أن النواب قد التهمهم سديم ضاعوا فيه، والجماهير التقمهم ثقب أسود من المكر الحكومي، وغاب ما تريد الحكومة غيابه وهو اتخاذ القرارات المصيرية من قبل الحكومة وتقديم برنامج العمل الذي نصت عليه المادة ٩٨ من الدستور فور تشكيلها، وكان يفترض أن الأعضاء ومن ورائهم الجماهير قد تركزت إرادتها في برنامج العمل، وصاغت القوى الشعبية الحية مسوَّدة برنامج العمل الحكومي وغرسته في قناعة الجماهير ورجال الحكم، وتم اختيار الحكومة بناء عليه، ولكن للأسف بالرغم مما كتبته فإنه لا صدى لما كتبنا وأخشى أن أحطم مغزلي.