أكثر من 22 ألف معارضة واستئناف في قضايا الجنح معرضة للسقوط بالتقادم لعدم تحديد جلسات لها أمام دوائر المحكمة الكلية، والسبب عدم وجود أي ملفات لتلك القضايا في المحاكم؛ لاحتفاظ الإدارة العامة للتحقيقات بها عبر مخازنها المخصصة للحفظ، رغم عدم أحقيتها بذلك الحفظ، مادامت تلك القضايا رُفِعت إلى المحكمة الكلية وأصبحت في عهدتها.لا يجوز قانوناً أن تعاد ملفات القضايا الجزائية في قضايا الجنح إلى الإدارة العامة للتحقيقات لاعتبارين؛ الأول أنها خصم في تلك الدعاوى الجزائية، وحفاظا على محتويات تلك الملفات وأدلتها فلا يجوز لها أن تحتفظ بها، إذ يتعين أن تكون هذه الملفات بعهدة المحكمة الكلية وحدها، وذلك لحسن سير العدالة، والاعتبار الآخر يتمثل في أن هناك العديد من القضايا التي تصدر فيها أحكام غيابياً بحق الكثير من المتهمين المحبوسين يتعطل أمر الفصل بقضاياهم لأن ملفاتها لدى إدارة التحقيقات، وأمر الحصول على تلك الملفات بات أمراً مرهقاً وصعباً ويستغرق أياماً عديدة.
كما أن الواقع لا يبرر إعادة الملفات إلى «التحقيقات» خصوصاً إذا ما صدرت أحكام بالبراءة وقسم الادعاء العام لديه مكاتب في محكمة الرقعي، وبالإمكان إرسال صورة من الملف والطعن على الحكم مباشرة وفق المواعيد المحددة في القانون فقط، ولا يستدعي الأمر إحالة الملف برمته إلى قسم الادعاء أو إدارة التحقيقات، التي يتعين عليها وعلى مسؤوليها التأقلم مع واقع التراسل الإلكتروني والاستعلام الذي لا يبرر نقل الملفات برمتها من مبانٍ إلى أخرى وتخزينها، بل يتعين عليها التفاعل مع الواقع الذي تشهده المحاكم اليوم والنيابة العامة حتى لا تغرد خارج سرب التراسل الإلكتروني!سقوط الأحكام القضائية في قضايا الجنح وسقوط الغرامات المصاحبة لتلك الأحكام هي من نصيب المال العام والخزانة العامة، والتسبب في ذلك عمداً أو إهمالاً أمر يجرمه قانون حماية الأموال العامة، والواجب أن تتحرك كل من وزارة العدل ممثلة بوكيلها وإدارة كتاب المحكمة الكلية من جانب، ووزارة الدخلية و»التحقيقات» من جانب آخر، لإيجاد حلول مناسبة لملفات قضايا الجنح المتراكمة والعمل على تحديد جلسات لها لسرعة الفصل فيها، والتقرير بسقوط التقادم لمن فاتها ميعاد نظر الدعاوى المقرر قانوناً لنظرها، والاستعجال بنظر التي لم يتقرر سقوطها بالتقادم، والعمل على توفير التراسل الإلكتروني للملفات التابعة لإدارة التحقيقات أو الادعاء العام.الواقع الحالي كذلك لقضايا تراكم معارضات واستئنافات الجنح وصعوبة تحديد جلسات لها وعقد البعض منها من دون أي ملفات لدى المحاكم أمر بات مرهقاً على المتقاضين، ويستدعي التحرك من المسؤولين نحوه لما له أهمية بالغة على حقوق الناس وحرياتهم، خاصة في ظل ما تتطلبه إدارة تنفيذ الأحكام التابعة أيضا من «الداخلية» من ضرورة تحديد المحاكم لجلسات لنظر المعارضات والاستئنافات لرفع البلوك عن المتقاضين، في حين أن المتسبب من جانب آخر عن عرض الملفات للفصل بها هي «التحقيقات» وهي إدارة زميلة لتنفيذ الأحكام!
مقالات
مرافعة: سقوط الجنح وملفات التحقيقات!
29-12-2020