في حكم قضائي بارز، ألغت محكمة الاستئناف المدنية، برئاسة المستشار خالد الهندي، وعضوية المستشارين عبدالمحسن الطبطبائي، وفارس الفهد، حكم محكمة الدرجة الأولى بإلزام مواطنة بتعويض مسؤولة في وزارة الصحة بمبلغ 5 آلاف دينار، لتقديم المواطنة البلاغ إلى النيابة العامة، وهيئة مكافحة الفساد ضد المسؤولة، وانتهى الأمر إلى حفظ القضية.

وقالت «الاستئناف» المدنية، في حيثيات حكمها، إن التبليغ عن الجرائم من الحقوق المخولة للأفراد، ومن الواجبات المفروضة عليهم، والتي يترتب على الامتناع عن أدائها وقوع الممتنع تحت طائلة العقاب، وفقاً لما تقضي به المادة 14 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، ومن ثم فهو حق مشروع لكل من يباشره في حدود القانون، ولا يسأل المبلغ عن التعويض لمجرد كذب بلاغه، وما قد يلحق المبلغ ضده من ضرر، بسبب هذا التبليغ، بل يجب أن يتوافر في حقه العلم بكذب الوقائع التي أبلغ عنها، وأنه أقدم على التبليغ بقصد الإساءة والإضرار بالمبلغ ضده، أو ثبوت أن هذا التبليغ قد حصل عن تسرع ورعونة وعدم احتياط، دون أن يكون لذلك مبرر مع توافر قصد الإساءة والإضرار لديه، وهو بذلك لا يسأل عن التعويض إلا إذا انحرف في استعمال حقه في التبليغ عن الغرض المقصود منه واستعمله استعمالاً كيدياً ابتغاء مضارة الغير، وتقدير قيام هذا الانحراف أو انتفائه هو من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع دون معقب متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.

Ad

وقالت المحكمة إن الثابت في الأوراق أن المستأنفة قد تقدمت بشكواها إلى الهيئة العامة لمكافحة الفساد ضد المستأنف ضدها الأولى وآخرين بتهمة الاستيلاء على المال العام، وان الهيئة باشرت عملية جمع استدلالات وسماع أقوال الشهود وانتهت إلى أن الواقعة، تثير بين طياتها، شبهة جرائم الاستيلاء، وتسهيل الاستيلاء على المال العام، مع الاقتران بتزوير محررات رسمية المجرمة قانوناً، وقررت تقديم البلاغ إلى النيابة العامة لاتخاذ ما تراه مناسبا، والتي كانت قد باشرت التحقيق في البلاغ المقدم من الهيئة بناء على شكوى مقدمة من المستأنفة ضد المستأنف ضدها الأولى وآخرين بتهمة الاستيلاء على المال العام، وأنها قررت حفظ التحقيق إدارياً لاستبعاد شبهة الجريمة والتزوير في محررات رسمية.

وبينت المحكمة أنه لما كانت تلك الوقائع على نحو ما سلف تظهر أن البلاغ الذي تقدمت به إلى المستأنف ضدها الثانية لم يكن وليد اللحظة، أو ناتجاً عن تسرع ورعونة من المستأنفة، إنما سبقه بلاغ تقدمت به إلى وزير التعليم العالي بهذا الخصوص، كما أنها ساندت شكواها بشهود وأدلة قدمتها إلى المستأنف ضدها الثانية، وأن الأخيرة جمعت الأدلة ومحّصتها ورأت جدية البلاغ فتقدمت به إلى النيابة العامة، مما يدل على أن المستأنفة لم تكن عند تقديمها البلاغ إلى المستأنف ضدها الثانية تعلم عدم صحة البلاغ، أو انها انحرفت في استعمال حقها في التبليغ عن الغرض المقصود منه واستعملته استعمالا كيدياً ابتغاء مضارة المستأنف ضدها، الأمر الذي تخلص معه المحكمة إلى انتفاء ركن الخطأ أساس المسؤولية عن التعويض، ومن ثم يتعين القضاء برفض الدعوى، وإذ انتهى إلى الحكم إلى ما يخالف هذا الرأي فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون متعيناً القضاء بإلغائه ورفض الدعوى.